يقول أبو حيَّانَ: "الكلامُ على الكلامِ صَعْبٌ" (1) وهذه الصعوبةُ حاضرةٌ هنا؛ لأنّنا سوف نتناول بالحديث (اللغةَ العربيّةَ)، وهو تَناوُلٌ يَقتضي نوعًا مِنَ التراجُع التاريخي، المُغرِقِ في المُضيّ، لِمَسيرة هذه اللغة؛ لِمُتابعة مراحلها التطورية من ناحيةٍ، ومتابعة الجهود العلمية التي بذلها علماءُ العربية الأوائل، بدءًا مِن مرحلة (المُوَاضَعَة) التي بلَغوها بالتخيُّل حينًا، وقياس الماضي على الحاضر حينًا آخَرَ، وهي المرحلة التي أَنتجت مجموعةَ المفرداتِ الرامزةِ إلى مُكَوِّنات وعناصرِ الواقع الخارجيّ والداخليّ للعَرب، ثم متابعة هذه المفردات حالَ الاستعمالِ التركيبيّ في الجُمَل، ثم الصعود مِنَ الجملة إلى النَّصّ الكامل.