23 يناير, 2022

"صناعة التنجيم والتطرف الفكري" انطلاق مؤتمر مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي

مدير مركز الأزهر للفلك: هدفنا توضيح الفرق بين الفلك والتنجيم والأبراج علميًّا وشرعيًّا

التنجيم قائم على ادعاء معرفة الغيب، والغيب بيد الله استأثر به وتفرد بعلمه

     قال الدكتور أحمد عبد البر، مدير مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي: "إنه في ظل اهتمام الدولة المصرية بتنفيذ ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ إستراتيجية 2030، والتي تهدف إلى استدامة الدول وتقدمها، فكان لعلم الفلك وتكنولوجيا الفضاء الرصيد الأكبر من تنفيذ رؤية مصر 2030، وذلك كان واضحًا بقرار السيد رئيس الجمهورية لعام 2018 بتدشين وكالة الفضاء المصرية.
ونظرًا لسعة رؤية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، واستشرافه للمستقبل من حيث أهمية علوم الفلك والفضاء، وسعيه بكل جهد للعمل على التواصل مع كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا، وفي إطار عناية الأزهر بهذا المجال العلمي أُنشئ "مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء".
وذلك بتعاون ثلاثي بين مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر ووكالة الفضاء المصرية، حيث يمثل هذا المركز محورًا مهمًّا من محاور إستراتيجية الأزهر الشريف في التعامل مع القضايا المستحدثة، والتي تحتاج إلى الدمج بين العلوم الشرعية والتخصصات العلمية المختلفة، وذلك بالتكامل مع مؤسسات الدولة بما يحقق الشراكة المجتمعية".

وأكد الدكتور أحمد عبد البر أن المركز يهدف إلى نشر الثقافة الفلكية ورفع الوعي المجتمعي تجاه قضايا الفلك ومهنة التنجيم، مشيرًا إلى رصد المركز من بداية هذا العام الميلادي لنسب اعتقاد المصريين لمضامين الأبراج والتنجيم والإشباعات المحققة منها، وذلك كان واضحًا في عدة دراسات منشورة، فهناك دراسة تحت إشراف أ.د جمال عبد الحي، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، كشفت أن نسبة من يتابعون مضامين الأبراج والتنجيم ما يقرب من 65%.
كما يُعد التنجيم ومضامين الأبراج في الترتيب الرابع من حيث اهتمامات المراهقين وخاصة النساء، وذلك بما يقرب من 45%، بينما تبلغ في الذكور نحو 35%.
وجاءت نسبة متابعة مضامين الأبراج والعرافين على مواقع التواصل الاجتماعي من المراهقين بما يزيد على 83%، بينما بلغت نحو 25% للبرامج التليفزيونية، يليها حظك اليوم في الصحف والمجلات بنحو 23%، في حين جاء الاهتمام بكتب الأبراج والدجل بنسبة 0.5%.

ولفت "عبد البر" إلى أن المركز رصد مدى اقتناع المراهقين بمضمون الأبراج والتنجيم في وسائل الإعلام المتعلق بالتوقعات المستقبلية، حيث جاءت فئة "لا أصدقها" بنحو 54%، بينما بلغت فئة "أقتنع بها" ما يزيد على 40%.
ومن هذه النِّسب تبين لنا أن هناك دوافع للمراهقين تجعلهم يتابعون مضامين الأبراج والتنجيم، مشيرًا إلى أن ذلك قد دفع مركز الأزهر للفلك إلى توضيح الفرق بين الفلك والتنجيم والأبراج علميًّا وشرعيًّا؛ خاصة في ظل تجديد الفكر والخطاب الديني؛ حيث إنها ضرورة تفرضها تحديات العصر في ظل المعتقدات الفلكية الخاطئة، وتأثيرها على الثقافات المختلفة مما يعطي تجديد الفكر الديني مسئولية كبرى لتخليص الشريعة الإسلامية مما علق بها من شوائب الجهل، وأدران الأباطيل والضلالات.

