21 نوفمبر, 2019

عن مقترح مشروع الأزهر .. قانون حضانة الطفل

عن مقترح مشروع الأزهر  .. قانون حضانة الطفل

لقد شَنَّ المتربصون بالأزهر هجومًا عنيفًا عليه؛ لأنه أعد مقترحًا بعدد من المواد التي تنظم العلاقة بين أفراد الأسرة؛ بحجة أن الأزهر ليس له الحق في إعداد مشروعات لقوانين الأسرة أو غيرها، و أود أن أقول لهؤلاء المتربصين: إن الأزهر الشريف هو الجهة الوحيدة التي لها هذا الحق الأصيل في تقديم مشروع يخص الأسرة بالذات؛ لأن هذا من صميم عمله اليومي، وخاصةً في لجان الفتوى على مستوى الجمهورية، والتي تفصل يوميًّا في قضايا الأحوال الشخصية؛ ففي عام 2019 فقط ورد على لجنة الفتوى بمحافظة بني سويف فقط عدد خَمسمائة قضية شهريًّا تقريبًا في الأحوال الشخصية.

أما بالنسبة لقضايا الخلع؛ فإن المحكمة تُحِيل هذه القضايا إلى حكمين من الأزهر الشريف لمحاولة الصلح بين الزوجين، وإذا لم يستطع هذان الحكمان الصلح فإنهما يرسلان للمحكمة تقريرًا بوضع القضية، ويعطيان في التقرير نسبة مئوية لكل من الزوجين، ومن الذي كان سببًا في تعطيل الصلح، وهو ما تأخذه المحكمة بعين الاعتبار من حيث إثبات الحقوق المالية للزوجة.

أما بالنسبة للقول بأن مقترح الأزهر يفتح الباب لتزويج القاصرات؛ لأنه أعطى الحق للقاضي في الإذن بتزويج من لم تبلغ الثامنة عشرة طبقًا للمادة 18 في المقترح،  وبعد توضيح الأستاذ الدكتور "عباس شومان" وكيل الأزهر السابق، وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، وعضو لجنة مشروع قانون حضانة الطفل لهذه المادة، وأنها تستخدم للضرورة فقط، سواء في حالة فقد العائل للفتاة أو استدراكًا لخطأ وقعت فيه؛ حيث وضح فضيلته هذه النقطة من جميع جوانبها، إلا أنني من خلال الواقع الفعلي والمشاهدة اليومية أقول لحضراتكم: إن زواج القاصرات موجود في المجتمع، وبدون ضرورة، وهو ما نشاهده في المدارس الفنية والتجارية التي نذهب لإلقاء ندوات بها؛ فنجد بعض الفتيات متزوجات وهن تحت السن القانونية ، وبمباركة الآباء الذين يتحايلون لإتمام هذا الزواج؛ فلماذا لا نعيب على هؤلاء ونعيب على الأزهر عندما وضع ضوابط لهذه  الأمور ولتلك الزيجات، بما يحفظ حقوق القاصرات وحقوق الأطفال الذين هم نتاج لهذا الزواج.

 

أما بالنسبة لما جاء في المادة (103) والخاصة بالولاية التعليمية، والتي نصُّها: «تكون الولاية التعليمية المتمثلة في اختيار نوعية التعليم للأب والأم بالتراضي، فإن تنازعا فتكون للأب...».

فإني أقترح أن يعود الأمر في حالة التنازع على نوعية التعليم للجنة الفتوى الرئيسية بالمحافظة التي يعيش فيها الحاضن للطفل؛ بحيث يحدد رئيس اللجنة نوع التعليم الذي يحصل عليه المحضون؛ لأنه الأقدر على معرفة الظروف المادية والحياتية للعائلة، ورأي لجنة الفتوى يتم الأخذ به في المحكمة إذا تم اللجوء إليها في هذا النزاع، وبهذا نتجنب تعنت الحاضنة ونكايتها، ونتجنب إرهاق الأب بما لا يستطيع من تكاليف.

أما عن المادة (16) الخاصة بزواج المجنون والمعتوه؛ فإنني أؤيد هذه المادة، و خصوصًا أنها مقيدة برضا الطرف الآخر وعلمه بما هو مقدم عليه، وذلك مراعاةً له إنسانيًّا، فمن الذي سيرعى هذا الشخص لو توفي والداه، فإذا وجدت ووجد من يرضى بهذا، و ترعاه ويرعاها فقد أعطينا له أبسط حقوقه كإنسان له حق الحياة.

أما بالنسبة لرد الأستاذ الدكتور "عباس شومان" على الاعتراض الثالث في مشروع القانون أنه جعل الأب في المرتبة السادسة، وهي مرتبة متأخرة، وفيها ظلم للأب، وكان من الأولى أن يكون بعد الأم مباشرة في مسألة الحضانة، والذي جاء فيه: «والمشكلة الأساسية ليست في ترتيب الحاضنين، ولا تقديم الأب أو تأخيره، ولكن في الأطراف نفسها، فغالبًا لا تكون المطالبة بقصد تحقيق مصلحة المحضون بقدر ما تكون تنفيذًا لأغراض، وسعيًا لتحقيق انتصار من طرف على الآخر، ولو على حساب المحضون! فكثير من الأمهات لا تناسبها الحضانة لسبب أو لآخر كالعمل مثلًا، ومع ذلك تتمسك بالحضانة، مستغلة اتفاق الفقهاء على أحقيتها بالحضانة في المرتبة الأولى...».

فإنني أدلل على صحة كلام فضيلة الدكتور عباس من الواقع؛ حيث جاءتنا في لجنة الفتوى سيدة رفعت دعوى خلع ضد زوجها، وكان الأولاد ما زالوا عند الزوج، وكانت من ضمن الأولاد طفلة صغيرة، و طلبت هذه السيدة من رئيس اللجنة أن يتوسط لها عند زوجها لكي يرسل إليها ابنتها الصغيرة لتبيت عندها بعض الليالي، و بالفعل اتصل الشيخ على الزوج، وطلب منه هذا الطلب، واستجاب الزوج لكلام رئيس اللجنة، وأرسل إليها الفتاة، ولكننا فوجئنا في اليوم التالي بهذه السيدة تتصل بالشيخ في الصباح الباكر، وتطلب منه أن تعيد البنت لأبيها؛ لأنها لم تستطع الذهاب للعمل بسببها، ولبكاء الطفلة المستمر رغبةً في العودة إلى والدها.

و أخيرًا أوجه رسالتي للمجتمع: إن الأزهر هو منارة الحق في الوطن العربي والإسلامي، بل وفي العالم أجمع، وأكبر دليل على ذلك كلمة شيخ الأزهر في مؤتمر قادة الأديان: «تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي»، والذي أكد فيه أن حقوق الطفل في الإسلام متنوعة ومحمية بعقوبات شرعية رادعة، وأن هذه الحقوق مقصد مقدس من مقاصد الإسلام.

بقلم الواعظة:

حنان محمود إبراهيم

منطقة وعظ بني سويف

عدد المشاهدة (14458)/التعليقات (0)