| 20 أبريل 2024 م

التراث الأزهري .. ماضيه وحاضره 10 أ.د/ إبراهيم الهدهد

  • | الثلاثاء, 31 مايو, 2016
التراث الأزهري .. ماضيه وحاضره 10 أ.د/ إبراهيم الهدهد

الأزهر وتعليم المرأة ماضيًا وحاضرًا:
أتحفتنا ذاكرة الأزهر الشريف بأنه منذ إنشاء الجامع الأزهر واستجابة الخليفة العزيز بالله لاقتراح وزيره  يعقوب بن كلس عام  378هـ/ 988م، وبدء الجامع اكتساب صفته العلمية كمعهد للدراسة النظامية، والمرأة لم تنفصل عن الدراسة في الأزهر الشريف، ولقد كانت مشاركة المرأة في الحياة العلمية بالأزهر مبكرة.

لقد تعددت مجالس العلم (الحكمة) تبعًا لنوعية الدارسين فيها، فكان هناك مجلس لعلية القوم والعلماء وكبار رجال الدولة، ويسمى (مجلس الخاصة)، وكان هناك مجلس للعوام والطارئين على البلد ويسمى (مجلس الكافة)، وهذان المجلسان كانا للرجال. وبجوارهما وجد مجلسان للنساء: مجلس يجتمع في الجامع الأزهر بصفة منتظمة، ومجلس آخر لنساء الخليفة وقريباته وخواص نساء القصور ويجتمع في قصر الخليفة.
ولقد عهدت الدولة الفاطمية إلى داعي الدعاة بالإشراف على هذه المجالس، فكان يستعين بنوابه ونقبائه في عملية الإشراف، وكان يطلق على الدارسات في مجلس النساء لقب (المؤمنات) وكن يدفعن رسومًا هي من مال النجوى يتسلمها منهن في الجامع الأزهر داعي الدعاة.
وهكذا شهد الأزهر منذ عصره الأول أيام الدولة الفاطمية مجالس تعقد للنساء ومقصورة عليهن، ويحضرن إليها للاستماع إلى قراءة نصوص المراجع الدينية ولاستيعاب الدروس التي تلقى عليهن.
وحينما ظهر في المجتمع المصري من يدافع عن قضية تعليم البنات، كان السبق للشيخ رفاعة رافع الطهطاوي بكتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز) ثم كتابه (المرشد الأمين في تعليم البنات والبنين)، وظهرت آراء مؤيدة لتعليم الفتاة مثل رأي الإمام محمد عبده، وقاسم أمين، والشيخ مصطفى عبد الرازق وغيرهم، بالإضافة إلى عودة المبعوثين من أوربا بأفكار وسلوكيات جديدة، ثم التأثير الكبير للمهاجرين الشوام إلى مصر الذين أثروا الحياة الفنية والأدبية والصحفية بالإضافة للترجمة وفنون المسرح وقد كانت نساؤهم تعمل إلى جوارهم.
واهتمت الصحف في هذه الفترة بإثارة قضايا المرأة على صفحاتها وانتقل هذا الاهتمام إلى فئات الشعب المختلفة، حتى أصبحت هذه القضية تشغل الناس في النصف الأول من القرن العشرين بين مؤيد ومعارض لتعليم المرأة، وكان المؤيدون ينقسمون إلى قسمين: منهم من يرى أن تكتفي المرأة بتعلم ما ينفعها في بيتها فقط، ومنهم من يرى أن تأخذ المرأة حقها كاملًا في التعليم، وفي كل ذلك لم تأخذ المسألة شكل الصراع بين الرجل والمرأة، وإنما الصراع كان بين اتجاهين.
 ويسجل التاريخ أن الأميرة فاطمة إسماعيل تبرعت لبناء الجامعة المصرية المعروفة اليوم باسم جامعة القاهرة بأرض مساحتها خمسة عشر ألف متر وأموال، وكرست وقفًا مقداره 661 ستُ مئة وواحد وستون فدانًا للجامعة لضمان استمرارها وازدهارها، إلا أن الجامعة قد حظرت التحاق النساء بها، حتى أواخر العشرينيات، حيث فتحت كلية الطب سنة 1928م، والآداب والحقوق سنة 1929م، والتجارة 1936- 1937م، وكلية الهندسة والزراعة 1945 – 1946م، وكلية الطب البيطري 1947- 1948م، وكلية دار العلوم 1953- 1954م أبوابها للفتيات، وتم انتصار الفتاة في مجالات التعليم المختلفة بدخولها جامعة الأزهر الشريف 1962م، وهكذا تطورت قضية تعليم المرأة بشكل غير مسبوق لأي قضية أخرى، وأصبح تعليم الفتاة حقًا تكفله الدول؛ وفق المادتين 18، 20 من دستور 1971م.
