22 ديسمبر, 2018

جولات ولقاءات شيخ الأزهر في 2018.. منهج إنساني ورسالة عالمية

 إندونيسيا تستقبل الإمام الطيب بـ"مصرُ يا أمَّ البلاد".. وسنغافورة تفتخر بأن كل قياداتها الإسلامية من خريجي الأزهر..

حكومة بروناي تصطف بكاملها في محاضرة الإمام الأكبر.. ورئيس البرتغال يؤكد أن العالم كله يُعَوِّل على حكمة الأزهر واعتداله..

أكبر جامعات كازاخستان تقلده الدكتوراه الفخرية.. وأقدم جامعات أوروبا تمنحه أرفع أوسمتها.. وأوزبكستان تفخر بدفاعه القوي عن الإسلام ووسطيته..

رئيس إيطاليا يؤكد: صورتكم مع بابا الفاتيكان أسقطت الكثير من الحواجز والجدران.. وبابا الفاتيكان: العالم بحاجة لأمثالكم ممن يشيدون جسور التواصل

عكست اللقاءات والجولات الخارجية التي قام بها فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف خلال عام 2018، التأثير والدور المتصاعد للمؤسسة الإسلامية الأكبر في العالم، في ظل ما يحظى به منهجها الوسطي المعتدل من قَبول واحترام عالمي واسع، وما تقوم به من جهود مؤثرة في تعزيز قيَم التسامح والحوار والسلام بين جميع البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، وذلك انطلاقًا من منهج الأزهر الإنساني ورسالته العالمية، وهي الرسالة التي يؤكد الإمام الأكبر على أنها تحمل السلام لكل بني الإنسان، وتسعى لتشييد جسور التواصل والحوار بديلًا عن الجدران والحواجز؛ لذا انطلق فضيلته ليجوب قارّاتِ العالم ودوله شرقًا وغربًا لتحقيق هذه الرسالة، التي يحملها الأزهر على عاتقه منذ أكثر من ألف عام.

بدأ الإمام الأكبر أولى جولاته الخارجية في عام 2018 في الرابعَ عشرَ من مارس، من العاصمة البرتغالية لشبونة، بدعوة من الرئيس البرتغالي، مارسيلو ريبيلو دي سوزا، وقد استبقت وزارة الخارجية البرتغالية الزيارة بإصدار بيان رسمي رحَّبت من خلاله بالزيارة، واصفة فضيلته بالممثل الأعلى للإسلام السُّنّي، الذي يقود مسيرة التجديد في الأزهر، والداعم على الدوام للحوار بين مختلِف الأديان.

واستهل شيخ الأزهر أنشطته في لشبونة بزيارة مقر البرلمان البرتغالي، حيث كان في استقباله السيد/ إدواردو فيرو رودريغيز، رئيس البرلمان البرتغالي، الذي أكد أن زيارة فضيلة الإمام الأكبر لبلاده تبعث برسائلَ جَوهريّةٍ لبناء جسور الحوار والتعايش، مشيرًا إلى أن البرلمان البرتغالي يتابع دائمًا جهود الأزهر في مواجهة الفكر المتطرف، وتعزيز الحوار بين الشرق والغرب.

قائد ديني عظيم

وبعد انتهاء زيارته للبرلمان البرتغالي توجه فضيلة الإمام الأكبر إلى قصر الرئاسة في لشبونة للقاء الرئيس البرتغالي البروفيسور مارسيلو ريبيلو دي سوزا، الذي أكد أن العالم يُعَوِّل كثيرًا على صوت الحكمة والاعتدال الذي يمثله الأزهر، ويُقَدِّر الجهد الذي يبذله شيخ الأزهر لترسيخ مبادئ الحوار وقَبول الآخَر، مُبديًا رغبته في الاستفادة من خبرات الأزهر في دعم قيَم الاعتدال والتعايش، فيما أكد الإمام الأكبر أن الأزهر على استعداد لمزيد من التعاون مع البرتغال، بما يصون ويُعَمِّق حالة السلام المجتمعي التي تتميز بها.

