كان اليأس قد استبد بي في فترة من حياتي، حتى أحسست كأنما القلب لم يعد ينبض كما كان ينبض، ولا الرئتان تتنفسان كما كانتا تتنفسان، وإنني لأذكر تلك الأيام السوداء، بعد أن انقضى عليها خمسة وثلاثون عامًا، فلا أغفر لنفسي قط أن اختلت موازينها إلى ذلك الحد الذي يخلط بين وقائع الحياة المختلفة وأوزانها، بحيث تخف الكفة بما هو في حقيقته ثقيل.
وترجح الكفة بما هو في حقيقته خفيف، إنه لا حكمة لمن يزن حياته ومقدارها، لظروف لحظته الراهنة؛ لأنها ليست إلا حلقة في سلسلة طويلة، سبقتها حلقات وستلحق بها حلقات، وإلا كان كمن يرى الليل قد جاء فلف العالم بظلامه، فيظن ألا شروق للشمس بعد حين، لكن هذه حكمة مَن لا تلسعه النار، إنها حكمة ما بعد الأزمة التي تحيط بالمأزوم فلا تترك له طريقًا للنجاة.
No content
A problem occurred while loading content.