l المعاهد الأزهرية للفتيات:
رصدت ذاكرة الأزهر الشريف أن المعاهد الأزهرية للفتيات بمراحلها المختلفة قد انتشرت في أنحاء مصر نظرًا لكثرة الإقبال عليها من الطالبات المصريات والوافدات لتشمل:
1- معاهد رياض الأطفال:
من المعاهد التي أنشئت حديثًا لظهور الحاجة الماسة إليها للاهتمام بالأطفال في الأعمار المبكرة وتلقين الأطفال في هذه السن بعض العلوم الأولية المهمة مثل حفظ القرآن الكريم، وتعلم الحروف الأبجدية والقواعد الأساسية للغة العربية، وتعلم الحساب (الجمع والضرب والقسمة والعد)، بالإضافة إلى تعلم أساسيات اللغة الإنجليزية (كالحروف وبعض الكلمات)، كما تهتم هذه المعاهد بزرع القيم والمبادئ والأخلاق في الأطفال عن طريق بعض القصص والمواقف للصحابة والصالحين.
ومن المعروف أن معاهد رياض الأطفال معاهد يشترك فيها البنون والبنات؛ ولذلك عمل الأزهر الشريف على انتشار هذه المعاهد في أقاليم مصر كافة حتى وصل عددها في عام 2011/ 2012م  إلى (433) معهدًا، موزعة على جميع أنحاء  الجمهورية.
2- المعاهد الابتدائية:
حينما صدر القانون 103 لعام 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها ألحقت بالمعاهد الأزهرية مدارس تحفيظ القرآن الكريم التي كانت حينذاك تحت إشراف وزارة التربية والتعليم؛ لتكون القاعدة التي يقوم عليها بناء المعاهد الأزهرية في المرحلة الإعدادية وما بعدها، وقد ضم كثير من هذه المدارس إلى الأزهر تباعًا، وأنشئ كثير منها بالجهود الذاتية، وتعمل الإدارة العامة للمعاهد الأزهرية جاهدة على ضم كثير منها إلى الأزهر كلما سمحت الإمكانات المادية، استجابة لرغبات المواطنين في التعليم الديني، وتمكينا للأزهر من أداء رسالته الكبرى.
وانتشرت المعاهد الابتدائية في أنحاء مصر حتى وصل عددها إلى 3465 معهدًا طبقًا لإحصائية عام 2011/ 2012م.
3- المعاهد الإعدادية للفتيات:
وهي أولى مراحل التعليم التي تنفصل فيها الفتيات عن البنين، وطبقًا للمادة  86 لقانون 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها فإن مدة الدراسة في هذه المرحلة أربع سنوات ثم عدلت إلى ثلاث سنوات، ويعد فيها الطالب من خلال ما يحصل عليه من علوم الدين واللغة وبعض العلوم الثقافية، ويحصل على الشهادة الإعدادية، حتى يستطيع الانتقال إلى المرحلة التالية وهي المرحلة الثانوية، وكان أول معهد أزهري أنشئ للفتيات هو معهد المعادي في سنة 1962م.
ولقد اقتضت المصلحة نظرًا للتوسع الشديد في المعاهد الابتدائية، التوسع في المعاهد الإعدادية للفتيات حتى شملت الآن كل محافظات الجمهورية وطبقًا لإحصائية عام 2011 /2012 م فإن عدد المعاهد الإعدادية للفتيات 1433 معهدًا وتوزيعهم كالتالي:
محافظة القاهرة 43 معهدًا، والقليوبية 52 معهدًا، المنوفية 84 معهدًا، الغربية 104 معاهد، الدقهلية 169 معهدًا، الشرقية 189 معهدًا، كفر الشيخ 62 معهدًا، البحيرة 83 معهدًا، الإسكندرية 22 معهدًا، ومطروح 20 معهدًا، ودمياط 29 معهدًا، بورسعيد 5 معاهد، والإسماعيلية 30 معهدًا، السويس 7 معاهد، شمال سيناء 30 معهدًا، جنوب سيناء 23 معهدًا، الجيزة 73 معهدًا، الفيوم 36 معهدًا، بني سويف 46 معهدًا، المنيا 57 معهدًا، أسيوط 41 معهدًا، الوادي الجديد 23 معهدًا، سوهاج 76 معهدًا، قنا 52 معهدًا، مدينة الأقصر 28 معهدًا، البحر الأحمر 9 معاهد، أسوان 29 معهدًا، حلوان 11 معهدًا.
4- المعاهد الثانوية للفتيات:
وطبقا للمادة 87 لقانون 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها فإن مدة الدراسة في هذه المرحلة خمس سنوات، ثم عدلت إلى أربع سنوات، ثم أصبحت الآن ثلاث سنوات، والدراسة في هذه المعاهد تتشعب من الصف الأول إلى شعبتين هما:
- الشعبة الأدبية.
- الشعبة العلمية.
وهذه المرحلة هي التي يتأهل فيها الطالبات إلى مرحلة الجامعة، وتدرس فيها الطالبات العلوم الدينية والعربية والثقافية.
وطبقًا لإحصائية عام 2011/ 2012م فإن عدد المعاهد الثانوية للفتيات 961 معهدًا موزعة كالتالي:
محافظة القاهرة 31 معهدًا، والقليوبية 34 معهدًا، المنوفية 63 معهدًا، الغربية 82 معهدًا ، الدقهلية 124 معهدًا، الشرقية 143 معهدًا، كفر الشيخ 39 معهدًا، البحيرة 49 معهدًا، الإسكندرية 13 معهدًا، ومطروح 8 معاهد، ودمياط 20 معهدًا، بورسعيد 4 معاهد ،والإسماعيلية 16 معهدًا، السويس 6 معاهد، شمال سيناء 11 معهدًا، جنوب سيناء 11 معهدًا، الجيزة 45 معهدًا، الفيوم 18 معهدًا، بني سويف 17 معهدًا، المنيا 34 معهدًا ،أسيوط 32 معهدًا، الوادي الجديد 5 معاهد، سوهاج 58 معهدًا، قنا 39 معهدًا، مدينة الأقصر 21 معهدًا، البحر الأحمر 8 معاهد، أسوان 20 معهدًا ، حلوان 10 معاهد.
5- معاهد القراءات للفتيات:
لما كان حفظ القرآن الكريم مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمعرفة التجويد نظريًا وعمليًا ومعرفة القراءات المتواترة والشاذة وتراجم القراء والرواة، وغير ذلك من علوم القرآن الكريم، أنشأ الأزهر أول معهد للقراءات عام 1944م كقسم ملحق بكلية اللغة العربية وظل تابعًا لها حتى عام 1963م، ثم رُئي إبقاء عليه وحفاظًا على كيانه أن تكون تبعيته للإدارة العامة للمعاهد الأزهرية، ثم أنشئ بعد ذلك معهد القراءات بدمنهور، وفي السنوات الأخيرة توسع الأزهر في إنشاء معاهد القراءات، وتدرس بهذه المعاهد علوم القرآن الكريم، والعلوم الشرعية والعربية، والعلوم الحديثية.
ويقوم الأزهر بصرف مكافآت شهرية لطلابها وتقديم وجبة غذائية لهم؛ حرصًا منه على انتشارها، واستمرارها في أداء رسالته الجليلة وتشجيعًا للطلاب على الالتحاق بها، ولخريجات قسم التخصص بمعاهد القراءات الالتحاق بكليات الدراسات الإسلامية.
ولذلك فقد انتشرت معاهد القراءات للفتيات في أنحاء الجمهورية ليصبح عددها طبقًا لإحصائية عام 2011/ 2012م، 135 معهدًا وتوزيعها كالتالي:
محافظة القاهرة معهدان، والقليوبية معهدان، المنوفية 3 معاهد، الغربية 5 معاهد، الدقهلية 33 معهدًا، الشرقية 25 معهدًا، كفر الشيخ  معهد واحد، البحيرة معهدان، الإسكندرية معهد واحد، ومطروح  معهد واحد، ودمياط  معهد واحد، بورسعيد  معهد واحد، والإسماعيلية 3 معاهد، السويس  معهد واحد، شمال سيناء معهدان، جنوب سيناء معهد واحد، الجيزة 4 معاهد، الفيوم معهد واحد، بني سويف 3 معاهد، المنيا 5 معاهد، أسيوط 9 معاهد، سوهاج 6 معاهد، قنا 8 معاهد، مدينة الأقصر 6 معاهد، البحر الأحمر 6 معاهد، أسوان 3 معاهد. وهكذا وسع الأزهر حق البنات، كما قرره الشرع، وحققه التاريخ الإسلامي.

