ما أسرع انقضاء أيام الدهر وتقلب صفحاته، وهو في ذلك يأخذ في طياته أناسًا وينشر آخرين، فمن كان بالأمس القريب بين أعيننا يرفل في النعيم، تراه اليوم في أطباق الثرى مرتهنًا مقيمًا، ومن كانت تقف الدنيا يوما لذكره، تتقلب اليوم الأكف على خبره، وكما الأشخاص تكون الدول، فللدول نصيبها من الصعود والخفوت، فمهما علت يوما البيارق والرايات، وطارت البرد بأسماء القادات، فعلت أعلامهم كالأعلام، فما لبثوا حتى كَرَّ عليهم الدهر بما أساء، وأراهم من بلائه ما شاء، وليس أدل على ذلك مما نكبت به البرامكة أيام الرشيد.
No content
A problem occurred while loading content.