وأشار مدير مركز الأزهر العالمي للفلك إلى أنه من واجب العلماء الاجتهاد في تقديم الخطاب الأمثل الذي يحقق مقاصد الشريعة ومصالح البشرية، ويمدهم بقيم النهضة والرقي والازدهار، وفي خضم المعركة التي أدارتها الشريعة الإسلامية لتحرير العقول من ضلالات الوهم والخرافة، والدجل والشعوذة، والتي قامت بإبطال جميع مسالك الجاهلية ووقفت منها موقفًا حازمًا؛ بيانًا وتحذيرًا، ونصحًا وتنبيهًا، ليبقى وجه الإسلام على صورته الفطرية الأولى بيضاء نقية من غوائل الشرك ومظاهر الوثنية.
ويأتي في طليعة ذلك موقفها من علم النجوم أو ما يعرف بالتنجيم، والذي يؤمن به الكثير من المهووسين لمعرفة ما أخفاه الله عن خلقه من الغيب المستور، والمستقبل المحجوب، بمتابعة حركة النجوم في أفلاكها ومراقبة مشارقها ومغاربها، ثم تدرج الأمر بهم حتى بلغوا في الضلال غايته عندما ادعوا تأثير تلك الأجرام السماوية على الأحداث الأرضية، موضحًا أننا حين نعود إلى نصوص الكتاب والسنة ونستقرئها نجد أن الأدلة التي تبحث هذه المسألة جاءت متنوعة بالقدر الذي تنوعت به متعلقات علم النجوم، مقدمة في البدء التصور الصحيح لأسباب خلق النجوم والحكمة من ذلك، ثم الرد على الذين ادعوا قدرة النجوم على التأثير والتغيير، وبيان مجالات علم الغيب واختصاص الله به، فضلًا عن النصوص الخاصة بالتنجيم تحديدًا، وحيث إن التنجيم في الأساس قائم على إدعاء معرفة الغيب، وقد جاءت الكثير من الآيات لتؤكد على أن الغيب بيد الله استأثر به وتفرد بعلمه، وحجَب أسراره عن الخلائق.

واختتم الدكتور عبد البر كلمته بالتأكيد على أهمية تكامل منظومة العلوم الكونية والشرعية في الخطاب الديني، والعناية بالتوفيق بين الكونيات والشرعيات؛ حيث علق الشرع الشريف بهذه الظواهر أحكامًا شرعية لها تعلُّق من جهة ما بالظواهر الفلكية.
ومن منطلق ذلك تم عقد الملتقى الثقافي العلمي الأول للمركز تجاه قضيه التنجيم والتطرف الفكري، وما يطرأ عند بداية كل عام من توقعات مثيرة للعام الجديد، يعتمد فيها على صياغة الخبر بطريقة رمادية ومطاطة، ولعل الاستشراف المستقبلي يتطلب احترامًا للعلوم وتجديدًا للفكر وتبجيلًا للقادم.

ويناقش مؤتمر "صناعة التنجيم والتطرف الفكري"عددًا من المحاور المهمة كالتالي:
أولًا: تصحيح الانحرافات العقدية والفكرية، والبدع العلمية والسلوكية والتطرف الفكري.

ثانيًا: التواصل مع التراث والانفتاح على العصر وآلياته، حيث المقصود من تجديد الفكر والخطاب الديني هو إحياء معالم الدين العلمية والعملية وبعثها بحفظ النصوص الصحيحة نقية.
ثالثًا: نشأة الأبراج وظاهرة التنجيم وكثرة البرامج التلفزيونية على شاشات التفزيون وتأثيرها على المجتمع، والفارق بين المنجم والفلكي.
رابعًا: حقيقة التنجيم وأحكامه وموقف الشرع من الأبراج.
خامسًا: التأصيل العلمي لقضايا التنجيم والاعتقاد.
سادسًا: المعتقدات الفلكية وتأثيرها على الثقافات المختلفة.

يذكر أن مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي بمجمع البحوث الإسلامية أُنشئ بموجب بروتوكول تعاون بين مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر مع وكالة الفضاء المصرية؛ بهدف استحداث ونقل علوم تكنولوجيا الفضاء وتوطينها وتطويرها، وامتلاك القدرات الذاتية لبناء الأقمار الصناعية وإطلاقها من الأراضى المصرية، وذلك فى إطار التعاون المشترك بين قطاعات الأزهر الشريف مع غيرها من مؤسسات الدولة المختلفة، خاصة ما يتعلق منها بجوانب علمية وتخصصية.