04 أبريل, 2016

توضيح من وكيل الأزهر بشأن العاملين بالخارج

يتردد في وسائل الإعلام منذ سنتين استغاثات من العاملين بالخارج من وكيل الأزهر الذي قرر – في زعمهم - عودة ثمانية آلاف كانوا يعملون في الخارج ولا يتقاضون رواتبهم من الأزهر، متحججين بأن عودتهم ستضر بأسرهم وتفقد مصر مليارات من العملة الأجنبية... إلخ.

وتوضيحا لحقيقة الأمر ومنعا للمزايدات أقول:

أولا: ليس هناك قرار من وكيل الأزهر ولا من غيره بعودة أحد من العاملين بالخارج، وإنما هناك تفعيل للقوانين واللوائح المنظمة للتعاقد أو الإعارة للعمل بالخارج، وهي تنص على أن مدة العمل بالخارج أربع سنوات يمكن أن تمتد حتى ثماني سنوات، وتجدد الإجازة كل عام، وهذا يعني أن من حق الأزهر عدم تجديدها حتى خلال هذه السنوات وذلك لمصلحة العمل، لكن هذا لا يحدث رعاية لمصلحة العاملين، ونحاول سد العجز الذي خلفه هؤلاء بطرق أخرى، منها تحميل زملائهم نصيبا زائدا على أنصبتهم وانتداب البعض منهم في أكثر من معهد وربما لمسافات بعيدة، وعلى الرغم من ذلك فإن الأزهر الشريف قام بزيادة هذه المدة لتكون عشر سنوات أسوة بأعضاء هيئة تدريس الجامعة، وهذه أقصى مدة تمنح لعامل للعمل بالخارج، وبالإضافة إلى ذلك تم في العام الماضي منح جميع من تجاوزوا هذه المدة عاما إضافيا لتوفيق أوضاعهم في البلدان التي يعملون فيها مهما كان عدد السنوات التي قضوها في الخارج، وقد تكون هذه المدة تجاوزت العقدين من الزمان بالنسبة لبعضهم مع أنهم لم يعملوا ربع هذه المدة في وظيفتهم الأساسية هنا في الأزهر. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فبعد تكرار الشكاوى من عدم كفاية العام لتوفيق الأوضاع تم منح جميع العاملين بالخارج عام ٢٠١٥/٢٠١٦م لتوفيق أوضاعهم، فإذا كانت مدة سنتين غير كافية لتوفيق الأوضاع، فأعتقد أن أي مدة أخرى لن تكون كافية، حيث يبدو أن المطلوب هو ما يصرح به البعض من فتح الإجازات إلى ما لا نهاية، مع ما في ذلك من حرمان للكثير من زملائهم من السفر لبعض سنوات .

ثانيا: القرارات التي تصدر عن الأزهر الشريف ليست قرارات أشخاص، وإنما هي نتاج آراء ودراسات تقوم بها لجان معنية، وتعتمد فقط من السلطة المختصة.

ثالثا: لسنا في الأزهر ضد مصلحة أحد، ولسنا ضد تحسين العاملين في الأزهر لمستوى أسرهم، ولكن ليس من المعقول أن يطمع البعض في البقاء للعمل بالخارج حتى يخرج للمعاش مانعا غيره من التعيين على الدرجة التي يشغلها، ومقيدا السلطة المختصة من الموافقة على سفر زميل له يطمح في قضاء بعض سنوات في الخارج مثله، بسبب وجود عجز في تخصصه، وليس من المنطقي الموافقة على بقاء الأول في الخارج والسماح بسفر الثاني وترك الفصول خاوية من تخصصهما، فضلا عن إجبار من لم يوفق في السفر بتحمل حصص من سافر في محاولة لسد العجز، وعدم حرمان أبنائنا وبناتنا من التعلم.

رابعا: هل يعقل أن يعمل شخص لعشر سنوات أو أكثر في الخارج ثم تكون هناك شكوى من تعرضه للسجن إن عاد لكونه مدينا بديون لا يقوى على سدادها، وإذا كان أمره هو كذلك، فماذا عن حال من لم يسافر أصلا؟!

خامسا: لا شك أنه يحمد للعاملين في الخارج حرصهم على توفير رواتبهم التي لا يتقاضونها في أثناء عملهم في الخارج، إضافة إلى العملة الصعبة التي تدعم الاقتصاد المصري، ولكن فات هؤلاء أن مصلحة الطلاب الذين يعانون من مشكلة نقص تخصصاتهم وعدم قدرتنا على توفيرها بطريق التوظيف بسبب شغلهم للدرجات الوظيفية وعدم استعدادهم للتخلي عنها، والدولة لا تمنح الدرجات الوظيفية بلا حساب، كما أن الرواتب التي يوفرونها هم سيوفرها زملاء لهم يحلون محلهم في الخارج متى عاد من استوفى مدة سفره إلى عمله، وهؤلاء الذين يطمحون في السفر للخارج سيجلبون نفس العملة الصعبة التي يخشى الذين انتهت مدة سفرهم من فقد الاقتصاد المصري لها.

سادسا: أنا شخصيا ليس بيني وبين أحد من العاملين في الخارج ولا في الداخل أدنى مشكلة، وأتمنى وجود حل لسد العجز بمعاهد القرى والنجوع مع بقاء هؤلاء في الخارج ولحاق زملاء لهم بهم، لكن في نفس الوقت نجد حديثي التخرج يبحثون عن فرص عمل وصلت لتقديمهم طلبات أن يكونوا عمال خدمات معاونة ، في وقت يحتفظ فيه العاملون بالخارج بدرجاتهم الوظيفية ويمنعون غيرهم من التعيين عليها ، بل يسعون للبقاء في الخارج حتى خروجهم للمعاش.

سابعا: من حق الإنسان أن يسعى لتحقيق مصلحته ورفع مستوى أسرته المعيشي، لكن الواجب يقتضي على الجميع عدم نسيان الواجبات المنوطة بكل منا، والمحافظة على حقوق الآخرين، وليدرك هؤلاء أن الأصل في التعيين هو العمل في المكان المعين عليه وليس التعيين في مكان ما جواز مرور لسفر لا ينتهي، وأن القناعة كنز لا يفنى.

 


كلمات دالة: