| 26 أبريل 2024 م

المختار من كنوز السنة

أ.د/ محمد عبد الله دراز

  • | الثلاثاء, 24 يناير, 2017
المختار من كنوز السنة

نستكمل في هذا المقال شرح حديث رسول الله «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان عليه من العمل» أخرجه الشيخان.

وقد ذكرنا في المقال السابق أن هذا الحديث جمع أصول العقائد الدينية التي بها النجاة في الآخرة، وأن هذه العقائد على كثرتها في كتب التوحيد ترجع إلى ثلاثة مقاصد: المقصد الأول: (معرفة المبدأ) وهو العلم بالله تعالى وصفاته، ويسمى: قسم الإلهيات.

المقصد الثاني: (معرفة الواسطة) وهو الإيمان بالرسل والملائكة والكتب والتكاليف ويسمى (قسم النبوات). والمقصد الثالث: (معرفة المعاد) وهو الإيمان بالبعث والحساب والجزاء ويسمى (قسم السمعيات).

وفي هذا المقال نستكمل عرض تلك المقاصد الثلاثة.

هذا هو الإيمان بالوسائط التي بين الخالق والمخلوق في تبليغ كلامه وأحكامه إليهم، وهؤلاء الوسائط هم رسل الله. والإيمان بالرسل يتضمن الإيمان بالوحي المنزل عليهم، وبحاملي هذا الوحي إليهم، وهم الملائكة. بل الإيمان بمحمد ﷺ يتضمن الإيمان بجميع الرسل لأنه مصدق لهم وداعٍ في صُلب دعوته إلى الإيمان بهم جميعًا. فذكر الإيمان بعيسى لاقتضاء ظروف خاصة لذكره، وهي أن أهل الكتاب اختلفوا في شأنه، فالنصارى رفعوه إلى درجة الألوهية، واليهود وضعوه عن مرتبة الرسالة. فلزم التنبيه على حقيقة الأمر فيه. فنبه الرسول بقوله: «إنه عبد الله ورسوله» على الأمر المشترك بينه وبين سائر الرسل، وبقوله ــ كما قال الله تعالـى: " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا" النساء(171).

على المزايا التي اختصه الله بها في طريقة تكوينه، ذلك أنه أنشأه بكلمته وأمره إذ قال له كن فكان نعم كل كائن فقد نشأ بكلمته تعالى وأمره التكويني، لكن نشأة عيسى كانت بمجرد هذه الكلمة من غير واسطة الأسباب المألوفة، فقد نشأ من أم فقط بغير أب كما نشأ آدم بلا أم ولا أب:  "إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" آل عمران: 59

فإن كان في طريقة خلقه -عليه السلام- خرق للنواميس الكونية في نظام التناسل الإنساني فليس في هذا الخارق ما ينقله عن مستوى الحدوث والإمكان إلى كونه إلهًا أو ابنًا لله وإنما كل ما في الأمر أنه بشر عجيب الشأن في التكوين، وآية من آيات القدرة العليا التي هي فوق تلك النواميس، وقد سبقتها آية أعجب منها وهي خلق آدم، فلم يكن ذلك موجبًا لاتخاذ آدم إلهًا أو ابنًا لله.

والإخبار عن عيسى -عليه السلام- بأنه روح مع أنه مركب ككل إنسان من روح وجسم، وكما كان لروحه حظوظ ملكية فقد كان لجسمه حظوظ بشرية " وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" المائدة (75)، إما لأن الروح هي أعظم العالمين في تركيب البشر وأحقهما باسم الإنسان، وإما لأن روحانيته  -عليه السلام ـ كانت غالبة على جثمانيته، فكان كأنه روح بحت وأصل "الروح" هو ذلك السر الإلهي الذي به حياة الأبدان. وقد يقال الروح لذلك السر الذي هو غذاء الأرواح وبه حياة القلوب، ومن هنا سمي (القرآن) روحًا لأنه نور وهدى وشفاء لما في الصدور" وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" الشورى:52، وسمي جبريل روحًا لأنه رسول الخير وسر الرحمة  "قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ" النحل: 102.

"فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا"
 مريم:17،
فيصح أن نسمي الرسل روحًا بهذا المعنى لأنهم رحمة للعالمين، وقد قال تعالى في شأن عيسى:

"قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا" مريم: 21، ومعنى كون تلك الروح من الله أنها من عنده وبأمره فإن كانت  بالمعنى الثاني فهو - عليه السلام - تلك  الروح والرحمة المبعوثة من عنده هداية للعالمين، وإن كانت بالمعنى الأول فهي روح عيسى التي نفخها الله في أمه كما قال:

"وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ" الأنبياء: 91، وكذلك كل بشر حين يُخلق فإن الله تعالى ينفخ فيه من روحه، اقرءوا إن شئتم قوله تعالى: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ(7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (9)" السجدة: 7ـ 9

غير أن نفخ الروح في عامة الناس إنما يكون بعد أخذهم تلك الأطوار العادية، وبعد أن يكونوا أول أمرهم نطفة تصب من أصلاب الآباء في أرحام الأمهات. ونفخ الروح في عيسى كان بيد التكوين الإلهية الصِّرفة فلم يسبق بهذه المقدمات.

المقصد الثالث: أشار إليه بقوله ﷺ "والجنة حق، والنار حق"، وهذا هو قسم السمعيات. اكتفى منه بأصليه العظيمين وهما دار الثواب ودار العقاب، لأن ما عدا ذلك من البعث والحشر والحساب والميزان والصراط كلها وسائل ومقدمات فالإيمان بها تابع للإيمان بهما.

تمت المقاصد الثلاثة التي هي أركان العقيدة الدينية. فمن حصلها واعترف بها خالصا من قلبه استحق الجزاء الموعود بقوله ﷺ: «أدخله الله الجنة على ما كان عليه من العمل»: أي على حسب درجته في العمل، إحسانًا أو تخليطًا، فالناس سعيهم شتى، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، وعلى قدر تفاوتهم في العمل يكون تفاوتهم في دخول الجنة أول الداخلين أو آخر الداخلين أو فيما بين ذلك. ثم إذا دخلوها فهناك الدرجات المتفاوتة المدى

"وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" الأنعام:132

"انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا" الإسراء: 21

ويصح أن يكون المراد بقوله: "على ما كان عليه من العمل" المبالغة في دخول المؤمن الجنة مهما عمل من سوء وهذا أيضًا واضح لا إشكال فيه على ما اخترناه من مذهب أهل الحق، لأن من مات من العاصين على الإيمان(1)  فهو وإن كان أمام المشيئة في كفتي ميزان: لا يدري أيأخذ نصيبه من العذاب أم يناله عفو الله، لكن مآله الجنة وإن طال سفره إليها وكان دونها أهوال وأهوال. أخرجه البخاري في باب قوله تعالى : "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ" المائدة: 77

من كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم في باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة من كتاب الإيمان.

وعنه - رضي الله عنه - أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله حرم الله عليه النار"، أخرجه مسلم.

وعنه - رضي الله عنه -: أي عن عبادة بن الصامت وقد تقدمت ترجمته في الحديث السابق.

أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: لفظ الحديث في مسلم عن الصنابحي أنه قال: دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت فبكيت، فقال: مهلًا! لم تبكي؟ فوالله! لئن استشهدت لأشهدن لك، ولئن شفعت لأشفعن لك، ولئن استطعت لأنفعنك، ثم قال: والله! ما من حديث سمعته من رسول الله ﷺ لكم فيه خير إلا حدثتكموه، إلا حديثًا واحدًا، وسوف أحدثكموه اليوم وقد أحيط بنفسي، سمعت رسول الله ﷺ يقول.. إلخ.

من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله حرم الله عليه النار» بيان معنى الشهادة، ووجه الاكتفاء بهاتين العقيدتين عن سائر العقائد، يرجع فيها إلى شرح الحديث السابق.

ويبقى النظر في آخر الحديث وهو قوله: "حرم الله عليه النار".

فهذا من أصعب الأحاديث وأشدها إشكالا على مذهب أهل السنة إذ يكاد يكون صريحًا في مذهب المرجئة ويقابله حديث مالك ومسلم الذي رويناه لكم فيمن اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فهو يكاد يكون صريحًا في مذهب الخوارج والمعتزلة.

ولكن بالتطبيق على القواعد العقلية والنقلية التي قدمناها لكم في البحث الأول، يجب في أمثال هذه الأحاديث التي اصطلحنا على تسميتها: أحاديث الأطراف وإما ردها إلى الوسط بتأويل مقبول، وإما ردها.

وللأئمة في تأويل الأحاديث التي في طرف الرجاء والإرجاء كالحديث الذي نحن بصدده مذاهب:

أحدها: تأويل ابن المسيب أن هذا كان قبل نزول الفرائض الفرعية، حين كانت الدعوة قاصرة على أصول الدين، وذلك في صدر الإسلام، وهذا تأويل حسن لو ثبت، لكن مثل حديث أبي ذر الآتي فيه التصريح بذكر الزنا والسرقة فيدل على أن تحريم هذه الأشياء كان قد نزل بالفعل ولم يكن الأمر قاصرًا على أصول الدين. ومما يبعد هذا التأويل أيضًا أن بعض رواة هذه الأحاديث كانوا متأخري الإسلام كأبي هريرة فإنه أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة حيث كانت أكثر أحكام الإسلام متقررة.

الثاني: تأويل الحسن البصري أن من توابع الإيمان أداء حقه وتحصيل ثمرته فتحمل الأحاديث على المؤمن الكامل. وهذا تأويل حسن أيضًا، لكنه غير مطرد في مثل حديث أبي ذر إذ يقول النبي فيه: "وإن زنى وإن سرق".

الثالث: تأويل البخاري أن موضوع هذه الأحاديث فيمن قال هاتين الكلمتين قبل موته استغفارًا وندمًا ومات على ذلك.

ولفظ البخاري في باب الثياب البيض من كتاب اللباس "قال أبو عبد الله - يعني نفسه -: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال لا إله إلا الله غفر له "قال شارحه: أي في حقوق الله باتفاق أهل السنة، وأما في حقوق العباد فيشترط ردها - أو مسامحة صاحبها له - عند الأكثر ا هـ.

وقد يرشح تأويل البخاري أن كثيرًا من هذه الأحاديث إنما يذكرها رواتها عند الموت تبشيرًا واستبشارًا لأن هذا وقت الأمل لا وقت العمل. وقد نقلت لكم سياق كلام عبادة في صدر هذا الحديث ليكون من مورد الحديث تفسير للمقصود منه. ويؤيد فهم البخاري أيضًا في أن هذا عند الاستغفار والتوبة ما رواه الطبراني بسند جيد عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال: «أتاني آت من ربي فقال:

"وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا" النساء: 110، فقلت: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق! قال: نعم ثم ثلثت فقال: على رغم أنف عويمر.

وعلى هذه التأويلات الثلاثة يكون تحريم النار كليًا، ودخول الجنة بغير سابقة عذاب لكن يقيد موضوعه بوقت أو بعمل أو بحال فيصح على المذاهب كلها.

الرابع: وهو خاص بمذهب أهل السنة - تأويل القاضي عياض والمحققين أن المراد تحريم النار عليه خلودًا لا تحريم دخولها. وبيانه أن لفظ التحريم مطلق بحسب الوقت لا عام، ولو قال: حرمها عليه أبدًا" لأشكل جدًا ولكن مطلق التحريم صادق ببعض الأوقات وذلك أنه إذا استوفى ما عليه من العقوبة حرمت عليه فيخرج منها ولا يعود إليها. وبذلك يكون قوله": حرم الله عليه النار" مثل قوله": أدخله الله الجنة أي إما ابتداء أو بعد حين.

