اختلف الناس في الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقيل: إنما كان جميع ذلك منامًا، واحتجوا بقوله سبحانه: "وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ" (الإسراء: 60) حكاه القاضي عياض، ووجه الاستشهاد بهذه الآية الكريمة مبنيّ على ما اشتهر في عرف اللغة من الفرق بين (الرؤيا)، و(الرؤية). فالرؤية: هي البصرية في اليقظة؛ جاء في اللغة: "رأيتُ الشيء رؤيةً: أبصرتُه بحاسة البصر"، و(الرؤيا) ما كان في النوم في عرف اللغة؛ يقال: "ورأى في منامه (رؤيا) على فُعْلَى غير منصرف لألف التأنيث"، ومن ذلك قوله تعالى: "لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا " (الفتح: 27) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه أنه يدخل مكة هو وأصحابه. وبناءً على ذلك فلو كان الإسراء يقظة لقال سبحانه : (وما جعلنا الرؤية التي أريناك إلا فتنة للناس)، فلما قال "وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ" دلَّ على أنه كان منامًا.
No content
A problem occurred while loading content.