دق الهاتف فلما أجبت سمعت زميلاً أعرفه، وأعرف أنه يهاتفني آنا بعيدًا بعد آن بعيد.
قال: لم أسمع صوتك منذ زمن طويل، فكيف حالك؟
قلت: حالي في هذا الصباح عجب من عجب.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: يا أخي كأنما الدنيا تجمدت حولي وترفض أن تدور دورانها المألوف، قال ضاحكًا: اشرح.
قلت: ذبلت الزهور على حداثة عمرها، ولم يبق منها إلا أنفاس خافتة من عطرها وأبى المفتاح أن يفتح بابه؛ لأننا تركنا الباب مغلقًا لفترة من الزمن وأخرجت من خزانة الأوراق وثيقة أردت الاستعانة بها في أمر مهم، فوجدتها قد اصفرت مع طول الزمن وجفت حتى أوشكت أن تتمزق بين أصابعي، بل إنها قد تمزقت بالفعل عند ثنياتها، فلما أخذني الضيق، عزمت على الخروج لأتنفس الهواء الطلق، بعد أن قضيت أيامًا بين الجدران، وهم السائق بإدارة مفتاح السير زمجرت السيارة زمجرة سمعت فيها صوت الغضب والرفض، وأبت أن تسير، ولقد عدت إلى بيتي فسمعت دقات الهاتف..
No content
A problem occurred while loading content.