الحلم المعطل: التحديات التي تحول دون قيام دولة فلسطينية

  • | الأربعاء, 27 أغسطس, 2025
الحلم المعطل: التحديات التي تحول دون قيام دولة فلسطينية

 

نشر موقع "The Conversation" مقالًا كتبه مارتن كير، المدرس بجامعة سيدني، حول التحديات التي تعوق الاعتراف بالدولة الفلطسينية. واستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى القرار التاريخي الذي اتخذته المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وأستراليا من أجل الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة المزمع انعقاده في سبتمبر2025م.

ولفت كير إلى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يُعد إجراءً رمزيًّا من جهة، ويشير إلى إجماع عالمي متزايد على حق الفلسطينيين في تأسيس دولتهم من جهة أخرى، غير أن هذا الأمر لن يؤثر في الأوضاع على أرض الواقع في قطاع غزة.

وإذا تحدثنا من منطلق عملي، سنجد أن تأسيس دولة فلسطينية تتألف من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية يصعب تحقيقه؛ ذلك أن حكومة الكيان الصهيوني استبعدت حلَّ الدولتين، واستشاطت غضبًا إزاء الإجراءات التي اتخذتها أربعة دول أعضاء في مجموعة العشرين من أجل الاعتراف بفلسطين.

وبناءً على ما سبق، يرى الكاتب أن ثمَّة مجموعة من القضايا السياسية التي يجب حلَّها قبل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإلا فلا طائل من هذا الاعتراف إذا لم يُذلِّل هذه العقبات التي تبدو مستعصية.

  1. التوسُّع في إنشاء المستوطنات

تتمثَّل أولى المشكلات في المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، التي أعلنت محكمة العدل الدولية عدم شرعيتها. ومنذ عام 1967م، أنشأ الكيان الصهيوني هذه المستوطنات؛ من أجل تحقيق هدفين اثنين، أولًا: منع أي تقسيم للقدس في المستقبل، ثانيًا: مصادرة أية أراض تكفي لإقامة دولة فلسطينية. ويوجد على أرض الضفة الغربية 500 ألف مستوطن حاليًا، فضلًا عن وجود 233 ألف مستوطن في القدس الشرقية.

ويؤكد الكاتب أن الفلسطينيين يرون أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولن يسمحوا بإقامة دولة على الإطلاق دون أن تكون القدس عاصمتها.

وكانت حكومة الكيان الصهيوني قد أعلنت في مايو 2025م أنها ستبني 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو أكبر توسُّع استيطاني منذ عقود، حتى إن وزير دفاع الكيان وصفه بأنه «إجراء إستراتيجي يهدف إلى منع إنشاء دولة فلسطينية تهدد إسرائيل». وخلال الأشهر الأخيرة، اتخذت الحكومة الصهيونية إجراءات تهدف إلى ضم الضفة الغربية بالكامل.

  1. التعقيدات الجغرافية لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل

يؤكد الكاتب أن ترسيم قطاع غزة والضفةالغربية والقدس الشرقية لا يحظى بالاعتراف الدولي باعتباره حدودًا ثابتة، بل يُنظَر إليه باعتباره خطوطًا لوقف إطلاق النار، أو ما يُعرَف بـ «الخط الأخضر» خلال حرب عام 1948م التي شهدت إقامة دولة الكيان الصهيوني.

بيد أنه خلال حرب عام 1967م، احتل الكيان الصهيوني الضفة الغربية والقدس الشرقية، واستمرت حكومات الكيان المتعاقبة في إنشاء المستوطنات في المناطق المحتلة، إضافة إلى التوسُّع في البنية التحتية من أجل إيجاد «حقائق جديدة على الأرض».

ويعمل الكيان الصهيوني على تعزيز إحكام سيطرته على هذه الأراضي من خلال وصفها بأنها «أراضٍ تابعة للدولة»، أي إنه لم يعد يعترف بالملكية الفلسطينية لها، ما يكبح إمكانية إنشاء دولة فلسطينية في المستقبل.

على سبيل المثال، ووفقًا لبحث أجراه نيف جوردون، وهو أستاذ صهيوني، بلغت الحدود المحلية لمدينة القدس نحو 7 كيلو متر مربع قبل عام 1967م. ومنذ ذلك الحين، وسَّع الكيان إنشاء مستوطنات عبر حدوده الشرقية حتى وصلت حاليًا إلى 70 ألف كيلو متر مربع.

