26 مارس, 2020

وقت الشدة.. تظهر البطولات الحقيقية

وقت الشدة.. تظهر البطولات الحقيقية

 

تظهر في وقت الشدة معادن الرجال الحقيقية، ويظهر معها ما تحمله الشخصية الإنسانية من قيم ومبادئ تعمل لصالح الجميع، أو تظهر ما تحمله الشخصية من مصالح ومطامع ومنافع مادية بحتة تعود بالضرر على الجميع.

والتاريخ به كثير من الأمثلة على ذلك، ومن ذلك سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت، والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر: انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال: فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرًّا -أو قال طعاما- فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قد زادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال: زادني الله -تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال: "يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوَّجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه".

 

فما أحوجنا في هذه المرحلة من حياتنا إلى تلك البطولات الحقيقية في إنفاق الأموال على الفقراء والمساكين والمحتاجين لينعم المجتمع بالتعاطف والمواساة والبر والإحسان، والتي تمثل قيما أخلاقية عليا في الشريعة الإسلامية نحتاج إليها في وقتنا الحالي.

عدد المشاهدة (16650)/التعليقات (0)