العقيدة الإسلامية سَمْحة متسامحة تبني الإنسان وتورث المحبة
الإيمان بالغيب ركيزة أساسية من ركائز الإيمان في عقيدتنا الإسلامية
اللجنة العليا للدعوة الإسلامية: غياب العقيدة لدى الإنسان تجعل منه كائنًا مهزوزًا
من معطيات نجاح المجتمعات ثباتها النفسي.. ولا ثبات بدون عقيدة سليمة
في إطار المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، استضافت جامعة أسيوط اليوم الإثنين، أسبوع الدعوة الإسلامية، وجاءت الندوة الأولى بعنوان: «العقيدة الإسلامية: مفهومها وخصائصها»، والتي حاضر فيها الدكتور/ محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور/ حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة، وأدار الندوة الأستاذ/ محمد الديسطي، عضو المركز الإعلامي بمشيخة الأزهر، في حضور الدكتور/ محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة لفرع قبلي، والدكتور/ أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط.
قال الدكتور/ محمد الجندي: إن من ثوابت العقيدة عند المسلمين أن الله تعالى لا يحويه مكانٌ ولا يَحدُّه زمانٌ؛ فالمكان والزمان مخلوقان، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شيءٌ من خَلْقه، بل هو خالق كل شيء، وهو المحيط بكل شيء، وهذا الاعتقاد متفقٌ عليه بين المسلمين، لا يُنكره منهم مُنكِرٌ، وقد عبَّر عن ذلك أهل العلم بقولهم: كان الله ولا مكان، وهو على ما كان قبل خَلْق المكان، لم يتغير عمَّا كان، وأننا حين نبدأ من العقيدة تنضبط القِيَم والأخلاق والأُسر والمجتمعات في بيئة صالحة ومُصلحة، وإذا فارقت الأمم العقيدة الصحيحة انقلبت إلى وحوش ضارية، لافتًا أن الفطرة السليمة مصدر بناء، ولا أحد يستطيع أن يُنكِر الفطرة، وإن أنكر العقيدة بلسانه.
وعن الإيمان بالغيب، أوضح فضيلته أن الإنسان وحده هو المؤهل للإيمان به بخلاف الحيوان؛ لذا كان الإيمان بالغيب ركيزة أساسية من ركائز الإيمان في عقيدتنا الإسلامية، على حين لا تؤمن الفلسفات المادية الوضعية الإلحادية بغير الواقع والمشاهد والمحسوس؛ فالإيمان بالغيب نتيجة عن مقدمة وصِفَة للمؤمنين؛ مصداقًا لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}.
وأكد الأمين العام -خلال كلمته بفعاليات الأسبوع الثاني للدعوة الإسلاميَّة، والذي سيُعقد هذه المرة بجامعة أسيوط- أن عقيدة الأزهر الشريف عقيدة لها سند، تخاطب العقل البشري، ولو افترضنا أن العقل أصبح تقنيًّا محضًا، فإن العقل يحتاج إلى برامج حماية من الفيروسات الفكرية؛ لذا يجب علينا تحديد مصادرنا المعلوماتية من أفواه العلماء مباشرة؛ حتى لا تكون معلوماتنا لقيطة مجهولة النسب، وهنا نستطيع أن نقول: إن من خصائص العقيدة الإسلامية أنها علمية فقهية، تخاطب العقل والوجدان، وأنها عقيدة سَمْحة متسامحة تجمع الناس؛ فتحقق الأمن والاستقرار، وتورث المحبة، وتُنجيهم من الكفر والضلال، والوقوع في البدعة، وأنها عقيدة وسطية؛ بلا تفريط ولا إفراط.
فيما أوضح الدكتور/ حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا للدعوة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية، أن دور العقيدة في حياة الإنسان من الأهمية بمكان، وأن الله خلقنا وطلب منا استثمار الحياة؛ إذًا فالإنسان صنعة الله، خَلَقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وهذه مكانة عالية للإنسان، وبطبيعة الحال، فإن الإنسان يشعر بتميز، لكن هذا التميز يرتبط بأن لا يُعطِّل حواسه؛ حتى لا يصير متدنيًا، وعلى الإنسان معرفة سبب الوجود من خلال المُكوِّن العقائدي لديه، وأن تتجلى آثار العقيدة في كل تصرفاته، فكيف يؤمن الإنسان ولا يصلي؟! وكيف يؤمن ولا يفعل الخير؟!
وأوضح فضيلته، أن غياب العقيدة لدى الإنسان تجعل منه كائنًا مهزوزًا، فأول معطيات المجتمعات ثباتها النفسي، ولا ثبات بدون عقيدة سليمة. كما أن العقيدة تجعل صاحبها صاحب رؤية وخطة؛ فيعرف سبب وجوده كما يعرف الغاية والمنهج والوسيلة، مضيفًا أن من وظائف العقيدة أنها تُطهِّر الوجدان وتُوجِّهه، وأنها تُنقِّي العقل من الخرافات، وتُحرِّر إرادته. ومن هنا؛ فإن هذا المنهج الذي يبني الله به الإنسان هو في الواقع بناء للمجتمعات.
وفي نهاية الندوة، تبادل الدكتور/ أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط، والدكتور/ محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الدروع التذكارية للأزهر الشريف وجامعة أسيوط؛ تقديرًا لجهود الجامعة والمجمع في إثراء البحث العلمي والدعوة.
ويتضمن أسبوع الدعوة الإسلامية ثلاث ندوات، بواقع ندوة في اليوم، وذلك من اليوم الإثنين، وحتى الأربعاء القادم، وتأتي ندوة غد تحت عنوان: «منهجيَّة التعامل مع نصوص القرآن والسُّنَّة» يحاضر فيها الأستاذ الدكتور/ رشوان أبو زيد، أستاذ الحديث وعلومه بكليَّة الدراسات الإسلاميَّة بسوهاج، والدكتور/ مصطفى ممدوح الطحان، عضو أمانة اللجنة العليا للدعوة.
يأتي ذلك في إطار توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بتكثيف البرامج والفعاليات الدعوية والتوعوية؛ بما يحقق دور ورسالة الأزهر الدعوية والتوعوية، وبإشراف من: فضيلة وكيل الأزهر، والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.