قال أ.د/ نظير عياد، مفتي الديار المصرية: إن المؤمن كيِّس فطن، ومن الكياسة أن يحسن التعامل مع الظروف والأحداث، وأن يأخذ منها العبر؛ حتى يعود عليه النفع لنفسه وأهله ودِينه ووطنه، ومن بين هذه الأحداث التي ينبغي أن نتوقف أمامها "غزوة بدر"، هذا الحدث الفريد، ولِمَ لا والمتأمل فيها يقف على مجموعة من الدروس والعِبَر، لو تم الانتباه إليها لعُدنا إلى المكانة اللائقة التي كُنَّا عليها.
وأوضح مفتي الجمهورية -خلال درس التراويح، اليوم الإثنين، بالجامع الأزهر، والذي جاء تحت عنوان: "غزوة بدر دروس وعبر"- أن غزوة بدر هي نموذج يُعبِّر عن المثالية وصدق العهد، وتجلى فيها الإيمان الصادق؛ فمنذ اللحظة الأولى حينما طلب النبي -صلى الله عليه وسلم- الخروج إلى الجهاد؛ استجاب له صحابته -رضي الله عنهم وأرضاهم- وأن هذا الفعل هو من العِبَرِ التي نستلهمها من غزوة بدر؛ وهو الإيمان الصادق، فالإيمان كلمة راقية لا تتوافر إلا فيمن جمع بين النظرية والتطبيق، بين القول والعمل، بين نقاء الظاهر والباطن، وفي هذا قال الله عز وجل {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍۢ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
وأضاف مفتي الجمهورية، أن هذه الغزوة جاءت لتكشف عن حقيقة هذا الدِّين، وأنه ليس بالدِّين الذي يوصف بالاستبدادية، أو أنه بعيد عن الواقع، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أُمِر بالخروج لم يستقل بالرأي، أو يستبد بالفكرة، ولكنه أعلنها كما أراد الله تبارك وتعالى {وأمرهم شورى بينهم} فدعا الصحابة، ثم حدثهم وناقشهم، ثم كان الأمر بالخروج تلبية واستجابة لنداء الله، كما ضربت الغزوة أعظم الأمثلة في حُسن الإعداد، وجميل القراءة للواقع، وحُسن التعامل مع الظرف والحدث، فها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- يُدرك تمامًا الفوارق بين الفئتين فيما يتعلق بالعدد والعُدة، فاختار النبي -صلى الله عليه وسلم- المكان عندما نزل على رأي أحد أصحابه.
ويواصل الجامع الأزهر تقديم دروس التراويح ضمن خطته الدعوية لشهر رمضان المبارك، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والتي تتضمن: مقارئ قرآنية، ملتقيات دعوية، دروسًا علمية، صلاة التهجد في العشر الأواخر، وتنظيم موائد إفطار للطلاب الوافدين؛ وذلك في إطار دور الأزهر في نشر الوعي الديني، وترسيخ القيم الإسلامية.