02 يناير, 2020

ما حكم الصلاة على الكراسي في وسط المسجد بعيدًا عن الصفوف وما هي الكيفية الصحيحة لذلك؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فالمبادئ:

  1. القيام مع القدرة ركن من أركان صلاة الفريضة؛ لما ثبت عَنْ عِمْرَانَ ابْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»([1])، فدل هذا الحديث على اشتراط القيام مع القدرة في صلاة الفريضة، قال العمراني الشافعي: «فإن صلوا قعودًا مع القدرة على القيام، لم تصح صلاتهم»([2])، أما إن كان القعود في صلاة الفريضة بعذر يمنع من الوقوف فلا تبطل به الصلاة، قال ابن قاسم الغزي: «فإن عجز عن القيام قعد»([3])، وعليه فلا يجوز للرجل الصحيح القادر على القيام أن يصلي قاعدًا في صلاة الفريضة فإن فعل بغير عذر بطلت صلاته، وإن كان الإنسان عاجزًا عن أداء بعض الأركان وقادرًا على أداء بعضها وجب عليه أداء ما يقدر عليه على صفة الكمال، ويعذر فيما عجز عنه؛ لأن من المقرر فقهًا أن الميسور لا يسقط بالمعسور.
  2. اختلف الفقهاء في اشتراط اتصال الصفوف في صلاة الجماعة هل هو شرط صحة أم شرط كمال؟  والراجح المختار أنه شرط كمال؛ وذلك لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد - الصلاة -»([4])، والأمر بإعادة الصلاة لا لبطلانها ولكن لتحصيل كمال الثواب فيها بدليل حديث أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ»([5])، قال الماوردي: «لو كان انفراده قادحًا في صلاته لأمره بالإعادة»([6])، قال الإمام الشافعي: وَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ فِي طَرَفِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي طَرَفِهِ وَلَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ ([7]).
  3. ترك الأفضل يؤدي إلى نقصان الثواب، لكن لا يُبطِل العبادة.

والخلاصة: أن الأولى اتصال الصفوف، لكن من صلى على كرسي بعذر خلف الصف  في صلاة الفريضة فصلاته غير باطلة، والأولى الصلاة في الصف تحقيقًا لكمال الثواب وخروجًا من الخلاف؛ إذ من المقرر فقهًا أن الخروج من الخلاف مستحب.

هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال والله أعلم.

 

([1]) صحيح البخاري (2/ 48).

([2]) البيان في مذهب الإمام الشافعي (2/ 404).

([3]) فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب (ص: 75).

([4]) سنن أبي داود (1/ 182).

([5]) صحيح البخاري (1/ 156).

([6]) الحاوي الكبير (2/ 341).

([7]) مختصر المزني (8/ 116).

عدد المشاهدة (2683)/التعليقات (0)

كلمات دالة: