26 فبراير, 2019

ردّ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على بيان جماعة الإخوان الإرهابية الصادر في صباح يوم السبت الموافق 2019/2/23

أصدرت جماعة الإخوان الإرهابية بيانًا، نشرته عَبْرَ موقعها الرسمي، بعنوان: "رسالة الإخوان المسلمين: عزاءٌ مؤجَّلٌ وقصاصٌ مُستحَقّ"، وقد صدّرت الجماعةُ بيانَها بقول الله تعالى: "وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ" (سورة البقرة: 154)، وهو استشهادٌ في غير موضعه وتحريفٌ للكَلِم عن مواضعه، فالشهداء الحقيقيون هم مَن يُدافِعون عن أوطانهم ضد كل مُعتَدٍ ويَدفعون أرواحهم فداءً لحماية ترابها وسمائها وأهلها وكلّ مَن يعيشون على أرضها، وليس هؤلاء الذين يُرَوِّعون أهلَ وطنهم ويُهَدّدون أمنهم وأمانهم ويَسعَونَ إلى نشر الفساد والفوضى فى ربوعه.
وقد دعا بيان الجماعة الإرهابية المصريين صراحةً إلى العمل على نشر الفَوضى في رُبوع بلادهم التي ينعمون فيها بالأمن والأمان؛ ليكشفوا بذلك عن وجههم القبيح الذي طالما حاولوا إخفاءه لخداع الشباب، ولتتضحَ أهدافهم الحقيقية والبعيدة المنال، وليعترفوا صراحةً بأنهم جماعةٌ تمارس العنف، وأنّ هذا دَيْدَنهم، وأن هذا الهدف البائس واليائس الذي يَسعَون إلى تحقيقه هو هدم أركان الدولة وإيقاع الفتنة بين أبنائها، والدخول في مُعترَك الفَوضى وتيه الاحتراب الذي عانت منه دولٌ عديدة في المنطقة.
وممّا يَسترعي الانتباهَ عنوان هذا البيان الذي تَصَدَّر بعبارة: "عزاءٌ مؤجَّل"، وهو لا شَكَّ عنوانٌ له دلالته، فهو استدعاءٌ واضح لثأر الجُهّال، ودعوةٌ واضحة للخروج على مؤسسات الدولة ونظامها العامّ.
ويوَضِّح "المرصد" أن هذه الرغبة الجامحة لدى الجماعة الإرهابية في الثأر والانتقام لا عَلاقةَ لها بتعاليم الدين، والذي تُحاوِل الجماعةُ عبثًا اختطافَه وتوظيف تعاليمه لخدمة أغراضهم الخبيثة؛ لا سيّما وقد تضمَّن البيانُ اعترافَ الجماعة بأنهم والنظام في مُفاصَلةٍ، وقد وصلوا وإيّاه لمنتصف الطريق، ولا بُدَّ من مواصلة السير، وإلّا لو تراجعوا فلن يُحيوا ما مضى، ولن يُنقِذوا ما تَبَقّى! والمُطالِع لنِتاج جماعة الإخوان من خلال ما سطّرته أقلام كُتّابهم يدرك مدى تطرفهم وانحرافهم عن تعاليم الدين الحقيقية، وأن ما يقومون به لا يخدم تعاليم هذا الدين الذي أَرسل الله نبيه به رحمةً للعالمين، وأن نظرتهم للمجتمع ثابتة لا تتغير، فالمجتمع في نظرهم مجتمعٌ جاهلي، يتحاكم إلى طواغيت، ومن ثمَّ ففكرة الخروج والتمرد على هذا المجتمع مُتأصّلة عندهم، ولا أدلَّ على ذلك مما كتبه "سيد قطب" عن الحاكمية والجاهلية وتكفير الحكومات والمجتمعات المسلمة بدعوى ترك الحكم بما أنزل الله! وقد استند البيان إلى بعض أشعار هذا المتطرف لإلهاب حماسة الشباب وحثّهم على القتل والإرهاب، والحقُّ الذي لا يُنْكَر: أنَّ نَصبَ العداء لدولةٍ نعيش على أرضها ونستظلّ بسمائها ونأكل من خيراتها، من العبث الذي يتنزّه عنه العقلاء.
وغير خافٍ أنّ من واجبات المسلم أن يكون وفيًّا ومُحبًّا لوطنه، وحاميًا ومدافعًا عنه بكل ما يملك من قولٍ أو فعلٍ، وأن حُبّ الأوطان من الإيمان، وأنّ ذلك مما تؤيّده العقيدة الإسلاميّة والسنة النبوية، بل ويتفقّ عليه أصحاب الفِطَر السليمة، والعقول المستقيمة.
وتأمّل إن شئتَ وتعجَّبْ ما شئتَ من هذه التناقضات الواردة في هذا البيان؛ ففي حين أن الجماعة تدعو إلى ثورةٍ تُنقِذ الوطن، يذكر البيان أنَّ المكتبَ العامّ لجماعة الإخوان الإرهابية يمدّ يديه، ويفتحُ أبواب مؤسساته مُشرَعةً أمامَ كلِّ غيورٍ ضمن إعدادٍ لم ولن يتوقف إلا بنصرٍ تَقرّ به أرواحُ الشهداءِ، ويُذهبُ به اللهُ غَيظَ قلوب المؤمنين! وهذه الدعاوى من شأنها تمزيق الدولة، والزّجُّ بشبابها ورجالها في دائرةٍ مفرغة، تُسفك فيها الدماء، وتتسع الهُوّة بين نسيج المجتمع المصري؛ مما يعود ضرره إلى الجميع دون استثناءٍ لأحد، فإن مركَب الوطن إذا تعرَّضت للغرق ــ لا قدّر الله ــ فلن ينجوَ أحد.
ويتساءل "المرصد" عمّن يقف وراء هذه الجماعة ويدعمها بالمال والسلاح لتقومَ بهذا الإعداد؛ حتى تتمكّنَ من سفك دماء الأبرياء والمدافعين عن أمن أوطانهم والواقفين على الثغور، ظلمًا وعدوانًا.. من أين لهم بهذا المدد الذي يجعلهم يعلنون أن أبوابهم مشرعة لهؤلاء الذين سيقفون في وجه وطنهم؟ أليس هذا إعلانًا صريحًا عن خيانة الجماعة الإرهابية واعترافًا بعمالتها ؟!
ويؤكّد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف؛ أن جماعة الإخوان الإرهابية تسير على خُطى "داعش" وغيرها من الجماعات المتطرفة، التي تسعى إلى نشر الفوضى، وتحقيق أجنداتٍ خفيّة، وتُحاوِل عبثًا أن تُهَدِّدَ أمنَنا وأماننا، وأن الواجب على كلّ فردٍ يعيش على أرض مصرَ أن يحافظ على تماسك الوطن، ويعمل على تنميته، ويسعى إلى ازدهاره، فحبُّ الوطن لا يتحقق بالعبارات الرنانة، والأقوال البرّاقة، والشعارات المُزيَّنة والمزيفة، والهتافات الجذابة، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأفعال الأفراد وتصرفاتهم، وحريٌّ بكلّ فردٍ في المجتمع أن يُظهِرَ حبّه لوطنه؛ بالالتزام بالقوانين والأنظمة، والمحافظة على سلامة ممتلكاته والحرص عليها، وأن يؤدّيَ مهامّه ووظائفه بإخلاصٍ وحبّ، وأن يحافظ على مال الوطن وثرواته ومُقَدّراته ضد عبث العابثين ومكر الماكرين.
حَفِظَ اللهُ مصرَ وشعبَها من كلّ مكروهٍ وسوء.

 


كلمات دالة: مرصد الأزهر