وفي الجامعة الكاثوليكية بلشبونة ألقى شيخ الأزهر محاضرة بعنوان "سؤال القيم الدينية وأزمة المجتمعات المعاصرة"، حذّر فيها من أن فلسطين اليوم تواجه غطرسة القوة وصوت المستبد وسياساتِ الظلم والتهجير، وأن العالم المعـاصر يَمُرُّ بأزماتٍ مُتعدِّدة خانقة أَذْكَت النِّزاعاتِ والاستقطاباتِ الدوليَّةَ، داعيًا إلى استدعاء الأديان للنزول إلى واقع النَّاس وضبط تصرفاتهم بما تحمله من رصيد أخلاقي هائل قادر على إقرار العدل والمساواة.

واختتم شيخ الأزهر زيارته للبرتغال بإلقاء الكلمة الرئيسة في الاحتفال بالذكرى الـ 50 لتأسيس الجمعية الإسلامية في لشبونة، بحضور الرئيس البرتغالي، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وكبار المسئولين في البرتغال، حيث شدّد فضيلته على أن لشبونة كان لها شأنٌ عظيم في تاريخ المسلمين العلمي والأدبي والتشريعي والثقافي، داعيًا إلى ترسيخ «فقه المواطنة» بين المسلمين في أوروبا، كخطوة ضرورية على طريق «الاندماج الإيجابي»، كما أعلن فضيلته عزم الأزهر افتتاح قسم للغة البرتغالية وآدابها بجامعة الأزهر، وعلق الرئيس البرتغالي على كلمة الإمام الأكبر، مؤكدًا أنه أَوْصَلَ رسالةَ سلامٍ وانفتاح على الآخَر، وأنه "قائد ديني عظيم يدعو دائمًا للتسامح والسلام".

في بلاد "المحظرة"

بعد انتهاء زيارته إلى البرتغال توجه شيخ الأزهر إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، المحطة الثانية في جولته الخارجية، وقد استهلها بالتوجه إلى المجلس الأعلى للإفتاء، حيث كان في استقباله وزير الشؤون الإسلامية أحمد بن داود، والشيخ محمد المختار بن امباله رئيس المجلس الأعلى للإفتاء، الذي أكد أن الموريتانيين يعتزون بمرجعيتهم الأزهرية، معربًا عن تطلعه لأن تكون زيارة فضيلة الإمام الأكبر حلقة من حلقات محاربة الأزهر للفكر المتطرف ونشر الدين الوسطي.

من جانبه، أشاد الإمام الأكبر بدور موريتانيا في الحفاظ على التراث الإسلامي والعربي، مما جعلها إحدى المنارات العلمية الرائدة في العالم الإسلامي، لافتًا إلى أن الأزهر يشهد حركةَ بعثٍ تُراثيّ من خلال إحياء أروقته العلمية.

وعقب ذلك زار فضيلته الإذاعة الموريتانية ومقر قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم، ثم عقد ندوة علمية مع كبار علماء الدين الموريتانيين، اعتبر خلالها أن الأزهر الشريف والمحاضر الشَّنقيطيَّة حافظَا على تراثِ الأمَّةِ؛ حِفظًا وروايةً وشَرحًا وتعليقًا، وأن أفضلَ ما يُمكِن أن نُقدِّمَه لأمَّتِنا في أزمتها هو تعميقُ الصِّلات العلميَّة بين علماءِ الأزهرِ وعُلماء شنقيط.

وعقب ذلك توجه شيخ الأزهر إلى مقر الرئاسة، حيث كان في استقباله الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي نَوّه بدور الأزهر في نشر وسطية الإسلام وجهوده في مواجهة الأفكار المتطرفة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، كما رحب بمقترح إقامة مركز لفكر الإمام الأشعري في موريتانيا، يخضع لإشراف الأزهر الشريف، وفي ختام زيارته لموريتانيا شهد فضيلة الإمام الأكبر مراسم التوقيع على برتوكول تعاون بين جامعة الأزهر وجامعة العلوم الإسلامية، وبروتوكول آخَرَ بين جامعة الأزهر والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.

