26 يناير, 2020

نظرة قاتلة

نظرة قاتلة

حادثة واحدة في حياة أي امرأة قد تقلبها رأسا على عقب،  حدث واحد وتصبح الحياة لونا واحدا قاتما بعد أن كانت ألوانا زاهية هذا الحدث هو طلاق المرأة أو موت زوجها ، ومن هنا تصبح مطلقة أو أرملة، وما أدراكم ما هذان اللفظان في مجتمعاتنا !!

جاءتني سيدة تشكو إلي حالها وحال كثير من أقرانها ـ والحزن يملأ عينيها ـ  تشكو من نظرة قاتلة توجه إليها دائما بسبب وفاة زوجها .

وفي مجتمعاتنا يصبح الترمل أو التطليق وصمة بالنسبة للمرأة حيث إن الثقافة الشائعة أنها تصبح مطمعا للرجال، لذلك نجد في المجتمع من تخاف منها وتتنكر لها خوفا من أن تسرق زوجها؛ فتعاملها وكأن بها مرضا معديا تخاف أن ينتقل إليها.

بل إننا نجد فرص زواج المطلقة أو الأرملة مرة ثانية صعبة جدا خاصة مع وجود الأولاد، فالمجتمع لا يتقبل فكرة الزواج الثاني، وينظر لصاحبه  نظرة دونية وكأنه يقول لها: ليس من حقك أن تتزوجي مرة ثانية، وبذلك تكون المرأة هي المتضررة الأساسية من الطلاق أو الوفاة؛ خاصة أن كثير من الشباب في مجتمعنا لا يفضلون الزواج من الأرملة أو المطلقة، وقد يقبلها بعضهم ولكنه ينظر إليها نظرة عنف ؛ حيث تلاحقها التهم والهمسات الظالمة والنظرات المملوءة بالشك والريبة في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى تكون النظرات مملوءة بالعطف والشفقة.

ما أعنفها من نظرة وما أقساه من مجتمع؛ يعطي الرجل المطلق أو الأرمل حقا وفي الوقت نفسه ينزعه من المرأة فقط لكونها امرأة ، رغم أن الإسلام قد أباح لها الزواج الثاني فقال تعالى: "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (19)   سورة " النساء " .

قال أبو السعود : " والمعنى إذا وجد فيكم طلاق فلا يقع فيما بينكم عضل سواء من الأولياء أو من غيرهم ".

قال تعالى: "فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (230) " سورة " البقرة .

فهذا يدل على إباحة الزواج الثاني ، كما أنه يدل على مرض القلوب والعقول التي تقرأ القرآن ولا تتدبره، كما أن  سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفعلية قد دلت على إباحة الزواج الثاني حيث تزوج ـ صلى الله عليه وسلم ـ  الأرملة وتزوج المطلقة ليعلمنا ويرشدنا، فهل تعلمنا أم أننا نصر على ظلم المرأة والنظر إليها نظرة قاتلة ؟  

آمنة عيسى أحمد منطقة وعظ الأقصر

عدد المشاهدة (5598)/التعليقات (0)

كلمات دالة: منطقة وعظ الأقصر