فقهيات

17 يوليه, 2021

عنوان البيان، وبستان الأذهان

في إطار مشروعه التثقيفي «#حكاية_كتاب».. مركز الأزهر العالميّ للفتوى الإلكترونية يقدم لكم حكاية الكتاب 📖

«عنوان البيان، وبستان الأذهان» في ذكرى وفاة الشيخ السابع للأزهر الشريف فضيلة الإمام عبد الله الشبراوي (1092هـ - 1681م/ 1171هـ- 1758م).

✍️ مؤلف الكتاب في سُطور ✍️

هو: الشيخ الإمام، الفقيه، الأصولي، المتكلِّم، المحدِّث، الشاعر، الأديب، الموسوعيّ، شيخ الأزهر، وأحد رواد النهضة الحديثة «جمال الدين عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي».

ولد الشيخ في بيت علمٍ وصلاحٍ بمصر؛ فقد كان جدُّه لأبيه -الشيخُ عامر- مِن أعلام الفقه والحفظ، وانتهت إليه الشهرة في الإفتاء بمصر، وكان مشهورًا بالصلاح، وتتلمذ على يديه الكثيرُ من أعلام عصره الذين أَخَذ عنهم فيما بعدُ حفيدُه الشيخ عبد الله الشبراوي.

بدأ الشيخ رحلته العلمية منذ نعومة أظفاره، فنَبغ في صغره، وتلقى العلم على أعلام عصره؛ حيث تتلمذ أولَ أمره على الإمام الخراشي أولِ شيخ للأزهر الشريف، ونال الإجازة منه، وهو دون العاشرة من عمره.

كما تتلمذ على يد كثير من أعلام عصره أمثال الشيخ العلامة خليل بن البرهان إبراهيم اللقاني، والشيخ محمد عبد الرازق الزرقاني، والشيخ الإمام شهاب الدين أحمد النفراوي المالكي شيخ الأزهر، وغيرهم.

كان الشيخ الشبراوي كريمَ النفس، واسع الأفق، رحب الصدر، حكيمًا، حليمًا، واسع الاطلاع، ذا شخصية فذة جمعت بين مواهب متعددة، ومن أبرزها موهبته الشعرية؛ التي كان يستثمرها -رحمه الله- في نظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب، كنظمه متن الآجرومية في النحو.

وكان -رحمه الله- مُحققًا مُدققًا، مُتعمقًا في العلم، حافظًا للسنة، عاملًا بها، يؤمّ الطلبةُ مجالسه، فيقرئهم كتب السنة.

تولى مشيخة الأزهر عام 1137هـ الموافق 1724م، وظل على رأسها إلى أن مات رحمه الله، وكان للأزهر في عصره رفعة ومهابة؛ حيث كان للشيخ الشبراوي مكانة وجلالة عند العامة والخاصة من الولاة والعلماء وغيرهم، وكان ثريًّا ينفق أمواله في سبيل تطوير الأزهر، وتنمية طلابه.

وكان رحمه الله من أوائل مَن أدخلوا العلوم الحديثة إلى الأزهر.

وكان الشيخ شاعرًا أديبًا إلى جوار كل ذلك، وله قصائد مشهورة، منها قصيدته التي مدح فيها المصطفى المكمَّل ﷺ في إحدى حججه، حينما وقف في روضته وأمام بيته الشريف ﷺ، والتي لا زال المنشدون يصدحون بها كل عام في مثل هذه الأيام العطرة، ومما قال شيخنا المفضال فيها:

وحقك أنت المُنَى والطَّلب
وأنت المـرادُ وأنــت الأرَب

ولي فيك يا سيدي صبوةٌ
تحيَّرَ في وصفها كلُّ صَبّ

مُقلَتي قَد نِلتُ كُل الأرب
هذِه أَنـوار طــه العَــربي

هذهِ أَنوارُ طه المُصــــطَفى
خاتِمُ الرُسُل شَريف النَسَب

هــذهِ أَنــــوارهِ قَــد ظَهَـــرَت
وَبدت من خَلف تِلك الحجب

هـــــذِهِ أَنــوارُهُ فَـــابتَهِــــجي
وَاطرَبي فَالوَقتُ وَقت الطَرَبِ

هذِهِ طيبَة يــا عَيـــــن وَما
بَعد من طابَت بهِ من طيِّب

طالَ مــا كنــــت تَحـنين إلى
رُؤيَة الروض الَّذي في يَثرِب

هذِهِ أَنـوارُ ذاكَ الروض قَد
أشرَفَت يا مُقلَتي فَاقتَرِبي

وقد توفي الشيخ الشبراوي يوم الخميس سادس ذي الحجة سنة 1171هـ الموافق 1758م، وصُلِّيَ عليه بالجامع الأزهر الشريف في مشهد مهيب، حضره جمعٌ غفيرٌ من العامة والخاصة وكبار العلماء، ودُفن بتربة المجاورين، رحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء 🤲

📘 سبب تأليف الكتاب 📘

ألّف الشيخ كتابه هذا ترويحًا للنفوس، وجمعًا لما تفرّق من حِكَمٍ في الطُّروس -أي الصحف-، وتقييدًا لسوانح الأفكار، وجوامع الكلِم والآثار.

📘 بين يدي الكتاب 📘

📚 هذا الكتاب قطعة أدبية رائقة، تشتمل على آثار وأشعار، وجُملَة منثورة من الحكم والأمثال والأخبار، لا تهدف إلى الارتقاء بالذوق الأدبيّ فحسب، بل تحرص على السمو بالسلوك الإنساني، والوصول بالمرء إلى تحصيل الفضائل، وحجبه عن الأمراض والرذائل، وإرشاده إلى ما يَنفع ويَرفع، وتحذيره مما يضر ويَبْشَع.

📚 ضم هذا الكتاب حِكمًا مُختصرة، وخواطرَ متناثرة، وأمثلة سائرة، مبوبةً إلى سبعة أبواب:

- الكمالات الرافعة لذوي المروءات.
- أمراض اللسان، وما يحسن نطقه من الإنسان.
- وصايا نافعة، ومزايا رافعة.
- الحض على الحزم، والأخذ بالعزم.
- الحذر مما يورث الضرر.
- التفويض للقضا بالتسليم والرضا.
- ذمّ ما يتخلق به الإنسان من العدوان.

📚 وختم الشيخ كتابه بخاتمة طريفة لطيفة في حكمٍ متناثرة من الاثنين إلى العشرة، فيورد فيها ما ورد في كل عدد من آثار، كحديث: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن؛ البخل والسوء»، وحديث: «ارحموا ثلاثة...» ونحو ذلك.

📚 وكان الشيخ الشبراوي رحمه الله مُولعًا بهذا النوع من التأليف، وهو الاختيارات الأدبية؛ فقد كان له اختيارات أخرى في مجال الشعر أيضًا، تمثّلت في كتابه نزهة الأبصار في رقائق الأشعار، وهذه الاختيارات تعكس -بلا شك- ثقافةَ الشيخ وذوقَه؛ لأن اختيار المرء قطعة من عقله.

وقد كان كثيرٌ من العلماء -قبله وبعده- يؤلفون على هذا النحو، فنجد للشيخ الدمنهوري شيخ الأزهر -رحمه الله- كتابًا شبيهًا إلى حد كبير بهذا الكتاب الذي بين أيدينا، وهو: سبيل الرشاد إلى نفع العباد.

📚 وكتابنا «عنوان البيان وبستان الأذهان» حديقةٌ غَنَّاء، جمعت أزهار الحكم وما تفرّق من منثور الكلم عبر التاريخ في مختلف الأبواب، بصورة أدبية سلسة، وإيجازٍ لا يخلو من فائدة.

والناظر في هذا الكتاب يجد أن ما فيه من أقوال يدعو إلى مكارم الأخلاق، ويحض على الرقيّ بالسلوكيات، ويرفع المرء إلى منزلة ذوي المروءات.

📚 ولقد تناولَتْ خواطرُ الشيخ ومنقولاتُه في هذا الكتاب المختصَر معاني رائقة، تسمو بالعقل، وتمتع الروح، ويسهل الرجوع إليها حسب بابها، ومن نماذج هذه الأزهار:

- لا تنال القليل مما تحب، إلا بالصبر على الكثير مما تكره.
- الطاعة حرز، والقناعة عزّ.
- إذا اصطنعت المعروف فاستره، وإذا اصطُنع معك فانشره.
- من قل صِدقه، قل صديقه.
- من كثر لغطه، كثر غلطه.

📚 وبعد؛ فالكتاب روضة عاطرة، يكفيكَ أن تطالعه فتغنم منه الفوائد والحكم، وتستمع روحُك بما فيه من طرائف ودُرر.

وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
 


كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.