الإمام الأكبر في إندونيسيا

وبعد أقلَّ من شهر، كان الإمام الأكبر على موعد مع جولة خارجية ثانية، وِجهتها هذه المرة كانت إلى جنوب شرق آسيا، وتحديدًا إلى إندونيسيا وسنغافورة وسلطنة بروناي، وقد بدأ فضيلته الجولة في الثامنَ عشرَ من إبريل من العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث التقى في بدايتها الرئيسَ الإندونيسي "جوكو ويدودو"، الذي شدد على أن الأزهر يمثل منبر الوسطية في العالم الإسلامي، ويقوم بدورٍ بالغِ الأهمية في التصدي للجماعات المتطرفة، مؤكدًا أن الإندونيسيين يشعرون بثقة واطمئنان عندما يرسلون أبناءهم للدراسة في الأزهر.

وأقام نائب رئيس جمهورية إندونيسيا "محمد يوسف كالا"، مأدبة عشاء؛ ترحيبًا بفضيلة الإمام الأكبر والوفد المرافق له، بحضور عدد من كبار المسئولين الإندونيسيين، ثم توجه فضيلته في اليوم التالي إلى القصر الرئاسى بمدينة بوجور، المتاخمة للعاصمة جاكرتا، لإلقاء الكلمة الرئيسة في افتتاح اللقاء التشاورى العالمي للعلماء والمثقفين حول وسطية الإسلام، وذلك بحضور الرئيس الإندونيسى ولفيف من كبار الشخصيات الدينية فى العالم، وشدد فضيلته في كلمته على أن وسطية الإسلام، هي ضمانُ الاعتدال والتَّنوُّع والقُوَّة، بل هي العاصمُ من أخطار التَّشدُّد والتعصبِ، أو التحلُّلِ من ثوابت الإسلام.

وعقب ذلك، توجه الإمام الأكبر، على متن الطائرة الخاصة بنائب الرئيس الإندونيسي، في لفتةِ احتفاءٍ بفضيلته، إلى مدينة سولو، حيث ترأس المؤتمرَ العامّ لخِرّيجي الأزهر في إندونيسيا، والذين يُقَدَّر عددهم بأكثرَ من 30 ألف خريج، يتقلدون العديد من المناصب الرفيعة في إندونيسيا، ويساهمون بقوة في نهضة البلاد، وقد أعلن الإمام الأكبر خلال اللقاء عن إنشاء وحدة خاصة للتواصل مع خريجي الأزهر من إندونيسيا. كما زار فضيلة الإمام الأكبر فرع "الجامعة المحمدية" في مدينة سولو، حيث عقد حوارًا مفتوحًا مع أساتذة وطلاب الجامعة، أكد خلاله أن أصول السلام في القرآن هي: قَبول الاختلاف وحرية العقيدة والتعارف، وأن هذه المبادئ هي سر استمرار الأزهر، فيما أشار السكرتير العام للجمعية المحمدية، إلى أن خريجي الأزهر يساهمون بقوة في تعليم العلوم الشرعية بجامعات ومدارس الجمعية.

واختتم شيخ الأزهر جولته في مدينة سولو بزيارة كلية "دار السلام كونتور للبنات"، وكان لافتًا اصطفاف طالبات الكلية لمئات الأمتار للترحيب بزيارة فضيلته، كما كان المشهد مؤثّرًا عندما أنشد الطالبات بصوتٍ بديع النشيدَ الوطني لجمهورية مصرَ العربيةِ كاملًا، لتتردد في جنبات قاعة الاحتفال: "مصرُ يا أمَّ البلاد.. أنتِ غايتي والمراد"، وقد ردَّ فضيلته التحية بأجملَ منها، مُعلِنًا أنه يحمل هدية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتمثل في تخصيص 30 منحةً للدراسة في الأزهر الشريف لطلاب وطالبات الكلية.

