19 فبراير, 2022

وكيل الأزهر يفتتح ملتقى التميز الدعوي الأول افتراضيًّا

وكيل الأزهر:

- فرض الرأي الواحد من أخطر العلل التي تصيب المجتمعات بالشلل الفكري

-  الفكر الإسلامي لديه قدرة خلاقة على البعث والإحياء والتجدد

 - رفض التجديد إفلاس فكري واضح وجمود عقلي صريح

 - التجديد صناعة دقيقة لا يحسنها إلا الراسخون في دراسة المنقول والمعقول

 -  المؤسسات الدينية تتشارك رؤية وطنية واحدة في مواجهة الأفكار الظلامية

 

     قال الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر: إنَّ ملتقى التميز الدعوي خطوةٌ جديدة في مسيرة تجديد الفكر والعمل التي يتبناها الأزهر الشريف، ويعمل بكل قطاعاته وأدواته على دعمها وتأصيلها، مؤكدًا أنَّ الملتقى يمثل تلاحمًا دعويًّا وتدريبيًّا بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، ويبعث برسائل إيجابيةٍ تؤكد أن مصر بمؤسساتها الوطنية الدينية ستظل رائدة الفكر والدعوة والاستنارة.

وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بملتقى التميز الدعوي الأول "افتراضيًّا" أنَّ رسالة الأزهر الشريف هي تعزيز الوسطية والاعتدال ومحاربة الغلو والتطرف؛ لترسيخ وحدة جامعة مهما اختلفت مذاهب الناس الفقهية والعقدية، وتباينت توجهاتهم السياسية ومنازعهم الفكرية، ما داموا يسلّمون جميعًا بمرجعية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ولا يخرجون عن أطرها العامة، فالحياة لا تتوقف عند صورة واحدة، ولذا فإن مفتاح التجديد في الفكر الإسلامي هو فهم الإسلام فهمًا سليمًا بعيدًا عن تعريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

وأوضح فضيلته أنَّ المتأمل في علوم الإسلام يرى فيها ثراء فكريًّا نافعًا، وأساسًا معرفيًّا منتجًا، يدور بين مجمع عليه، ومختلف فيه، والأصل أنَّ تفاوت العلماء في الفهم وتباينهم في النظر رحمةٌ بالأمة، مشددًا على أنَّ اختلاف التناول لبعض مسائل العقيدة والفقه والسياسة أثمر جماعات وفرقًا، حمل التاريخ خبر ما كان بينها من صراعات؛ وذلك حين ادعت كلُّ فرقة أنَّ الحق معها، وأنها الفرقة الوحيدة التي تحتكر الإسلام.

وبيَّن الدكتور الضويني أنَّ فرض الرأي الواحد والمذهب الواحد من أخطر العلل والأمراض التي تُصيب المجتمعات بالشلل الفكري، وتقتل فيها الإبداع المعرفي، وتمنعها استثمار التنوع، وتقضي بالتبعية على مكمن القوة في أمة الإسلام، وتضعها بذلك في ذيل الأمم. وأكد فضيلته أنَّ الفكر الإسلامي لديه القدرة الخلاقة على البعث والإحياء والتجدد؛ فهو فكر قادر على أن يجدد نفسه داخليًّا، وأن يجدد الواقع من حوله خارجيًّا؛ لأنه فكر يجاري السنن الإلهية في الكون.

وشدد وكيل الأزهر على أن التجديد لا ينفك عن الشريعة الإسلامية، وإذا كنا نقرر ونكرر أنَّ الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، فإنها لا تكون كذلك إلا إذا كانت متجددة ومواكبة للمتغيرات، ولذا كان من الواجب الديني أن ترتبط الفتاوى بالزمان والمكان وأعراف الناس، شريطة أن يكون تجديد الفتاوى على ضوء مقاصد الشريعة وقواعدها العامة، مضيفًا أن التجديد ليس مجازفة، وإنما هو صناعة دقيقة لا يحسنها إلا الراسخون في دراسة المنقول والمعقول، ممن يفهمون طبيعة التراث والمناهج العلمية وأدوات التحليل الفكري المستخدمة في البحث والتقصي، أما غير المؤهلين فعليهم أن يتجنبوا الخوض فيما لا يحسنون، حتى لا يتحول التجديد إلى تبديد.

وأوضح فضيلته أن رفض التجديد إفلاس فكري واضح، وجمود عقلي صريح، وأوضحه وأصرحه حين تعمل التيارات المتطرفة وجماعات العنف والإرهاب على تزييف المصطلحات الشرعية، وتدليس المفاهيم مثل: نظام الحكم، والحاكمية، والجهاد، والهجرة، فضلًا عن انتهاكهم ثوابت الدين بما يرتكبونه من جرائم شوهت صورة الإسلام في العالم، وأسهمت في رواج الإسلاموفوبيا، وهو ما يفرض على جميع المؤسسات دعم جهود الدول في التخلص من شرور تلك الجماعات، مشددًا على أنه من واجب الدعاة الآن أن يكونوا أمناء على عقائد الناس، وأن يأخذوا بأيديهم إلى الله، وأن يدلوهم على سبيل النجاة من خلال طرحٍ يواكب الواقع ولا يخرج عن ثوابت الدين وأصوله.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن الملتقى الدعوي الأول الذي نظمته أكاديمية الأزهر الشريف العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ دليل على أن المؤسسات الدينية تتشارك رؤية وطنية واحدة في مواجهة الأفكار الظلامية، وتعمل معًا على نشر الفكر المستنير، وأن الأزهر سيظل مجددًا وحاملًا للواء الوسطية والتيسير، بما ينفع الناس ويحقق مصالحهم.