05 ديسمبر, 2019

عقولٌ خالية .. وقلوبٌ واهية

ما أن يحل علينا هذا التوقيت من كل عام حتى يتم إعلان حالة الطوارئ؛ ويُفرض حظر التجوال _إنها طوارئ تعلنها الأمهات وحظر يفرضه الأباء لاقتراب موعد امتحانات نصف العام الدراسى ال mid _term
الحكاية بتبدأ منذ أن يصل الطفل لسن الإلزام فإذا به يدخل عالم المقارنة والتنافس سواء مع إخوته، رفقائه، أبناء عمومته، أبناء أخواله، أبناء الجيران وغيرهم؛ مقارنات صريحة ومباشرة من الأهل للطفل _الذى لا يفهم شيئا سوى أنه يرغب فى حب والديه ورعايتهم واهتمامهم _بينما هم من جانب أخر يُعلّقون حبهم له بالتفوق الدراسىّ٠
ناهيك عن أزمة منتصف السنين الدراسية _الثانوية العامة _(الكابوس الذى يلاحق التلاميذ طوال سنين الدراسة) حيث يشعر الوالدين باقتراب موعد تحقيق أمالهم دون الاهتمام برغبات أبنائهم فهم بذلك يجعلون أولادهم مجرد أداة لتحقيق رغباتهم والتفاخر على أقربائهم؛ فهم يريدون من أبنائهم الالتحاق بإحدى كليات القمة؛ ولكن عليهم أن يعرفو أنه ليس من الضرورى أن يكون ابنك فى كلية قمة ولكن الأهم أن يكون ابنك قمةً فى تخصصه، ماهراً فى عمله، أميناً ومتقناً فهذا أدعى للتفاخر به ٠
هذه الطريقة التى يتبعها كثير من الأسر فى مجتمعنا إن لم يكن أغلبهم أنتجت أجيالاً فارغة العقول، واهية القلوب لم يتعلمو تقدير العلم ولا المعلم، أجيالاً _ربما معهم شهادات _ولكنهم ليسو متعلمين فلم نرى تأثيراً للتعليم على سلوكهم ولا أخلاقهم ولا طريقة تفكيرهم ٠
علّمو أولادكم مكانة العلم والعلماء، ساعدوهم على أن يتعلمو العلوم النافعة وهى كثيرة حيث أنّ أية (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
فاطر أية:٢٨
وردت فى معرض الحديث عن العلوم الكونية المختلفة وأنّ أكثر النّاس خشيةً لله تعالى هم العلماء الذين درسوا؛ وفهموا؛ وأتقنوا حتى توصلو لمعرفة الله تعالى حق المعرفة بالعلم ٠
هذه الطريقة المليئة بالمقارنات والضغوط أنتجت لنا أجيالاً قلوبهم واهية، فارغة من الإيمان والرضا بالقدر حتى أننا كثيراً ما سمعنا وشاهدنا ماوصل إليه بعض الطلاب من حالات اكتئاب وأمراض نفسية قد تودى بهم فى بعض الأحيان للإنتحار ٠
لذا علّمو أولادكم أنّ ( ماأصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك)
أخرجه أحمد والطبرانى
علّموهم قول الله تعالى (لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَّوْحِ اللَّهِ إِلّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
يوسف أية:٨٧
علّموهم أنّ المال رزق، وأنّ الصحة رزق، وأنّ العمل رزق، وأنّ التعليم رزق وغير ذلك من الأرزاق جميعها قسّمها المولى عز وجل (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا)
الزخرف أية :٣٢
علّموهم أنه فى يوم الفصل سيكون هناك فريقين أحدهم استقبل أقدار الله تعالى بنفس راضية وصبر على ابتلاءات الدنيا فكان جزاء الصابرين دخول الجنة بغير حساب، والفريق الأخر جزع وسخط واعترض على أقدار الله تعالى فهؤلاء الذين لم يؤمنو بأيات ربهم ولقائه كان جزاؤهم دخول النار بدون ميزان.      

هدى محمد عبيد الشاذلى
وعظ الغربية