أقول: ويصح أن يكون المراد من تحريم النار على المؤمن تحريم أن تأكل منه جميع جسده فإن الله قد حرم على النار أن تأكل مواضع السجود من المؤمنين كما تقدم في حديث الشيخين.

فإن لم تحمل الأحاديث الواردة في هذا المعنى على نحو من هذه المحامل وجب ردها من جهة صناعة الحديث، كما قال أبو عمرو بن الصلاح وهو حجة في علم الدراية:

إن الظواهر الواردة بدخول الجنة بمجرد الشهادة يجوز أن تكون اختصارًا من بعض الرواة نشأ من نقصه في الحفظ والضبط، فإذا أخذنا بكلام ابن الصلاح قلنا إنه يجب حمل هذه الرواية المختصرة لعبادة بن الصامت على الرواية المطولة له في الحديث الأول.

وما أحسن ما قاله بعض المحققين ونقله عنه في فتح الباري عند شرح حديث أبي ذر في باب (المكثرون هم المقلون) من كتاب الرقاق قال: قد يتخذ من أمثال هذه الأحاديث ذريعة إلى طرح التكاليف وإبطال العمل، ظنا أن ترك الشرك كاف. وهذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود، وأن الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية لا تأثير له، بل يقتضي الانخلاع عن الدين، والانحلال عن قيد الشريعة، والخروج عن الضبط، والولوج في الخبط، وترك الناس سدى مهملين، وذلك يفضي إلى خراب الدنيا قبل أن يفضي إلى خراب الآخرة: مع أن قوله ﷺ في بعض هذه الأحاديث: أن يعبدوه يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية، وقوله ولا يشركوا به شيئًا، يشمل مسمى الشرك الجلي والخفي فلا راحة للتمسك به في ترك المعمل، لأن الأحاديث إذا ثبتت وجب ضم بعضها إلى بعض فإنها في حكم الحديث الواحد، فيحمل مطلقها على مقيدها ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها. وبالله التوفيق.

-----------------

(1) ولكن أنى للمسيء ضمان هذا الإيمان إذا كان إيمانه كل يوم في نقصان؟

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

الأكثر اطلاعا خلال شهر

الإعجاز البلاغي عند الرافعي

الإعجاز البلاغي عند الرافعي

 أ.د. محمد أبو موسى

وقفات تدبرية مع آية قرآنية

وقفات تدبرية مع آية قرآنية

 أ. د. نادي محمود حسن

معالم الشخصية المسلمة من تشريعات رمضان

معالم الشخصية المسلمة من تشريعات رمضان

 أ.د. أحمد أحمد غلوش

رمضان في فلسطين

رمضان في فلسطين

  د. شيماء زيدان

من الأدب النبوي أدب الطعام

من الأدب النبوي أدب الطعام

 أ.د. محمد عبد الفضيل القوصي

الإخــاء ( 2 )

الإخــاء ( 2 )

 فضيلة الشيخ/ محمد الغزالي

رمضان والنفس البشرية

رمضان والنفس البشرية

 أ.د. محمد رمضان

بين الصيام والإحرام

بين الصيام والإحرام

 إعداد : د. أسماء عبد العزيز

من وجوه التيسير في الصوم

من وجوه التيسير في الصوم

  أ.د. أمان محمد

رمضان رحلة الإيمان ومكارم الأخلاق

رمضان رحلة الإيمان ومكارم الأخلاق

 أ.د. عزيزة الصيفي

تفسير سورة النساء

تفسير سورة النساء

 الإمام/ محمد عبده

وقفات مع آيتي الرضاعة

وقفات مع آيتي الرضاعة

 أ. د. عباس شومان

تشريع الصيام

تشريع الصيام

 ا.د. خالد البسيوني

من الفتوحات الربانية في رمضان

من الفتوحات الربانية في رمضان

 أ. د. محمد عبد الرحمن الضويني

رمضان في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية

رمضان في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية

 د. سليمان جادو شعيب

12

بحث حسب التاريخ

العدد الحالي

فهرس العدد

من أغلفة المجلة

حقوق الملكية 2024 مجلة الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg