إن مَن يتأمل النجاحات العظيمة التي أحرزها المسلمون على مر تاريخهم، يقف على تلك العوامل التي تكمن خلف هذه النجاحات؛ لأن الإسلام استطاع أن يبني شخصية الإنسان عبر مسارات مختلفة تناغمت مع بعضها، فأنتجت إنسانًا يشعر بإنسانيته وبمكانته وبدوره في هذه الحياة، أنتجت إنسانًا لا يعيش لنفسه، وإنما يتفاعل مع الآخرين يُعطي قبل أن يأخذ، يعرف قيمة الوطن، ويُدرك أن حب الأوطان جزء لا يتجزأ من معالم الإيمان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة في ذلك؛ حيث ربَّى وعلَّم أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ تلك المعاني من خلال حنينه إلى وطنه ــ مكة ــ بعد أن أُخرجَ منها، ومواساة الله ــ تعالى ــ له وهو في طريق الهجرة إلى المدينة حيث نزَّل عليه قوله تعالى:
"إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ" (القصص: 85).
No content
A problem occurred while loading content.