13 مارس, 2020

ساعدوهم

ساعدوهم

هذا هو عنوان الحملة المُوسعة التى أطلقها مجمع البحوث الإسلامية العام الماضى فى مثل هذا التوقيت؛ وذلك لبيان فضل الصدقة وحث الناس على مساعدة الفقراء والمحتاجين ونحن الآن نجدد الدعوة؛ خاصة ونحن فى أحلك الظروف، والأمطار تهطل بكثافة والبرد قارس، وكم من أناسٍ لايجدون أدنى  مقومات الحياة؛ حيث يسكنون فى منازل متهالكة؛ يصارعون أمعاءهم الخاوية بأجسادٍ أنهكها البرد المتسلل من شقوق الجدران المتصدعة؛ فبمجرد أن يسمعوا صوت الرعد وصفير الرياح؛ ويرون أشعة البرق وقطرات المطر يصابون بالذعر فإلى أين يذهبون؟!! أسقف المنازل _إن جاز التعبير _مكشوفة؛ ينزل منها المطر فيحيطهم الماء من فوقهم  ومن أسفل منهم، فيحاولون التخلص من الماء ولامناص ولاسبيل للنوم ولا الدفء ولا الأمان.

فينبغى على كل إنسان أن يشعر بالفقراء، وأن يحاول جاهداً مساعدتهم ولو باليسير  مما تجود به نفسه من مال أوملبس أو طعام أو غطاء، أو مواد بناء يمكنها المساهمة فى ترميم أشباه المنازل التى يسكن فيها الفقراء.

وليعلم الجميع أنّ  فضل الصدقة جليل وأنها من أعظم القربات إلى الله _تعالى _بدليل أن المتوفى يتمنى الرجوع للدنيا مرة أخرى فقط لكى يتصدق؛ لاسيما عندما يرى فضل الصدقة وأثرها بعد الموت فيقول :"َربّ لولآ أخّرتَنى إِلى أجَلٍ قريبٍ فأَصَدّق وَأَكُن مِن الصّالِحين" آية رقم ٠١ من سورة المنافقون.

وينبغى أن نعلم كذلك _ أن الصدقة سبب للنجاة من النار؛ وأن المتصدقين فى ظل عرش الرحمان يوم القيامة؛ وأن الله _تعالى _يضاعف الصدقات إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء والله واسعٌ عليم. ولايخفى علينا أنّ الصدقة برهان على صدق محبة العبد لربه؛ وهى _دون شك _محاولةً للتقرب إلى الله برحمة الفقراء،كما أنها برهانٌ على تخلُص الإنسان من الشُح والبُخل.

ومن أجل ذلك  خصّ الله  الفقراء بمنزلة عظيمة عنده سبحانه فهم أكثر أهل الجنة، وذلك بصدق حديث النبى _صلى الله عليه وسلم  _"اطلّعتُ على أهل الجنّة فرأيت أكثرها الفقراء واطلّعتُ على أهل النّار فرأيتُ أكثرها النّساء". رواه البخارى.

كما اختصهم  الله _تعالى _بأنهم أكثر الناس اتباعاً للأنبياء والرسل.

ومن خصائصم أنّ الله قد صرف الله عنهم فتنة هذه الأمة وهى فتنة المال التى قال عنها الرسول __صلى الله عليه وسلم _" لكل أمة فتنة وفتنة أمتى المال"رواه أحمد والترمذى.

لذا فإنّ من يبخسهم حقهم ينزل عليه عقاب الله وسخطه؛ كما هو الحال فى قصة أصحاب الجنة الذين ورد ذكرهم فى سورة القلم؛ حيث أحرق الله عليهم زروعهم عندما منعوا الفقراء حقوقهم؛ قال تعالى:" فَطَافَ علَيْهَا طآئِفٌ مِن رّبِكَ وهُم نائِمُون ٠ فأصبحت كالصريم" سورة القلم أية:٠٢

الفقراء دعواتهم حَريةٌ بالإجابة لخلو قلوبهم من التعلُق بزخرف الحياة الدنيا من أجل ذلك قال الرسول _صلى الله عليه وسلم _"رُبّ أشعثٍ أغبرٍ مدفوعٍ بالأبوابِ لو أقسم على الله لأبره. "رواه مسلم فأيما سعادة يحصل عليها من يدعو له أحدهم خاصة إذا كانت بظهر الغيب.

والفقراء _أيضاً_هم سبب للنصرة وبهم تُدفع الآفات والشرور وتُكشف الغمة؛ لقوله_صلى الله عليه وسلم _" هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم "رواه البخارى.

إن الحديث عن فضل الصدقة وثوابها؛ والحديث عن مكانة الفقراء عند الله _تعالى _وردت فيه كثير من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التى تُرغب الناس جميعاً فى الصدقة وتحثهم عليها _ربما لايتسع المقام لذكرها جميعاً _ولكن هذه صيحة نرجو أن تصل للجميع :فيآأيها الناس من كان عنده فضل ظهر فليعد به على  لاظهر له ومن كان عنده فضل زادٍ فليعد به على من لازاد له؛ ويآأيها الناس اتقوا النار ولو بشق تمرة؛ تفقدوا الناس من حولكم؛ اتقوا الله فى ضعفائكم وفقرائكم وعلى قدر استطاعتكم ساعدوهم.

بقلم الواعظة هدى محمد عبيد الشاذلى

منطقة وعظ الغربية

عدد المشاهدة (3336)/التعليقات (0)