أشرت في المقالات السابقة إلى ما أفاض فيه الباقلاني من معرفة أهل صناعة الشعر والأدب لصفة كل صانع من شاعر أو كاتب وأنهم يميزون بين الشعراء الذين تتشابه أشعارهم كمسلم وأبي نواس والبحتري وابن الرومي، وأنهم لا يخفى عليهم الفصل بين رسائل عبد الحميد وطبقته وبين طبقة من بعده، وأنه لا يخفى عليهم من يعرف بالبديهة وحدة الخاطر ومن يعرفون بالكد والتعب ومجاهدة الخواطر، وأن كل ذلك وأكثر منه وأجل وأدق لا طريق إلى تحصيله إلا طريق واحد وهو قراءة الأدب والشعر وإلغاء أي وسيط بينك وبين الشعر والأدب وأن وضع وجهك في وجه شعر الشاعر وأدب الكاتب هو الذي يريك وجه شعره وأدبه فلا يلتبس عليك بشعر غيره ولا بأدب غيره، وأشرت إلى أن هذا من أجل ما في كتاب الباقلاني، ثم إن الخطوة التي تلي هذه الخطوة في الكتاب هي أن يضع بين يديك جملة من كلام أهل البيان العالي؛ لتتفقدها وتتعرف على صورها وهيئاتها ثم تقرأ ما شئت من القرآن؛ لتدرك الفرق المتسع والشأو الذي لا تطمح نفسك في أن تقترب منه.
No content
A problem occurred while loading content.