حفاوة سنغافورية

من إندونيسيا، انتقل شيخ الأزهر إلى سنغافورة، المحطة الثانية في جولته، وفيها حظي باستقبالٍ حافل، وخصصت الحكومة السنغافورية بعثةَ شرفٍ لمرافقة الإمام الأكبر، يترأسها د. محمد مالكي عثمان، كبير وزراء الدولة لشئون الخارجية والدفاع، وقد استهل الإمام الأكبر لقاءاتِه في سنغافورة بلقاء "تيو تشي هين"، رئيس الوزراء، والذي أقام مأدبة عشاء على شرف الإمام الأكبر، أكد خلالها أن خريجي الأزهر يساهمون بقوة في دعم قيَم التسامح والتعايش في سنغافورة، وأن جميع القيادات الإسلامية الدينية في سنغافورة هم من خريجي الأزهر، لافتًا إلى حرص بلاده على الاستفادة من تَجرِبة الأزهر في التصدي للأفكار المتشددة.

وفي اليوم الثاني للزيارة التقى الإمام الأكبر رئيسةَ جمهورية سنغافورة "حليمة يعقوب" التي أكدت أن أبناء بلادها ينظرون باحترامٍ وتقديرٍ بالغَين للأزهر الشريف، معربة عن تطلعها لدعم الأزهر لسنغافورة في إعداد المناهج الإسلامية وتدريب أئمتها.

وألقى فضيلة الإمام الأكبر المحاضرة السنوية للمجلس الإسلامي السنغافوري، وذلك بمناسبة مرور 50 عامًا على إنشائه، حيث شدد فضيلته على ضرورة الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها، وأن تكون "الأخوّة الإنسانية" هي الرابط الذي يجمع البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، كما زار فضيلته مسجد خديجة، أحد أقدم مساجد سنغافورة، ومركز الإرشاد الديني، ومدرسة الإمام الجُنَيد الإسلامية، فيما أدّى صلاة الجمعة في مسجد السلطان، أكبرِ مساجدِ سنغافورة، حيث احتشد المئات لتحية فضيلته والسلام عليه.

حكومة بروناي في حضرة الإمام

وفي المحطة الأخيرة لهذه الجولة توجه فضيلة الإمام الأكبر إلى سلطنة بروناي دار السلام، حيث التقى "حاج/ حسن البلقية"، سلطان بروناي، وعقب اللقاء أعلن فضيلته أنه جرى الاتفاق على إقامة فرع للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر في سلطنة بروناي، وإقامة مركز لتعليم اللغة العربية، وتخصيص 30 منحةً لطلاب بروناي للدراسة في الأزهر، بالإضافة إلى تعيين مفتي بروناي عضوًا في مجلس حكماء المسلمين، من جانبه أعرب سلطان بروناي عن شكره للأزهر الشريف، داعيًا الله أن يحفظ الأزهر وإمامه، وأن تظل أبوابه مفتوحة لأبناء بروناي.

وفي اليوم الثاني للزيارة، ألقى الإمام الأكبر محاضرة عن "التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في مواجهة الإرهاب"، في مركز المؤتمرات الدولي، بحضور جميع وزراء الحكومة وكبار قيادات الدولة في سلطنة بروناي، وركّز فضيلته على تفنيد المزاعم التي تريد ربط الإرهاب بالإسلام، مشدّدًا على أن المسلمين هم الضحية الأولى لتلك الجماعات الإرهابية، وأن الحرب تُشَكِّل في الإسلام استثناءً لا يُلجَأُ إليه إلَّا بحُكم الضَّرورات القُصوَى.

واختتم الإمام الأكبر زيارته لسلطنة بروناي، بتفقُّد المدرسة العربية الثانوية للبنات، كما زار فضيلته المُتحَف الملكي، وقام بجولة نهرية للتعرُّف على معالم سلطنة بروناي، وما تزخر به من مزاراتٍ تاريخية وطبيعية.

