02 مارس, 2025

ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة وتماسكها

ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات لم يسلم منها أحد حتى نبي الإسلام لكنه واجهها بالصبر والحكمة

   

     عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد جلسة من جلسات ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية عقب صلاة التراويح بالجامع الأزهر، تحت عنوان: «الشائعات»، بحضور نخبة من علماء الأزهر؛ حيث شارك في الملتقى فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد أبو زيد الأمير، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وفضيلة الأستاذ الدكتور/ عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الملتقى فضيلة الأستاذ الدكتور/ عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر.

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور/ عبد الفتاح العواري، أن الشائعات تُمثل خطرًا داهمًا يهدد وحدة الأمة وتماسكها؛ ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية سياجًا حصينًا لمنع انتشارها، وجاء الأمر الإلهي واضحًا في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾؛ حيث لم تأتِ كلمة أخرى تغني عن «فَتَبَيَّنُوا»؛ لأن ديننا قائم على التبين والتثبت، ورسولنا ﷺ مُكلَّف بالتبيين؛ كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾. فالشائعة قد تقتل بريئًا، أو تهدم بيتًا، أو تؤجج فتنةً؛ لذلك كان التثبت أمرًا إلهيًّا لا يقبل التساهل.

وأوضح أن الشائعات لها آثار مدمرة لا يمكن الاستهانة بها؛ فقد تسببت عبر التاريخ في إزهاق أرواح وسفك دماء دون وجه حق. ويكفي أن نرى كيف تنتشر بعض الأخبار الكاذبة؛ فتثير الفوضى والاضطراب؛ مما يؤكد أن الشائعة ليست مجرد كلمة تُقال، بل سهم قاتل يُطلق بلا تفكير. فالمسلم مسئول عن الكلمة التي ينطق بها، وعليه أن يكون عونًا على نشر الحق، لا وسيلةً لترويج الباطل والفتن.

من جانبه، شدَّد فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد أبو زيد الأمير، على أن الشائعة جريمة ضد الإنسانية؛ فهي تهدد أمن المجتمع، وتزعزع استقرار الأسرة، وتثير الفتن بين الأفراد. ومروجها مجرم في حق دينه وأمته؛ إذ يسهم في نشر الفوضى، وبث الرعب، وإشاعة الفساد. ولذا؛ حذَّرنا الله سبحانه من أمثال هؤلاء بقوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ﴾ فالشائعات قد تكون مُغلَّفة بكلام معسول، لكن حقيقتها مريرة ومدمرة.

وأضاف أن مروج الشائعة شخص ضعيف الدين، خبيث النفس، منحرف التفكير، عديم المروءة، تتقاطر من كلماته الخسة والدناءة؛ فتراه ينشر الأخبار المغلوطة دون وازع من ضمير، متلذذًا بتخريب العلاقات وإثارة البلبلة. ولذا؛ علينا جميعًا أن نكون حائط صد ضد الشائعات؛ فلا نردد كل ما نسمع، بل نتحرى الدقة ونتثبت قبل نشر أي خبر؛ حمايةً للمجتمع من الفتن والمخاطر.

بدوره، أوضح فضيلة الأستاذ الدكتور/ عبد المنعم فؤاد، أن الشائعات سلاح خطير يُهدد استقرار المجتمعات؛ فقد تسببت في القطيعة بين الأحبة، وأثارت الفتن بين الأشقاء، بل وزعزعت استقرار الدول والأُسَر. ولذا؛ عالجها الإسلام بحكمة من خلال صيدلية التثبت؛ حيث أمرنا الله سبحانه بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾. فالمسلم لا يأخذ الأمور بالظن؛ لأن الظن أكذب الحديث، ومن ينشر الشائعات دون تحقق يقطع أواصر المحبة، ويشيع الفوضى في المجتمع.

وأشار إلى أن الشائعات طالت حتى النبي ﷺ في حادثة الإفك، لكنه واجهها بالصبر والحكمة، حتى أنزل الله القرآن ليبرئ السيدة عائشة -رضي الله عنها- ويضع منهجًا للتعامل مع الأخبار الكاذبة. لذلك؛ على كل مسلم أن يكون مسئولًا عن كلمته؛ فلا ينشر إلا ما تأكد من صحته؛ حتى نحفظ مجتمعاتنا من الانقسام والاضطراب.


الأبواب: الرئيسية, أخبار