21 مارس, 2020

حان الوقت لنثبت وطنيتنا

حان الوقت لنثبت وطنيتنا

يا من يبحث عن الوطنية يامن يرجو الجهاد الحق  هلموا إلى بغيتكم فقد جاءت كرونا 
                       
في ظل الظروف التي تمر بها البلاد ليس من  الحكمة أن نشاهد ما يحدث في صمت؛ وليس من العدل أن ننتظر من الدولة بمفردها مواجهة هذا الوباء ، أو غيره من الكوارث والنكبات مثل : الإرهاب، أو ما تتسبب فيه الرياح والأمطار، أو كل ذلك في آن واحد، وليس من العدل ولا من الحكمة _ أيضا _ أن يجلس أحدنا في بيته ليقول في سخرية : ماذا قدمت لنا الدولة؟ 
ولكن الصواب والعدل والحكمة  أن نسأل هذا وأمثاله : ماذا قدمت أنت لنفسك؟!!
نحن لا نسأله : ماذا قدمت للدولة ؟ ولا ما هي الدولة في مفهومك ومن وجهة نظرك؟!!
 وهل هي كيان يتحرك بالزرار أم أن الدولة  نسيج يتكون مني ومنك "أنا  وأنت" ؟
إن الدولة في الحقيقة تتكون من هذا النسيج المختلط بين الفرد والمجموعة والمؤسسات، وهذا النسيج يحتاج إلي تعاون وتكامل ومشاركة.
 والأمر قد يكون سهلا لو كانت هذه الأحداث المتلاحقة الصعبة وقائع فردية، ولكنَّ_ وللأسف الشديد _الأمر أصاب الجميع، وهو شيء مرهق جدا للدولة، لذا فهو يستلزم تكاتف الجميع حتى تمر العاصفة بهدوء  " فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئول عَنْ رَعِيَّتِهِ" صحيح البخاري . 
الصور الإيجابية والوطنية الحقيقيةالتي ينبغي أن تكون في هذه الظروف :
_الموظف الجالس في أجازة مدفوعة الأجر أو الذي يعمل نصف وقت العمل ؛ ينبغي عليه أن يقدم للدولة شيئا في ظل هذه الظروف، حيث إنه حان وقت العمل الإيجابي، فمثلا :
1-أبدأ  بإخواني وأخواتي من الدعاة، فهم يستطيعون أن يقوموا بدور أكبر مع جهد أقل مما كانوا يقومون به، وهذا يتأتي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.
 فقد جاء دورك أيها الداعية لتطمئن الناس وتبث فيهم روح الإيمان بالله والثقة فيه واللجوء إليه. ودورك لا يقل شأنا أو أهمية عن دور الأطباء في هذه الأحداث؛ بل يزيد ويتفوق عليه؛ فيجب علينا معشر الدعاة _ وكذلك الأطباء  والعاملون بالصحة وغيرهم من التخصصات_ أن نقف خلف قياداتنا ونعضد جهودهم ، ونرشد التجار ونبين للناس دورهم  على اختلاف فئاتهم وأحوالهم ومجالات حياتهم، ونستطيع _ أيضا_ أن نكتب رسائل دعوية أو نذيع تسجيلات صوتية أو  نقدم نصائح هاتفية أو مقالات ودروسا توعوية دورية تساعد في حل المشاكل اليومية والحياتية .
2_أساتذة الجامعات والمدرسون_ وهم فئة كبيرة_ يستطيعون أن يقوموا بمثل دور الدعاة أو يزيد عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.   وقد كان_ حقيقة_ لجامعة الأزهر الشريف مثلا دور فعال في هذا المجال،  ويستطيع المدرسون متابعة الطلاب وأولياء الأمور وإرشادهم عن طريق الهاتف وغيره من الوسائل المتاحة، وذلك عندما يعتبرون التلاميذ والطلاب أولادهموهم بالفعل كذلك ومن السهل التنسيق بين المدرسين في مختلف التخصصات على مستوى الجمهورية من جانب والطلاب وأولياء الأمور من جانب آخر ، لتحديد صفحة خاصة أو ما يعادلها _ كمَّاً وكيفا بكل سنة دراسية _وهذا في جميع السنوات وجميع مراحل التعليم المختلفة للوصول إلي الغاية المنشودة والهدف الأسمي المستطاع في مثل هذه الظروف ، علما بأن ذلك يحدث الآن علي أرض الواقع، ولكننا نحتاج التكثيف والمزيد إن شاء الله.   