شيخ الأزهر في قلعة وندسور

في الثانيَ عشرَ من يوليو كان فضيلة الإمام الأكبر على موعد مع ثالث جولاته الخارجية في عام 2018، والتي اقتصرت هذه المرة على بريطانيا، حيث كان في استقباله لدى وصوله إلى مطار هيثرو "د.جاستن ويلبي"، كبير أساقفة كانتربري، وقد استهل شيخ الأزهر الزيارة بلقاء الملكة إليزابيث الثانية، ملكة المملكة المتحدة، في قلعة وندسور التاريخية، حيث أكد فضيلة الإمام الأكبر أن الأزهر يفتح نوافذ الحوار مع الجميع لترسيخ قيَم السلام والتعايش، فيما أوضحت ملكة بريطانيا أن العالم يُعَوِّل بشِدّةٍ على القيادات الدينية من أجل تعزيز السلام العالمي.

وفي لفتةِ ترحيبٍ بزيارة الإمام الأكبر، دعا كبير أساقفة كانتربري فضيلةَ الإمام الأكبر للإقامة في "قصر لامبث"، مَقَرّ الأسقفية، حيث ترأس الإمام الأكبر وكبير الأساقفة جولة الحوار الثالثة بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية، والتي أكد فضيلته، خلالها، أن قادة الأديان يجب أن يجتمعوا في خيمةٍ واحدة عنوانها "الأديان ضرورة للإنسان"، فيما دعا كبير أساقفة كانتربري إلى ضرورة التركيز على ما تضمّه الكتب المقدسة من تعاليمَ تَحُضّ على السلام والتعايش.

والتقى فضيلته، خلال إقامته في قصر لامبث، الشبابَ المشاركين في "منتدى شباب صُنّاع السلام"، الذي نظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين وأسقفية كانتربري، وضَمّ 50 شابًّا، نصفهم من الغرب والنصف الآخَر من الشرق؛ بهدف ترسيخ قيَم التسامح والحوار، والاستماع إلى صوت الشباب ومبادراتهم الطَّموحة والخَلَّاقة، وأكد فضيلته خلال اللقاء أنه يشعر بالمسئولية تُجاهَ كل البشر وليس المسلمين فقط، مؤكدًا أن المطالبة بعودة القيَم الدينية تعني العودة للقيَم الإنسانية.

وشملت لقاءات شيخ الأزهر في لندن، استقبالَ توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، رئيس مؤسسة توني بلير، كما التقى فضيلة الإمام الأكبر أعضاءَ المنتدى الإسلامي المسيحي البريطاني، مشيرًا إلى أن التحدي الذي يواجه رجال الدين يتمثل في ضرورة نشر التعاليم والقيم الحقيقية للأديان، وترسيخها في حياة الناس.

واختتم الإمام الأكبر زيارته إلى بريطانيا، بترأس اجتماع مجلس حكماء المسلمين، الذي تزامن مع مرور أربعة أعوام على تأسيس المجلس، حيث تمّ استعراض أهم النتائج التي حققها خلال الفترة السابقة، والخُطط والبرامج المستقبلية لتحقيق أهداف المجلس في ترسيخ السلام ومَدّ جُسور التواصل، والقضاء على التوترات والنزاعات حول العالم، كما تَقَرّر تسجيلُ المجلس كهيئةٍ دولية مُعتمَدة عالميًّا.

العودة إلى آسيا

في أكتوبر 2018 توجه الإمام الأكبر مُجَدَّدًا إلى قارة آسيا، لكن هذه المرة إلى وسطها، وذلك في جولة استهلها من كازاخستان، أكبر جمهوريات وسط آسيا؛ تلبيةً لدعوة رسمية من الرئيس "نور سلطان نزارباييف" للمشاركة في افتتاح الدورة السادسة لمؤتمر زعماء الأديان، وفي مستهلّ الزيارة منحتْ جامعةُ "أوراسيا الوطنية" أكبر جامعات كازاخستان، الإمامَ الأكبر، درجة الدكتوراه الفخرية، في حفل كبير شارك فيه عُمداءُ وأساتذة وطلاب الجامعة، وحشدٌ من النُّخب والشخصيات الدينية والفكرية والثقافية في كازاخستان، وقال فضيلته خلال الحفل: إن كازاخستان شَكَّلَتْ حاضنةً أصيلة من حواضن العقل المسلم واللسان العربي، مضيفًا: أن الحضارة الإسلامية قامت على أساس مُثَلَّث "الوحي والعقل والأخلاق".