مرفقات

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
4.0

الأكثر اطلاعا خلال شهر

ركن الوافدين

ركن الوافدين

 الإشراف العام أ.د. نهلة الصعيدى

ركن الواعظات

ركن الواعظات

 الإشراف العام أ.د. إلهام محمد شاهين

وقفات تدبرية مع آية قرآنية

وقفات تدبرية مع آية قرآنية

 أ. د. نادي محمود حسن

الإعجاز البلاغي عند الرافعي

الإعجاز البلاغي عند الرافعي

 أ.د. محمد أبو موسى

تفسير سورة النساء

تفسير سورة النساء

 الإمام/ محمد عبده

الإخــاء ( 2 )

الإخــاء ( 2 )

 فضيلة الشيخ/ محمد الغزالي

من الأدب النبوي أدب الطعام

من الأدب النبوي أدب الطعام

 أ.د. محمد عبد الفضيل القوصي

بين الصيام والإحرام

بين الصيام والإحرام

 إعداد : د. أسماء عبد العزيز

مواقع التواصل الاجتماعي وتحدي الروحية في رمضان

مواقع التواصل الاجتماعي وتحدي الروحية في رمضان

 أ.د. محمد الجندي الجعفري

مقاصد صيام شهر رمضان في الإسلام

مقاصد صيام شهر رمضان في الإسلام

 أ.د. محمد عباس عبدالرحمن المغني

من الفتوحات الربانية في رمضان

من الفتوحات الربانية في رمضان

 أ. د. محمد عبد الرحمن الضويني

العشر الأواخر من رمضان

العشر الأواخر من رمضان

 أ.د. أحمد عمر هاشم

رمضان والنفس البشرية

رمضان والنفس البشرية

 أ.د. محمد رمضان

تشريع الصيام

تشريع الصيام

 ا.د. خالد البسيوني

رمضان رحلة الإيمان ومكارم الأخلاق

رمضان رحلة الإيمان ومكارم الأخلاق

 أ.د. عزيزة الصيفي

12

بحث حسب التاريخ

العدد الحالي

فهرس العدد

من أغلفة المجلة

حقوق الملكية 2024 مجلة الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg