قال فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف: إن الله قد شرع الصيام تهذيبًا للنفوس وتربية للسلوك، ليس فقط في علاقة المؤمن بالله تعالى فحسب، ولكن أيضًا في علاقة المؤمن بأخيه المؤمن، بأنه قد أقبل على شهر رمضان؛ في شحذ للهمم للصيام والقيام، والتقرب إلى الله تعالى، ممتثلًا لله تعالى، تاركًا ما كان مباحًا له، منتهيًا إلى حدود الله في وقت الصيام.
وأوضح وكيل الأزهر -خلال درس التراويح اليوم الخميس، بالجامع الأزهر- أن في الصيام تدريبًا للنفس للوقوف على حدود الله تعالى، وبما ينعكس على تهذيب سلوك المسلم؛ في تفسير لما جاء بعد آيات الصيام، حيث انتقل تعالى بعد بيان أحكام الصيام إلى بيان أحكام جانب مهم من معاملة الإنسان لأخيه الإنسان، وأن السعادة لا تكتمل له إلا إذا أطاب مطعمه، وامتنع عن شهادة الزور، وعن أكل أموال الناس بالباطل؛ في قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون}. فالمسلم قد كفَّ عن الطعام والله تعالى يراقبه؛ امتثالًا وطاعة لله تعالى.
وبيَّن فضيلته أن الصيام يهذب سلوك المسلم؛ فلا يأكل أموال الناس بالباطل، ويبتعد عن الغش وغيره من الأساليب التي فيها احتيال من الإنسان على أخيه الإنسان؛ فهو يعلم المسلم الأمانة في التعامل مع غيره، مثلما توضح لنا الآية الكريمة، التي تنهى كذلك عن أكل الحرام، في جميع المعاملات، في البيع والتجارة وغيرها، فحرَّم التلاعب بأسعار السلع واحتكارها، وعلى المسلم أن يعلم أن كل تدليس واستغلال لحاجة الناس محرم شرعًا، وعليه تحري مطعمه ومشربه وملبسه؛ فلا احتكار، ولا غش، ولا تدليس، ولا تلاعب بالأسعار، ولا تلاعب بالأسواق؛ لأن هذا يهدر علاقة المسلم بالله تعالى.
واختتم وكيل الأزهر أن الصيام مدرسة تعلَّمنا فيها التواد، وتعلمنا فيها التواصل، وتعلمنا فيها الوقوف على حدود الله تعالى، ألا فانتهوا إلى حدود الله تعالى؛ حتى تستقيم لكم الحياة، فتفوزوا برضا الله في الدنيا، وتفوزوا برضاه تعالى ومغفرته في الآخرة.