يُولد الإنسان على أرض ما، فيدرج على ظهرها، ويتنسم هواءها، ويستظل بسمائها، وينعم بخيراتها ... فيكون منها أجزاؤه التي انبنى بها جسمه، وخواطره التي انعقد عليها فكره، ونوازعه التي استوى منها أمله، وعواطفه التي جمَّعت فيه حميَّته، وأحاسيسه التي تكوَّن منها عقله وفكره، فصار من هذه الأرض بجسمه وفكره وأمله وحميَّته وعقله، بلسانها نطق، وبهَدْيها سعى، وبعشيرتها احتمى. ومن أجل ذلك أصبح حب الإنسان لوطنه، وحنينه إليه، وانعطافه نحوه، أمرًا مركوزًا في فِطَر النفوس، لا يسهل فكاكها منه، كما أصبح صلته بوطنه كصلته بأسرته؛ إذ كما يُنسَبُ إلى أسرته يُنسَب إلى وطنه.
No content
A problem occurred while loading content.