كما يستغل الكيان الجدار العازل الذي يمتد إلى نحو 700 كيلو متر عبر الضفة الغربية والقدس الشرقية من أجل مصادرة الأراضي الفلسطينية. ووفقًا لكتاب صدر عام 2013م، من تأليف أريلا أزولاء وآدي أوفير، فإن هذا الجدار يعد جزءًا من سياسة التطهير التي تنفذها الحكومة الصهيونية من أجل محو أي وجود فلسطيني. كما تعمل على فصل المناطق الفلسطينية الحضرية والريفية، مما أدى إلى عزل 150 جالية فلسطينية عن أراضيها الزراعية.

وقد عزَّز هذا الفصل العنصري بعض الإجراءات الأخرى، مثل نصب الكمائن والسواتر الترابية وحواجز الطرق، وحفر الخنادق، وإقامة بوابات على الطرق والجدران الترابية.

تعقُّد جغرافيا احتلال الكيان الصهيوني للضفة الغربية

تنقسم الضفة الغربية بموجب اتفاقات أوسلو عام 1990م إلى 3 مناطق: النقطة أ – النقطة ب – النقطة ج. تحكم السلطة الفلسطينية السيطرة على «النقطة أ» التي تُشكِّل 18% من الضفة الغربية، فيما تخضع «النقطة ب» لسيطرة فلسطينية وصهيونية. أما «النقطة ج»، والتي تُمثِّل 60% من الضفة الغربية، فتخضع لسيطرة صهيونية كاملة. بيد أن المنطقتين «أ» و«ب» تنقسم الآن إلى عدة تقسيمات صغيرة منفصلة عن بعضها بعضًا بسبب سيطرة الكيان الصهيوني على النقطة «ج». وقد أسفر هذا العزل الاجتماعي عن خلق قواعد وقوانين وأعراف منفصلة في الضفة الغربية؛ بهدف منع حرية التنقُّل بين المناطق الفلسطينية، وإعاقة إقامة دولة فلسطينية.

  1. مَن يحكم الدولة الفلسطينية في المستقبل؟

وضعت الحكومات الغربية بعض الشروط التي تسلب الفلسطينيين أهليتهم من أجل إقامة دولة فلسطينية. ويأتي في مقدمة هذه الشروط عدم إشراك حركة حماس في حكم أية دولة فلسطينية في المستقبل، وقد دعمت جامعة الدول العربية هذا الإجراء، حتى أنها دعت الحركة إلى تسليم أسلحتها، والتخلي عن السلطة في قطاع غزة.

وتُعد السلطة الفلسطينية المعاد تشكيلها الخيار المفضَّل للغرب في ممارسة الحكم في الدولة الفلسطينية، بيد أنه إذا رفضت القوى الغربية منح الفلسطينيين فرصة انتخاب حكومة جديدة، وتحديد المشاركين في الحكم، فقد يرى الفلسطينيون أن هذه الحكومة الجديدة تفتقد إلى الشرعية.

وهذا يخاطر بتكرار الأخطاء ذاتها التي ارتكبها الغرب في أثناء محاولة إقامة حكومة من اختيارها في العراق وأفغانستان. وسوف تستغرق معالجة هذه القضايا وغيرها بعض الوقت، فضلًا عن احتياجها إلى تمويل وجهد كبير. والسؤال الآن يتمثَّل فيما يلي: ما مقدار النفوذ السياسي الذي يرغب قادة فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا (وغيرها) في بذله لضمان أن يُفضي اعترافهم بفلسطين إلى قيام دولة فعلية؟

ماذا لو رفض الكيان الصهيوني تفكيك مستوطناته وجدار الفصل العنصري، ومضى قدمًا في ضم الضفة الغربية؟ ما الذي يرغب أو يستطيع هؤلاء القادة الغربيون فعله؟ في الماضي، لم يكونوا مستعدين لفعل أكثر من إصدار بيانات حازمة في مواجهة رفض الكيان الدفع بحل الدولتين.

ونظرًا لهذه الشكوك المحيطة بالإرادة السياسية والقدرة الفعلية للدول الغربية على إجبار الكيان الصهيوني على الموافقة على حل الدولتين، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو هذا الاعتراف، ولمن يكون؟

ومن جانبه، يرى مرصد الأزهر الشريف أن إنشاء دولة فلسطينية جديدة يواجه عدة تحديات معقدة، منها: الصراع الإقليمي والنزاع المستمر مع الكيان الصهيوني حول الحدود، والمستوطنات، والقدس، فضلًا عن الانقسام الفلسطيني القائم بين حركتي فتح وحماس الذي يؤثر على الوحدة السياسية والقدرة على تشكيل حكومة متماسكة، إلى جانب عدد من التحديات الاقتصادية مثل البطالة والفقر والاعتماد على المعونات الخارجية، لذلك تتطلب معالجة هذه التحديات جهودًا دبلوماسية مستمرة وتعاونًا دوليًّا.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

Beyond recognition: the challenges of creating a new Palestinian state are so formidable, is it even possible?

طباعة