14 أكتوبر, 2018

خلال كلمته في افتتاح مؤتمر "الأديان.. والثقافة والحوار" في مدينة بولونيا الإيطالية..شيخ الأزهر: نعلم طلابنا في الأزهر قيمة احترام ثقافات الشعوب وحرمة الاعتداء عليها أو المساس بها

 -  الإرهاب الذي يرعب الآمنين لا يمكن أن يكـون صنيعة قـوم يؤمنـون بالدين وبتعاليمه

-  "الأزمة الأم" في عالمنا هي "أزمة السلام" وتجارة السلاح وإشعال الحروب بين الشعوب

-  طمـوحات المؤمنين بقضية السلام العالمي لاتزال أكبر مما يتحقق على أرض الواقع بكثير

-  جرثومة أزمة عالمنا المعاصر تكمن في سـياسة التفرقة العنصرية وهـوس الهيمنة والتسلط

-  فرض ثقافة واحدة على الآخرين هو ضرب من العبث يسبح ضد الإرادة الإلهية ومآله الفشل

-   أقدر للبابا فرنسيس اهتمامه وجهوده الدائمة من أجل الفقراء والبؤساء والمستضعفين

 

شارك فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، اليوم الأحد، في افتتاح مؤتمر "الأديان.. والثقافة والحوار"، الذي تنظمه جمعية "سانت إيجيديو"، في مدينة بولونيا الإيطالية، في الفترة من 14 إلى 16 أكتوبر الجاري، بمشاركة نخبة من كبار القيادات الدينية والمفكرين والمثقفين في العالم.

وألقى فضيلة الإمام الأكبر، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أعرب في بدايتها عن اعتزازه العميق بشعب إيطاليا العريق، علما وحضارة وفنا، والذي تربطه بمصر علاقات وطيدة، علمية وثقافية وفنية، لا يزيدها مرور الزمان إلا متانة وعمقا وعطاء، لافتا لوجود حرص متبادل بين البلدين على استمرار التعاون البناء المثمر في كل المجالات.

وأشار فضيلته إلى أن "أزمة العالم المعاصر" هي نتاج "الأزمة الأم"، المتمثلة في "أزمة السلام" وتجارة السلاح وسياسة إشعال الحروب بين شعوب كانت ولا زالت مصممة على الانطلاق والسير – على قدر ما تستطيع في طريق التنمية والتقدم والرخاء، معتبرا أن جرثومة أزمة عالمنا المعاصر تكمن في سـياسة التفرقة العنصرية الجديدة، وما ينتج عنها من هـوس الهيمنة والتسلط، واسـتباحة القوة لإخضاع الآخر لمجرد اختلاف هذا الآخر في ثقافته.

وأوضح فضيلته أن الأديان بريئة من الدماء التي تراق باسم هذا الدين أو ذاك، وأن الإرهاب الذي يرعب الآمنين، ويسرق منهم أمنهم واستقرار حياتهم، لا يمكن أن يكـون صنيعة قـوم يؤمنـون بالدين وبتعاليمه، وهو بكل تأكيد صناعة قـوم آخـرين ممن يسـهل وقوعهم فريسة للتضليل والإغواء وغسل الأذهان، والمتاجرة بالضمائر والنفوس، لافتا إلى أن طمـوحات المؤمنين بقضية السلام العالمي، وبحق المسـاواة بين الناس والعيش المشترك بينهم لاتزال أكبر مما يتحقق على أرض الواقع ودنيا الناس بكثير.

وأوضح فضيلته أن الله خلق الناس مختلفين في أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وعقائدهم وطرائق تفكيرهم اختلافا كبيرا، ومن هنا يصعب كثيرا على المؤمن بالله وبكلماته، إن لم أقل يستحيل عليه، قبول دعاوى أو نظريات تحاول قولبة الناس في مظهر واحد من مظاهر العقل أو الشعور أو الاجتماع أو غيرها، وإننا لازلنا نتعلم في الأزهر ونعلم طلابنا قيمة احترام ثقافات الشعوب، وحرمة الاعتداء عليها أو المساس بها من قريب أو بعيد، مشددا على أن محاولات فرض ثقافة واحدة على الآخرين هي في أفضل أوضاعها ضرب من العبث يسبح ضد الإرادة الإلهية، ومآله معروف ومصيره إلى الفشل.

وفي ختام كلمته، دعا الإمام الأكبر إلى ضرورة أن يبحث كل المؤمنين بالإنسان وبقيم العدل والمساواة عن وسيلة عملية عاجلة تنقذ الفقراء والايتام والمستضعفين، وتنقذ الشعوب المستضعفة من القتل والتهجير القسري من بلادهم وأوطانهم، على مرأى ومسمع من مثقفي العالم وحكمائه وعقلائه، فلم تعد هناك جهة رادعة للعابثين بأرواح الآخرين وبدمائهم وحقهم في الاستقرار في أوطانهم، ولم يعد لهؤلاء البؤساء من ناصر أو صارخ يعيد إليهم حقوقهم، معربا عن تقديره لحضرة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، لاهتمامه وجهوده الدائمة من أجل الفقراء والبؤساء والمستضعفين.

وألقيت خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر رسالة من البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، دعا فيها لضرورة العمل بقوة من أجل مد الجسور وليس بناء الجدران، كما شارك في الجلسة رئيس وزراء إيطاليا الأسبق روماني برودي، ورئيس أساقفة مدينة بولونيا الإيطالي، ورئيس البرلمان الأوروبي.