المعاملات

31 أكتوبر, 2019

كمالُ خِلقتِهِ، وحُسْنُ عِشْرَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ ﷺ

كان سيدنا رسول الله ﷺ أحسنَ الناس صورة، وأتمَّهم خلقة، وأجملهم هيئة، لَمْ يُرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ ﷺ؛ فعن سيدنا الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قال:
«
كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَجِلًا، مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، عَظِيمَ الْجُمَّةِ إِلَىٰ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ الْيُسْرَىٰ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ» متفق عليه.

ومعنىٰ رجِلًا: بكسر الجيم صفة للشَّعر، أي: في شعره تَثَنٍّ قليلٌ، ليس شديدَ الاسترسال، ولا شديدَ التَّجَعُّد، وخير الأمور أوسطها.
ومعنىٰ مربوعًا: أي متوسطًا بين الطول والقِصَر.
وبعيد ما بين المنكبين: أي عريض أعلىٰ الظهر.
والجُمَّة: بضم الجيم وتشديد الميم المفتوحة، وهي ما سقط من شعر الرأس ووصل إلىٰ المنكبين.
والحُلَّة: ثوبٌ له ظهارة وبطانة، أو ثوبان: رداء وإزار.

وعَنْ سيدنا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:
"
لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، ضَخْمُ الرَّأْسِ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ، طَوِيلُ الْمَسْرُبَةِ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ ﷺ" أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح.

ومعنىٰ شَثْن: أي ممتليء الأصابع.
وضخم الرأس: بما يتناسب مع جسده الشريف ﷺ.
والكراديس: رؤوس العظام أو مجتمعها كالركبة والمنكب.
والمَسْرُبَة: الشَّعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسُرَّة.
ومعنىٰ تكفأ تكفؤًا كأنما ينحط من صبب: إشارة إلىٰ سرعته وهِمَّتِه كمن ينزل من منحدر ﷺ.

كما كان سيِّدُنا رسولُ اللهِ ﷺ أفضلَ الناس خَلْقًا وَخُلُقًا، وأسهلَهم معاملةً، كلُّ مَنْ خالطهُ معرفةً أحبَّه، وسيرتُه ﷺ خيرُ شاهدٍ علىٰ ذلك؛ فقد كَانَ سيدُنا عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه إِذَا وَصَفَ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:
"...
أَجْوَدُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ، يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ ﷺ" أخرجه الترمذي.

وهذا حديثٌ جامعٌ، يبيِّنُ كمالَ أخلاقِهِ، وجمالَ صفاتهِ، وحسنَ عشرتهِ، وصدقَ معاملتهِ ﷺ.

ومعنىٰ ألينهم عريكة: أي أسهلهم معاملةً وطبعًا وخُلُقًا.
ومعنىٰ عِشْرَة: أي صُحْبَة.
وبديهة: أي فجأة.
وناعِتُهُ: واصِفُهُ.

 


كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.