في أزهى عصور الدولة العباسية، وبخاصة في عصر الخليفة الخامس هارون الرشيد (170 ــ 193 هـ)، ظهر عَلَمٌ من أعلام الإسلام، ملأ علمُه طباق الأرض، وعَدَّه العلماء في طبقات عِدَّة، فهو الإمام المجتهد، والحافظ العلامة، والفقيه المحدث، حاضر الجواب، صاحب أبي حنيفة (80 ــ 150 هـ) وتلميذه النجيب، وناشر مذهبه، وأول شيخ للإمام أحمد بن حنبل، وصاحب لقب: (قاضي القضاة)؛ إذ تقلده لأول مرة في تاريخ الإسلام في عهد الرشيد، ولِمَ لا؛ وقد قال عنه الإمام الأعظم، أبو حنيفة النعمان يومًا يصف النابغين من تلاميذه: "أصحابنا هؤلاء ستة وثلاثون رجلاً؛ منهم ثمانيةٌ وعشرون يَصلُحون للقضاء، وستةٌ يَصلُحون للفتوى، واثنان يَصلُحانِ يؤدبان القُضاةَ وأصحابَ الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف، وزُفَر (110 ــ 158هـ)، وقال في موضع آخر لِزُفَر بن الهذيل العنبري التميمي: "لا تطمعنَّ في الرياسة بأرض يكون هذا ــ إشارة إلى أبي يوسف ــ بها"؛ فمن هو ذلك النحْرِير، وكيف كانت سيرته ومسيرته؟!
No content
A problem occurred while loading content.