حول الوثيقة


 

جاءت "وثيقـة الأخـوة الإنسـانية" ضمن لقاءاتٍ متعددةٍ وجهودٍ عظيمةٍ قام بها أكبر رمزين دينيين على مستوى العالم، وهما فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان؛ وذلك من أجل ترسيخ ثقافة الحوار والتعايش السلمي بين الشعوب والمجتمعات، ومحاولة القضاء على تلك الحروب والصراعات والنزاعات الطائفية البغيضة التي أنهكت البشرية جمعاء، وخربت كثيرًا من العمران، وأزهقت كثيرًا من النفوس والأرواح، وخلفت عددًا لا يحصى من اليتامى والأرامل والضعفاء والمساكين.  خرجت الوثيقة إلى النور في وقتٍ عصيبٍ تحتاج إليه الإنسانية؛ فقد غاب الضمير الإنساني عند بعض الناس في علاج المشكلات وحلهًا، عندما ظن أن القوة العسكرية واستهداف النفوس وإزهاق الأرواح هي السبيل الأمثل في علاج المشكلات وحلها، وتناسى أن النفس البشرية معصومة بأمر الله – تعالى - مهما كان جنسها أو لونها أو دينها طالما كانت مسالمةً بريئةً، وتجاهل كذلك ثقافة الحوار البناء وضرورة التعايش السلمي وتأثيرهما في الاستقرار المجتمعي والدولي. وتأتي هذه الوثيقة – أيضًا - ضمن جهودٍ مباركةٍ يقوم بها الأزهر الشريف في تجديد الخطاب الديني، والتأكيد على أن الأديان ليست هي السبب الرئيس للنزاعات والحروب والصراعات التي عاشها العالم وما زال يعيشها حتى الآن كما يدعي بعضهم، وإنما ترجع أسباب هذه النزاعات والحروب إلى غياب الضمير الإنساني، وإقصاء الأخلاق الدينية، واستدعاء النزعة الفردية والفلسفات المادية التي تؤله الإنسان، وتضع القيم المادية الدنيوية موضع المبادئ العليا والمتسامية. ومن ثم انعقد مؤتمر الأخـوة الإنسـانية في (أبو ظبيٍ) بتاريخ (3، 4 فبراير 2019م)، للإعلان عن هذه الوثيقة وبنودها في جمعٍ كبيرٍ من المفكرين والمثقفين والزعماء، وتم التوقيع عليها من قبل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وبابا الفاتيكان. وتضمنت وثيقة الأخـوة الإنسـانية بنودًا عامةً أكدت ضرورتها في سبيل نشر السلام العالمي وتحقيق العيش المشترك، ومنها: (أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام، وأن الحرية حق لكل إنسانٍ، وأن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياةٍ كريمةٍ، وأن الحوار والتفاهم والتعايش من شأنه أن يسهم في احتواء كثيرٍ من المشكلات التي تحاصر جزءًا كبيرًا من البشر، وأن حماية دور العبادة من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، واعتبار الإرهاب من الجرائم الدولية التي تهدد الأمن والسلم العالميين، وضرورة ترسيخ مفهوم المواطنة، وتوثيق العلاقة بين الشرق والغرب، والاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية، ورعاية حقوق الأطفال والمسنين والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة والمستضعفين) وتسهم وثيقة الأخوة الإنسانية بشكلٍ فعالٍ ومباشرٍ في نشر السلام العالمي وتحقيق العيش المشترك من خلال (تصحيح المفاهيم المغلوطة، والقضاء على الطائفية والعنصرية والكراهية، ونشر المحبة والمودة بين البشر، ونشر التسامح والسلام، والقضاء على العنف والتطرف، واعتماد الحوار والتفاهم، والسعي إلى تحقيق الحياة الكريمة لكل إنسانٍ، والإسهام في حل الأزمات التي يعيشها العالم، وتحقيق المساواة بين البشر جميعًا، والإسهام في نشر الفهم الصحيح للأديان)  ومن خلال ما سبق يظهر مدى إسهام "وثيقة الأخوة الإنسانية" في نشر السلام العالمي وتحقيق العيش المشترك والاندماج الحقيقي والإيجابي بين مختلف الشعوب