عرض الباقلاني بعضا من كلامه صلى الله عليه وسلم في خطبه، وبعضًا من كلامه صلى الله عليه وسلم في كتبه إلى الملوك، وبعضا من كلامه صلى الله عليه وسلم في عهوده، وذلك لتنوع المقامات وتنوع المعاني؛ حتى نستطيع أن نتبين فقه هذه البلاغة في السياقات المختلفة. والباقلاني يؤكد أن إدراك التفاضل والتفاوت بين الكلام ليس له إلا طريق واحد وهو أن تتأمل بذائقتك أنت، ويرفض تدخل أي وسيط بيننا وبين الكلام الذي نتأمله لنعرف سمته وسبكه ومقدار فضله؛ ولذلك عرض من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عرض ولم يعقب عليه بكلمة، وكذلك فعل مع الذي عرضه من كلام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي عرضه من كلام فصحاء قومه ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ ولن أسلك سلوك الباقلاني، وإنما سأحاول كشف الغطاء البياني عن هذه النصوص التي سأتناولها؛ لأن القارئ الذي كان يكتب له الباقلاني كان قادرًا على كشف هذا الغطاء وحده، وإدراك فضل الكلام، وإدراك تفوقه، وإعجازه يكون بعد تدبره وتأمله، وهذا التدبر وهذا التأمل يكون بعد كشف الغطاء، وفرق بين قارئ كان يرى أبا الفتح ابن جني وأبا علي الفارسي وأبا الطيب المتنبي وسيف الدولة الحمداني وعضد الدولة الأيجي وهو قارئ أبي الطيب والقارئ الذي يكتب له.
No content
A problem occurred while loading content.