14 مارس, 2020

وهو على كل شيءٍ قدير

وهو على كل شيءٍ قدير

شهدت البلاد في الآونة الأخيرة تقلباتٍ مناخية أثارت الرعب في قلوب الناس، فالأمس يكون بحال واليوم بحال وغدا بحال آخر. 
ونحن نعاصر هذه الأيام عواصف ورياحا وأمطارا غير مسبوقة ولم نعهدها طوال فصل الشتاء، وكل هذا بتدبير من الله_ سبحانه وتعالى_ فهو القوي المتين، وهو القادر على كل شيء عزَّ وجل وله حكم وعبر ودروس في كل ما يحدث .
 فمن الحكم التي جعلها الله في الرياح :
_أنها تسوق السحاب الذي ينزل منه المطر، قال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ " الأعراف ٥٧
فالله_ عز وجل_ بعظمته وجلاله  يرسل الرياح لتحرك السحاب فتتساقط الأمطار فيسقي الماء أرضا ميتة فيخرج منها الثمر فيأكل منه البشر.
_ أنها تُجْرِي السفن في الماء، قال تعالى: "حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ" يونس ٢٢.
فالرياح مسئولة عن حركة السفن والبواخر في الماء، ولولاها لما تحركت السفن وأبحرت. 
_  أنها تكون سبباً -بإذن الله- في عملية لقاح الأشجار وتخصيبها كما هو معروف عند الزُّراع، قال تعالى: "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ"  الحجر ٢٢ 
 قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لَوَاقِحَ" أي للشجر.
فالرياح تكون سببا في نقل حبيبات اللقاح من نبات إلي آخر كما هو معروف عند علماء الأحياء، حيث تثمر الأشجار بسبب الرياح. 
_ سخرها الله -عز وجل- لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- نُصرةً له على أعدائه، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا". الأحزاب ٩ ، وذلك في غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة.
 "فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً" : هي الصَّبا ؛ كما في الصحيح، وهي الشرقية التي أُرْسِلَتْ على الأحزاب يوم الخندق فألقت قدورهم، ونزعت خيامهم.
ولذلك لا يجوز سبُّ الريح، لحديث أُبَيِّ ابْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- الذي قَالَ فيه : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
 “لَا تَسُبُّوالرِّيحَ " رواه الترمذي.
وقد تكون الريح العاصفة عذابا كما حدث مع الأمم السابقة، حيث قال الله في شأن بعضهم: " وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ" الذاريات ٤١ 
و"العقيم"  : أي التي لا خير فيها. 
وكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- إذا عصفت الريح يُعرف ذلك في وجهه ، فعن عَائِشَةَ -رضي الله عنها_ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: “إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي” وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ : “رَحْمَةٌ“ رواه مسلم 
ومن الآداب التي أرشد إليها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إذا عصفت الريح:  
أن يقول ما حدَّثَتْ به أمُّ المؤمنين عَائِشَةُ -رضي الله عنها- حيث قالت : كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ؛ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ“ رواه مسلم .
نسأل الله_ عز وجل_ أن يصرف عنا البلاء والوباء. 
بقلم الواعظة/
سارة سلطان محمود علي خليل 
منطقة وعظ دمياط

عدد المشاهدة (7021)/التعليقات (0)

كلمات دالة: منطقة وعظ دمياط