18 مارس, 2025

الدكتور/ رمضان الصاوي: العلم والعقل لا يستغنيان عن بعضهما فكلاهما مكمل للآخر

الدكتور/ عبد الفتاح خضر: السعيد هو من يسخر عقله لله

 

     عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، وكان موضوع حلقة اليوم: "مكانة العقل في الإسلام"، وذلك بحضور فضيلة أ.د/ رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، وفضيلة أ.د/ عبد الفتاح خضر، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، وأدار الملتقى الدكتور/ هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.

قال فضيلة الدكتور/ رمضان الصاوي: إن العقل أحد مقاصد الإسلام الخمسة، بل هو أهم هذه المقاصد، فمقاصد الإسلام هي: "حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال"، والعقل هو أهمها؛ لأن المقاصد الأربعة الباقية لا تتم إلا به، والعقل وإعماله شرطان أساسيان للإيمان بالله ـ عز وجل ـ لذلك وجه سبحانه وتعالى العقل بقوله: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ}، وقال الأعرابي ببداهته وعقله: "الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير"، لافتًا أن الله قد نهى الإنسان عن عدم التعقل واتباع الظن؛ فقال: {إن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}. فالعقل ونصوص القرآن الكريم داعيان إلى الإيمان بعد تفكير، ومن ذلك قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.

وبيَّن نائب رئيس جامعة الأزهر أن العقل للتفكير والتدبير، والسمع للنقل والنصوص، والشرع عقل في الخارج، والعقل شرع في الداخل؛ لذلك منع الله تعالى الكفار من العقل؛ فقال سبحانه: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، مع وجود العقل، إلا أنه لا يعمل ولا يفكر، والعقل شرع في الداخل؛ لأن الله تعالى يقول: {فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}؛ لهذا كان الاهتمام بالعقل من جانب الإسلام على أحكمه وأشده؛ فقد منع الإسلام كل ما يغيب العقل أو يؤثر عليه؛ حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ونهى نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن كل مفتر ومخدر. وقد ركز أعداء الله الذين دخلوا بلادنا على تغييب العقل، بإغراق الشباب في المخدرات؛ حتى يغيبوه عن قضاياه الأساسية، فإذا غاب العقل لم يعرف الإنسان عدوه من صديقه، مؤكدًا أن العلم والعقل لا يستغنيان عن بعضهما؛ فكلاهما مكمل للآخر.

من جانبه، أوضح فضيلة الدكتور/ عبد الفتاح خضر، أن العقل تجري أموره في اللغة على الإمساك؛ لأنه يمسك الإنسان من أن يصنع القبيح، إلا أن هناك من يفهم كل شيء ويدرك كل شيء ويعي معظم الأشياء، إلا أنه ليس بعاقل؛ لأنه فعل واخترع وتعلم وتعرف، لكنه لا يؤمن بالله، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقوله تعالى: {إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، لافتًا إلى أن كل هذه لطائف ربانية أوجدها الله تعالى في الإنسان؛ لكي يحيى سعيدًا، ويصل إلى السعادة الحقيقية في الجنة.

وأضاف أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، أن السعادة المطلقة التي لا نسبية فيها تكون في الجنة، فالله استودعنا العقل من أجل أن نسعد، إلا أن بعض الناس جعلوا من العقل إلهًا يعبد، معتقدين أنه طالما كانت الحواس سليمة فالعقل سليم، ونقول لهؤلاء: إن العقل ليس إلهًا، وإنما العقل يقف عند وجود الإله، ومن هنا كان العجز عن الإدراك إدراك، والعبث والدخول والبحث في ذات الله إشراك، فعلى المسلم أن يقف بعقله عند حدوده، وأن يعلم أن السعيد هو من يُسخِّر عقله لله.


الأبواب: الرئيسية, أخبار