18 ديسمبر, 2024

رئيس جامعة الأزهر يشارك في احتفالية اليوم العالمي للغة العربية

د/ داود: الأزهر ليس مجرد مدرسة نظامية تُخرِّج المعلمين والوعاظ، بل رسالته العظمى حمل مشكاة النور المبين ونشر الإسلام

صَدُّ الناس عن تعلم اللغة العربية ليس جديدًا.. بل داء قديم وإن استشرى في زماننا

رئيس جامعة الأزهر يدعو القائمين على سياسة التعليم في العالم العربي والإسلامي إلى العناية بحفظ القرآن والحديث النبوي والشعر

د/ داود يعلن عزم جامعة الأزهر على تعريب العلوم لأنها نشأت في أصلها عربية

 

      قال أ.د/ سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، باحتفالية الأزهر باليوم العالمي للغة العربية: إن الأزهر الشريف ليس مجرد مدرسة نظامية تُخرِّج المعلمين والوعاظ، بل رسالته العظمى هي حمل مشكاة النور المبين، ونشرُ الإسلام، والمحافظة على تراثه ولغته، والمرابطةُ على ثغور فكر الأمة وثقافتها ووعيها وتبصيرِها بالحق في حوالك الظلمات، وشحذُ همم الأمة لإعادة مجدها وعزها، فالأزهر هو الموئل الذي تأوي إليه اللغة عِلْمًا وتعليمًا ونشرًا لها في آفاق الدنيا، مهما قوبلت من بعض أهلها بالعقوق، فالأزهر أحنى على اللغة العربية من أخٍ وأب.

وتابع فضيلته، أن ابن سينا عالم الطب المشهور صاحب "القانون في الطب" كان متقنًا لكثير من العلوم، وكان شاعرًا مجيدًا، وتعجب من تسميته هذا الكتاب بالقانون، كأنه كان يرى من وراء حجب الغيب أن الله جل وعلا سيجعل هذا الكتاب دستورًا لعلم الطب، حتى إن نهضة الطب في أوروبا كانت بفضل هذا الكتاب، ومِنْ تَمكُّن ابن سينا في الطب أنه لم يكتفِ بكتاب القانون، بل نَظَمَ قواعد الطب في أرجوزة من ألف بيت في علم الطب، كما نَظَمَ ابنُ مالك ألفيته في علم النحو من ألف بيت، وكان ابن سينا الطبيب شاعرًا مبدعًا.

وبيَّن رئيس جامعة الأزهر أنه مما صرف الناس عن اللغة العربية في زماننا دعوى صعوبة اللغة وصعوبة النحو، وهي دعوى ليس وراءها إلا صرف الناس عن لغتهم التي يقرؤون بها القرآن الكريم ويقرؤون بها تراث حضارتهم، ولا ريب أن مَنْ صرفهم عن لغتهم كمَنْ صرفهم عن قراءة القرآن وتَعلَّم أسراره، وكم صرفهم عن تراثهم وحضارتهم؛ لأن اللغة العربية هي مفتاح تراثنا وحضارتنا.

وأوضح فضيلته، أن صد الناس عن اللغة العربية وعن تعلم النحو والشعر ليس جديدًا، بل هو داء قديم وإن استشرى في زماننا، حتى عقد الإمام المتفرد عبد القاهر الجرجاني فصلًا مهمًّا جدًّا في صدر كتاب "دلائل الإعجاز" عن الرد على من ذَمَّ النحو والشِّعْر وزهد في تعلمهما، وذكر أن الصد عنهما صدٌّ عن كتاب الله، وأن من يمنع الناس تعلم النحو والشِّعر كمن يمنعهم أن يحفظوا كتاب الله تعالى، ويقوموا به، ويتلوه، ويَقْرؤوه، ولا فرق بين من منعك الدواءَ الذي تستشفي به من دائك وتستبقي به حُشاشة نفسك، وبين مَنْ منعك العلم بأن فيه لك شفاءً واستبقاءً لحياتك.

ودعا رئيسُ جامعة الأزهر القائمين على المجالس التشريعية في عالَمنا العربي والإسلامي إلى سَنِّ تشريع يُجرِّم وضع الأسماء الأجنبية على المحلات، والشركات، والمؤسسات، والإعلانات، وغير ذلك مما عمَّت به البلوى، وأذكرهم بأن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأن الحفاظ على اللغة حفاظ على هُوية الأمَّة وثقافتها.

واختتم رئيس جامعة الأزهر كلمته بدعوة القائمين على سياسة التعليم في العالم العربي والإسلامي إلى العودة إلى العناية بحفظ القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والشعر العالي، والنثر البليغ، فإن هذا هو السبيل إلى صقل المواهب، وتجويد اللغة والمحافظة عليها؛ فإن خلو مناهجنا من حفظ هذه النصوص العالية يُضعف اللغة ويَزِدْها وَهْنًا على وهن، مُعلنًا عزم جامعة الأزهر على تعريب العلوم؛ لأنها نشأت في أصلها عربية على لسان ابن سينا، والخوارزمي، والبيروني، وابن الهيثم، وغيرهم من كرام علمائنا.


كلمات دالة:
الأبواب: الرئيسية, أخبار