٣_الموظف في أي جهة أخرى الذي خفض عمله إلى نصف الوقت عليه أن يؤدى عمله في المنزل أو عن طريق الوسائل التقنية الحديثة كما لو كان حاضرا كل الوقت في مكتبه ومكان عمله.   
4-رجال الأعمال وأصحاب الأموال ونداء خاص بضرورة تبرعهم _ وبعضهم يقوم بهذا الدور حقا لأجل إنهاء هذه الأزمةوغيرها_ لوزارة الصحة أو الجهات المعنية أو الأفراد، فوالله ما نقص مال من صدقة "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة..."
والجميع يعلمون أن أجر الصدقة مضاعف ،  سواء كانت بالمال أو غيره ، قال الله سبحانه وتعالى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) الحديد آية ١٠ .
وإذا كان الإنسان فقيرا فجهد المقل ويبارك الله في القليل، وقد قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم _سبقَ دِرهمٌ مائةَ ألفِ درهمٍ قالوا وَكَيفَ ؟ قالَ : كانَ لرجلٍ درهمانِ تصدَّقَ بأحدِهِما وانطلقَ رجلٌ إلى عُرضِ مالِهِ ، فأخذَ منهُ مائةَ ألفِ درهمٍ فتصدَّقَ بِها.سنن النسائي 
5_أصحاب الشركات التي يُرَوِّجُون لها: فإنه بدلا من الملايين التي تصرف علي الإعلانات ؛ ينبغي أن يتبرعوا ببعضها للمساعدة في إنهاء الأزمة مع الحصول علي الأجر مضاعفا من قِبل الله ، حتي عند الإعلان عن هذه التبرعات  _ ولا حرج _ ليقوم المستطيع  ماليا من الجمهور تقليدهم والاقتداء بهم  والتطبيق الفعلي لذلك علي أرض الواقع ، وحينها ستكون الدعاية أفضل للشركة عند الناس ، وأعظم أجرا عند الله سبحانه وتعالى، خاصة إذا صاحبها واقترن بها الإخلاص.
6_  الشباب: يستطيعون عمل حملات لجمع التبرعات ومجموعات للتعاون على فعل الخير ودلِّ الناس عليه، والدال علي الخير كفاعله.
7- عقد مسابقات دينية وثقافية للطلاب عن طريق النت ولو كان ذلك بالجهود الذاتية لأولياء الأمور .
8_غير الموظفين ومن تعطل عمله بسبب هذه الأحداث المتلاحقة ، نقول لهم : لا تيأسوا من رحمة الله ، وابحثوا عن عمل آخر يتناسب مع الظروف والأحداث، فالله سبحانه وتعالى هو القائل:(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ *فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (الذاريات:22-23) .
فإذا فعلنا _ معشر المواطنين_مايجب علينا، وتجنبنا ما حُرِّمَ علينا ؛ عسى الله أن يفرج عنا ما نحن فيه .
نسأل الله_ تعالى_ أن يجعل عملنا صالحا خالصا متقبلا ، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويكفينا ما أهمنا وأغمنا من أمور الدنيا والآخرة.
 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 وَصَلِّ اللهم وسَلِّمْ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 وللحديث بقية إن شاء الله.

منى عاشور

منطقة وعظ الجيزة

عدد المشاهدة (5954)/التعليقات (0)