والتقى الإمام الأكبر، خلال الزيارة، الرئيسَ "نزارباييف"، الذي لفت إلى أن الأزهر بحُكم مكانته العالمية يضطلع بدور كبير تُجاهَ قضايا المسلمين وأوطانهم، فيما شدّد الإمام الطيب خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر قادة الأديان على أنه لا مَفَرَّ من العودة إلى الدين كحارسٍ للأخلاق؛ لحَلّ أزمة عالمنا المعاصر الذي يعاني أزمةً شديدةَ التعقيد، مُرَكَّبَةً من الألم والتوتر والجزع.

وعقب مشاركته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، غادر الإمام الأكبر كازاخستان متوجهًا إلى مدينة طشقند عاصمة أوزبكستان، حيث التقى فضيلته الرئيسَ الأوزبكي شوكت ميرضيائيف، الذي أشاد بالدور المهم للأزهر الشريف في التعبير عن وسطية الإسلام وسماحته، مؤكدًا أن شيخَ الأزهر "رجلُ سلامٍ"، وأن كلمته في مؤتمر قادة الأديان شَكّلَتْ دفاعًا قويًّا عن الإسلام وعن براءته من تهمة الإرهاب، هذا فيما أعلن شيخ الأزهر سلسلةَ خطواتٍ لدعم التعاون بين الأزهر وأوزبكستان؛ تشمل زيادة عدد المِنَح المُخَصَّصة لطلاب أوزبكستان، وتدريب الأئمة الأوزبكيين على كيفية التصدي للأفكار المتطرفة، واستضافة عدد من الطلاب لدراسة اللغة العربية في الأزهر.

والتقى الإمام الأكبر، خلال الزيارة، كلًّا من: رئيس الوزراء/ عبد الله عارفوف، ورئيس مجلس الشيوخ/ نعمة الله يولداشيف، هذا فيما مُنِحَ فضيلتُه الدكتوراه الفخرية من أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية؛ تقديرًا لإسهاماته المتميزة وجهوده الدَّءوبة في توضيح سماحة الإسلام، وتعزيز ثقافة التسامح والحوار، فيما تمّ توقيعُ مُذكِّرتَي تَفاهُمٍ بين جامعة الأزهر وكلٍّ من: أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية ومركز الإمام البخاري للبحوث العلمية.

في ضيافة البابا

بعد انتهاء زيارته إلى وسط آسيا توجه فضيلة الإمام الأكبر إلى أوروبا، وتحديدًا إلى مدينة بولونيا الإيطالية؛ لحضور مؤتمر "الأديان.. والثقافة والحوار"، حيث ألقى فضيلته كلمة خلال الجلسة الرئيسة، أكد فيها أن الأزهر يُعَلِّم طلابه قيمة احترام ثقافات الشعوب وحُرمة الاعتداء عليها، وأن الإرهاب الذي يُرعِب الآمنين لا يمكن أن يكـون صنيعةَ قـومٍ يؤمنـون بالدين، مؤكدًا أن "الأزمة الأُمّ" في عالمنا هي "أزمة السلام" وتجارة السلاح وإشعال الحروب، كما زار فضيلته جامعة بولونيا، أقدم وأعرق جامعات أوروبا، حيث منحته الجامعةُ وسامَ "السجل الأكبر"، وهو أرفع وسام تمنحه جهة أكاديمية لعدد من الزعماء السياسيين والدينيين والمفكرين والعلماء.

وعقب مشاركته في المؤتمر، توجه الإمام الأكبر إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث التقى الرئيسَ الإيطالي "سيرجيو ماتاريلا"، الذي أكّد أن الإمام الطيب يُمَثِّل رمزًا كبيرًا للحوار والسلام في العالم، وأن صورته مع بابا الفاتيكان أسقطت الكثير من الحواجز والجدران، فيما اختتم الإمام الأكبر زيارته لإيطاليا بلقاء قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وقد أعرب فضيلته عن سعادته بهذا اللقاء الودي الذي يجمعه بـ"أخيه وصديقه" حضرة البابا فرنسيس، الذي يُجَسِّد نموذجَ رجلِ الدين المتسامح والمعتدل، والمهموم بقضايا ومعاناة الفقراء والمستضعفين والمشردين، وهو أمرٌ يُشاطِره الأزهرُ الشريف الاهتمامَ به؛ كونه يُمَثِّل جَوهرَ تعاليمِ الأديان، التي ما نزلت إلا من أجل خير البشر وسعادتهم، ولحثهم على التراحم والتعاطف فيما بينهم، من جانبه، أبدى البابا فرنسيس تقديره لتلك الزيارة الودودة من الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، وهنّأ فضيلتَه بتكريمه من جامعة بولونيا، مُقَدِّرًا الدور المهم لفضيلته في دعم قيم السلام والحوار عبر العالم، ومؤكدًا أن الفاتيكان يتطلع لمزيد من التعاون والعمل المشترك مع الأزهر الشريف، فالعالم في حاجة لجهودِ مَن يشيدون جسور التواصل والحوار، وليس من يَبنون جدران العزلة والإقصاء.

كرامة الطفل

واختتم فضيلة الإمام الأكبر جولاتِه الخارجيةَ في عام 2018 بزيارة العاصمة الإماراتية، أبو ظبي، للمشاركة في "ملتقى تحالُف الأديان.. كرامة الطفل في العالم الرقمي"، حيث ألقى فضيلته الكلمة الرئيسة في المؤتمر، وذلك بحضور زعماءَ للعديد من الأديان والطوائف من مُختلِف أنحاء العالم، وقد أكد خلالها أن الإسلام له السبق في سَنّ تشريعاتٍ هي الأشمل والأَوْفى بمصلحة الطّفل وحقوقه ولا يوجد نظيرٌ لها في أيّ نظامٍ آخَرَ، وأن الإسلام اهتم بالأطفال من قَبل أن يكونوا أَجِنّةً في بطون أمهاتهم وحتى بلوغهم مبلغ الرّجال والنّساء، وأن التشريعاتِ الحديثةَ ما زالت في حاجة إلى الاهتداء بما نَصّ عليه الإسلام والأديان عامّةً من حقوق للأطفال، لافتًا إلى أن شريعة الإسلام تقضي للأمّ المسيحية أو اليهودية بحضانة الطفل المسلم، ولا تقضي لأبيه وأسرته المسلمة بحضانته، وأنه لا خلاف بين علماء الإسلام في تحريم الجرائم التي تُرتكب بحق الأطفال تحريمًا قاطعًا، أو التشجيع عليها بأيّ صورةٍ من الصور أو وسيلةٍ من الوسائل.

زعماء في ضيافة الإمام الأكبر

وبالتوازي مع جولات الإمام الأكبر الخارجية التي ساهمت بقوة في إبراز سماحة الإسلام والدعوة إلى نشر ثقافة الوسطية والتعايش والسلام، فإن الأزهر الشريف كان أيضًا مقصدًا لعددٍ من الرؤساء والقادة والزعماء والمسئولين خلال عام  2018، ومن أبرز هؤلاء: سموّ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وليّ عهد المملكة العربية السعودية، الذي أعرب عن اعتزاز بلاده بالأزهر الشريف وبشخص الإمام الطيب، وجهوده في نشر ثقافة الوسطية والتعايش والسلام ومكافحة الفكر المتطرف، مُعرِبًا عن تَطَلُّع المملكة لتعميق التعاون مع الأزهر، والاستفادة من خبراته في مكافحة الفكر المتطرف ونشر ثقافة التعايش والسلام، كما شارَكَ وليّ العهد السعودي مع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وفضيلة الإمام الأكبر، في افتتاح أعمال ترميم الجامع الأزهر، حيث أعرب شيخ الأزهر عن خالص شكره وتقديره لدعم المملكة العربية السعودية لدور الأزهر العالمي؛ من خلال تَبَنّيها مشاريعَ ترميمِ الجامع الأزهر وبناءِ مدينةٍ متكاملة للبعوث الإسلامية.

كذلك استقبل شيخ الأزهر الرئيسَ/ مارسيلو ريبيلو دي سوزا، رئيس جمهورية البرتغال، حيث أشاد فضيلته بما شهده خلال زيارته للبرتغال من تعايُشٍ إيجابيّ وتسامح بين أبناء الشعب البرتغالي على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، مُبديًا حرص الأزهر على دعم هذا النموذج من خلال تقديم المِنَح للطلاب البرتغاليين المسلمين للدراسة في الأزهر الشريف، واستقدام أئمة مساجد البرتغال لتدريبهم على قضايا التعايش والسلام المجتمعي، بينما أكد الرئيس البرتغالي أن زيارة الإمام الأكبر إلى البرتغال مَثّلتْ حدثًا مُهِمًّا للمجتمع البرتغالي، مؤكدًا أن فضيلته يُمَثِّل مؤسسةً عالمية لها تاريخٌ عميق، ويبذل جهودًا كبيرة لنشر السلام حول العالم.

وقد ألقى الرئيس مارسيلو دي سوزا محاضرةً في قاعة الإمام محمد عبده بجامعة الأزهر، أشار فيها إلى أن وجوده في جامعة الأزهر التاريخية المليئة بالحضارة والفكر والثقافة يجعله يشعر كما لو كان في وطنه، مضيفًا: أن فضيلة الإمام الأكبر يُجَسِّد القادة المؤمنين بالسلام وحرية الأديان، فهو يدعو إلى المحبة وقَبول الآخَر، وهي قيَمٌ مُهِمّةٌ جِدًّا، ويجب أن تَسودَ كلَّ أنحاء العالم، بعد ذلك اصطحب فضيلة الإمام الأكبر، رئيسَ البرتغال، في جولةٍ بالجامع الأزهر؛ للتعرُّف على أركانه، وما يزخز به من فنونٍ معمارية ومَعالِمَ تاريخيةٍ، بعد عملية الترميم والتطوير الشاملة التي شهدها الجامع.

"الأخوة الإنسانية"

كما زار سموّ الشيخ عبد الله بن زايد، وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيخةَ الأزهر؛ لتسليم دعوةٍ رسمية من سموّ الشيخ محمد بن زايد، وليّ عهد أبو ظبي، إلى شيخ الأزهر؛ لزيارة دولة الإمارات، وحضور مؤتمرٍ عالميّ بعنوان: "حوار قادة الأديان من أجل الأخوّة الإنسانية"، والذي تستضيفه دولة الإمارات المتحدة، ويحضره مع فضيلته: قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وعددٌ كبير من قادة ورموز الأديان حول العالم.

كما استقبل فضيلة الإمام الأكبر، المستشارَ عدلي منصور، رئيس الجمهورية السابق، والرئيس السابق للمحكمة الدستورية العُليا، والذي أعرب عن تقديره للدور الذي يضطلع به الأزهر في الحفاظ على وسطية الإسلام وعلى السلام والأمن المجتمعي في مصر والعالم الإسلامي، مضيفًا: أن منهج الأزهر الشريف التعدُّديّ، وعلماءه الذين نَشئوا على قَبول الاختلاف، يُشَكِّلون حائطَ الصَّدِّ الأوّلَ في مواجهة الأفكار المتطرفة، كما أكّد الرئيس المصري السابق أن الإمام الطيب أعاد للأزهر الشريف ريادتَه ومكانته العالمية، ويبذل جهودًا كبيرة على المستوى العالميّ؛ من أجل تحقيق السلام في العالم، مُشيدًا بدَور فضيلته الوطنيّ؛ في التصدي للإرهاب وتَفنيد دَعاوى الجماعات المتطرفة.

ويمكنكم التحميل من هنــا : حصاد الأزهر الشريف 2018

قراءة (16973)/تعليقات (0)

كلمات دالة: حصاد الأزهر 2018