| 29 مارس 2024 م

كلمات ربي وآياته في القرآن الكريم

أ.د/ أحمد فؤاد باشا أستاذ الفيزياء - جامعة القاهرة

  • | الثلاثاء, 21 فبراير, 2017
كلمات ربي وآياته في القرآن الكريم

"رَّيْحَانُ"

كلمة (ريحان) ذات معان متعددة، فقد يُقصد بها نوع معين من النباتات، وقد يُعبر بها عن كل نبات طيب الريح، ومن معانيها: الرزق.

وقد وردت كلمة (الريحان) معرفة في قوله تعالى:

"وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ" (الرحمن: 12)

وجاءت منكّرة في قوله سبحانه:

"فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ(88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ" (الواقعة: 88، 89)

كما وردت كلمة الريحان في الأحاديث النبوية الشريفة، وذلك في تشبيه المنافق الذي يقرأ القرآن بالريحانة، ريحها طيب وطعمها مرّ (البخاري). كما ورد في حديث آخر: «من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الريح» (صحيح مسلم).

ونبات الريحان معمِّر ينتمي إلى الفصيلة الشفهية، وأشهر أنواعه هو الريحان المعروف باسم (المشموم)، وتحتوي أوراقه وسوقه الغضة على زيت طيار نفَّاذ الرائحة زكيها، ويُعد من نباتات الزينة التي تُزرع في الحدائق. ومرارة طعمه ناتجة عن زيته العطري.

"زَرع"

وردت كلمة (زرع) ومشتقاتها أربع عشرة مرة في القرآن الكريم.

يُقال: زرع الحب يزرعه زراعة وزرعًا، أي بذره.

والزرع: هو النبات الذي يُزرع، وقيل: الزرع نبات كل شيء يُحرث. وقيل: الزرع طرح البذور.

والزراعة هي عملية زرع النباتات للإفادة منها. وقد جاءت الآيات الذي ذكر فيها الزرع لبيان رحمة الله ولطفه بعباده، والتنبيه إلى عظيم قدرته وإحكام تدبيره، وأيضًا لضرب الأمثال للمقارنة والاعتبار.

ويرتبط بمادة (زرع) أسماء وصفات ومصطلحات عديدة من قبيل:

1- حب وحبّة، وقد وردت الكلمة ومشتقاتها 12 مرة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ" (الأنعام: 95)

وقوله سبحانه:

"وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ"  (الأنبياء: 47)

وقوله جل وعلا:

"فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا" (عبس: 27)

ويُطلق على بعض المحاصيل، خاصة تلك التي تنتمي إلى الفصيلة النجيلية مثل القمح والشعير والذرة والأرز والشوفان، اسم محاصيل الحبوب، حيث إنها تُزرع من أجل حبوبها التي تمثل المصدر الرئيسي للغذاء. وتتراص الحبوب في سنابل أو كيزان.

1- حصد: يُقال حصد الزرع حصدًا وحصادًا: قطعه في وقت نضجه. وقد وردت المادة في القرآن الكريم ست مرات: (يوسف: 47)، (الأنعام: 141)، (هود: 100)، (ق: 9)، (يونس: 24)، (الأنبياء: 15).

2- سنبلة: جمعها سنبلات وسنبل، وهي أجزاء النبات التي تتكون فيها الحبوب. وقد وردت الكلمة ومشتقاتها خمس مرات في أربع آيات في سورتين: (البقرة: 261)، (يوسف: 43، 46، 47). ومن جميل الذكر أن ترك الحبوب في سنابلها يحفظ رطوبتها الطبيعية ويُطيل مدة بقائها غير متأثرة إلى حد كبير بالعوامل البيئية التي تفسد الحبوب وتفقدها قابليتها للحياة فلا تنبت بعد ذلك، بالإضافة إلى العوامل الحيوية مثل الحشرات والفطريات والبكتريا. ولا شك أن تخزينها وهي في سنابلها يحميها من هذه المؤثرات.

"فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ" (يوسف: 47)

3- شَطْأ الزرع أو الشجر: ما خرج حول أصوله. والشطْء: فرخ الزرع والنخل. ولا شك أن وجود فراخ أو أشطاء يقوي بعضها بعضًا ويزيد في إنتاجية النبات. يظهر ذلك في قوله تعالى:

"مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ"    (الفتح: 29)

4- نوى: جمع نواة، وهو يُذكَّر ويُؤنَّث، وقد يدل على البذرة وحدها أو البذرة ومعها جزء من غلاف الثمرة. والنواة التي تمثل البذرة تتكون من أجزاء أهمها الجنين، والجنين ما هو إلا نبات مصغر، يتكون من ريشة تعطي المجموع الخضري للنبات بعد الإنبات، وجُذيْر يعطي المجموع الجذري عادة، وفلقة أو فلقتين على الأغلب، يختزن فيهما ــ في معظم الأحيان ــ المواد الغذائية. وتُحاط البذرة بغلاف يُسمى (القصرة)، به ثقب صغير ينفذ منه الماء عند الإنبات قرب منطقة الجذير يُسمى (نقيرًا)، ويُضرب به المثل في الصغر والقِلّة لأنه أصغر ما في البذرة.

وقد وردت كلمة (النوى) في قوله تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ"  (الأنعام: 95)

ووردت كلمة (نقير) في موضعين (النساء: 53، 124).

5- هشيم: الهشيم من النبات: المهشوم، وهو اليابس المتكسر من يُبْسه؛ والهشيمة: الشجرة اليابسة البالية، والجمع هشيم. قال تعالى:

"وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا"  (الكهف: 45)

6- حطام: وردت كلمة (حطام) في ثلاثة مواضع: (الزمر: 21)، (الواقعة: 65)، (الحديد: 20).

والحطام: ما تكسر من اليابس. والنبات إذا هاج، أي جفّ ويبس بعد خضرته، فإنه يفقد اللون الأخضر (الكلوروفيل)، ويصبح لونه أصفر. وهذا يعني موت النبات، وبمرور الوقت يتكسر لجفافه ويُبسه فيكون حطامًا. وقد ورد الفعل (يهيج) مرتين في القرآن الكريم: (الزمر: 21)، (الحديد: 20).

7- حطب: ما أعد من الشجر الجاف شبوبًا للنار، أي ما يتخذ وقودًا للنار. والاحتطاب: جمع الحطب متمثلاً في النباتات الجافة وفروع الأشجار والشجيرات، وهو من العمليات الشائعة في الصحاري والغابات. وفي شبه الجزيرة العربية وكثير من البلدان الصحراوية تحتطب فروع الأشجار ذات الشوك مثل السَّلَم والسَّمُر والسُّنْط والطَّلْح، وهي نباتات شاكة تتبع جنسًا واحدًا. والأشواك في معظمها حادة، وقد تكون معقوفة مما يزيد في إيلامها.

وقد وردت كلمة (حطب) معرفة مرة ومنكّرة مرة في القرآن الكريم، الأولى في شأن امرأة أبي لهب، فقد قيل إنها كانت تحمل النباتات ذات الشوك (وتعرف هذه المجموعة من الأشجار الكبيرة ذات الشوك باسم «العضاة»)، فتلقيها على طريق سيدنا محمد وطريق أصحابه رضوان الله عليهم، فقال تعالى:

"وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ(4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ"  (المسد: 4، 5)

وقيل إن ذلك كناية عن مشيها بالنميمة. والمرة الثانية في قوله تعالى:

"وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا" (الجن: 15)

أي إن الجائرين الظالمين منهم كانوا شبوبًا ووقودًا لنار جهنم.

8- الحرث: من الكلمات التي تتعلق بالفلاحة والزراعة، وتُستخدم لعدة معانٍ جاء أكثرها في القرآن الكريم. وقد وردت كلمة (حرث) معرفة ومنكرة وبصيغة الفعل 14 مرة. وهي بالمعاني الآتية:

1- الحرث إثارة الأرض، وتهيئتها للزراعة والغرس، وقذف الحب فيها للازدراع قال تعالى:

"أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ(63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ"   (الواقعة: 63، 64)

2- ويُطلق الحرث على الزرع نفسه، سواء كان قائمًا أو حصيدًا. كقوله تعالى:

"بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ"  (البقرة: 71)

وقوله سبحانه:

"كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ" (آل عمران: 117)

وقوله جل وعلا في حكاية قول أصحاب الجنة:

"اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ" (القلم: 22)

3- ويُطلق الحرث على نعيم الدنيا وثواب الآخرة، كقوله تعالى:

"مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ" (الشورى: 20)

4- ويُستعمل الحرث على وجه التشبيه والمجاز، فالمرأة حرث الرجل؛ لأنها مكان غرس الأبناء. قال تعالى:

"نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ"  (البقرة: 223)

والحرث المتعلق بالفلاحة وإعداد الأرض للزراعة عملية ضرورية وذات أهمية للحصول على محصول جيد، فهو يساعد على تهوية التربة، وتيسير مرور الماء فيها، وتسهيل نفاذ الجذير بعد إنبات البذور، وتحسين العلاقات المائية للنبات والتربة، وتقليب التربة لقتل بعض الآفات بتعريضها للشمس، وغير ذلك. فإذا ما توفَّر للأرض المياه ــ سواء كان ريًّا طبيعيًّا أو صناعيًّا ــ بعد تعهّدنا حرثها وتنظيفها، تكون بذلك مؤهلة لأن تلقي فيها البذور. أو يغرس الغراس، ثم يفجر الله سبحانه وتعالى براعم خضراء صغيرة من داخل تلك البذور ويبدأ النمو شيئًا فشيئًا، ويومًا بعد يوم، حتى يشتد النبات ويعطي محصوله أو ثماره. هذه الأسس الثلاثة التي تقوم عليها عملية الزراعة: الحرث والماء الغزير وبذر البذور، يمكن استنباطها من معاني قوله تعالى:

 "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ(24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا(25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا(26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا(27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا(28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا(29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا(30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا(31) مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ"  (عبس: 24-32)

ولنتأمل دلالة المبالغة في حرث الأرض من خلال التعبير القرآني المعجز في قوله تعالى:

"ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا"

وكلمة (شقا) تؤدي هذه الدلالة للمبالغة في الحرث وتهيئة التربة لاحتضان البذور. وعناية الله هي التي تتعهد هذه البذور في كل لحظة حتى يكتمل نموها وتؤتي ثمارها بإذن ربها.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
2.2

الأكثر اطلاعا خلال شهر

تفسير سورة النساء

تفسير سورة النساء

 الإمام/ محمد عبده

الإخــاء

الإخــاء

 فضيلة الشيخ/ محمد الغزالي

دور التكنولوجيا الحديثة في الدراسات الشرعية

دور التكنولوجيا الحديثة في الدراسات الشرعية

 أ. د. محمد عبد الرحمن الضويني

من مجالس شرح كتاب سيبويه

من مجالس شرح كتاب سيبويه

 أ.د. عبد الفتاح محمد حبيب

الأسوة في القرآن الكريم

الأسوة في القرآن الكريم

 ا.د. عبد المنعم عبد الله حسن

شعبان شهر العطاءات والنفحات

شعبان شهر العطاءات والنفحات

 ا.د. غانم السعيد

الإسراء وتحويل القبلة

الإسراء وتحويل القبلة

 د. محروس رمضان

شبهة حول عقوبة السرقة وبيان بطلانها

شبهة حول عقوبة السرقة وبيان بطلانها

 أ.د. عبد الفتاح العواري

معايير اختيار قيادات العمل في القرآن الكريم

معايير اختيار قيادات العمل في القرآن الكريم

 أ.د. حسن عبد الرحمن سليم

المحبة المحمدية

المحبة المحمدية

 أ.د. محمد عبد الفضيل القوصي

حادث تحويل القبلة بين الحكم والدروس والعبر

حادث تحويل القبلة بين الحكم والدروس والعبر

 أ.د. السيد أحمد سحلول

وقفات تدبرية مع آية قرآنية

وقفات تدبرية مع آية قرآنية

 أ. د. نادي محمود حسن

من فضائل شعبان الممهد لشهر رمضان

من فضائل شعبان الممهد لشهر رمضان

 أ.د. محمد فتحي فرج

الأزهر يشارك بجناح خاص في الدورة الـ (55 ) لمعرض القاهرة الدولي للكتاب

الأزهر يشارك بجناح خاص في الدورة الـ (55 ) لمعرض القاهرة الدولي للكتاب

 إشراف: د. حسن خليل / تغطية خالد عبادة

123

بحث حسب التاريخ

العدد الحالي

فهرس العدد

من أغلفة المجلة

حقوق الملكية 2024 مجلة الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg