أخر الأخبار


20 مارس, 2025

الحرب على الإرهاب في الصومال.. بين تنامي خطر الشباب ونجاحات القوات الأمنية

يشهد شهر رمضان في كثير من الأحيان تصاعدًا في وتيرة الهجمات الإرهابية من قبل التنظيمات المتطرفة، مستغلةً الطابع الروحي لهذا الشهر لجذب المزيد من المقاتلين والترويج لأيديولوجياتها المتطرفة. وفي الصومال تُكرر حركة الشباب هذه الإستراتيجية؛ حيث تكثف عملياتها العسكرية والهجمات الانتحارية خلال الشهر الفضيل. ويعكس هذا التوجه محاولات الحركة لاستغلال الرمزية الدينية وتحقيق مكاسب ميدانية وسط الانشغال الشعبي بأجواء الصيام والعبادة.

وفي هذا السياق تمكنت حركة الشباب في الآونة الأخيرة من استعادة السيطرة على عدة مناطق إستراتيجية في إقليم شبيلي الوسطى بجنوب الصومال، بما في ذلك بلدتا: "الكوثر" و"بوس حرييري". جاء ذلك بعد انسحاب القوات الحكومية والميليشيات المحلية المعروفة باسم "ماكويزلي" من هذه المواقع؛ بسبب الهجمات المستمرة التي شنتها الحركة، والتي أسفرت عن خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات. يُذكر أنه في إحدى الاشتباكات الأخيرة، قُتل ضابط صومالي رفيع المستوى وجنوده في كمين قرب "بوس حرييري"، واستولت الحركة على مركبات عسكرية خلال هذا الهجوم. فعلى الرغم من أن الحكومة الصومالية والقوات المحلية تعمل جاهدةً للحد من توسع الحركة، فإن الوضع لا يزال متأزمًا؛ حيث إن استعادة الحركة لبعض المناطق يشكل تحديًا كبيرًا لأمن البلاد واستقرارها. وعلى صعيد آخر تثير هذه الانتكاسات الأخيرة تساؤلات حول فعالية الإستراتيجية العسكرية للحكومة الصومالية التي حققت سابقًا بعض التقدم في مواجهة حركة الشباب. ومع ذلك، فإن الخسائر الأخيرة بما في ذلك فقدان مناطق رئيسية ومقتل مسؤولين وجنود رفيعي المستوى، أدت إلى حالة من الأزمة والتوتر.

ويرى مرصد الأزهر أن استعادة حركة الشباب السيطرة على مناطق إستراتيجية في جنوب الصومال، تعد تطورًا خطيرًا يعكس مدى التحديات التي تواجهها الحكومة الصومالية في حربها ضد الإرهاب. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، من بينها الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب القوات الحكومية دون تأمين بدائل قوية، وهو ما أتاح للحركة فرصة إعادة التمركز وبسط نفوذها مجددًا. كما أن طبيعة حركة الشباب القائمة على إستراتيجيات حرب العصابات تمنحها القدرة على المناورة والعودة إلى المناطق التي فقدتها بمجرد تخفيف الضغط العسكري عليها.

إلى جانب ذلك، فإن استمرار تدفق الدعم المالي واللوجستي إلى الحركة سواء من خلال الضرائب القسرية التي تفرضها على السكان أو عبر مصادر تمويل خارجية، يساعدها على الاحتفاظ بقدرتها القتالية رغم الضربات المتكررة التي تتعرض لها. ولا شك أن عودة سيطرة الحركة على هذه المناطق يُشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الأمني في البلاد؛ حيث إنه يُعيد عقارب الساعة إلى الوراء في معركة الصومال ضد الإرهاب. كما أنه يُعرقل جهود الحكومة الصومالية التي تبذلها في إطار إستراتيجيتها للقضاء على الإرهاب وإعادة فرض سيادة الدولة على الأراضي كافة.

كما يرى المرصد أن هذه الانتكاسة الأمنية تتطلب إعادة النظر في النهج المتبع لمواجهة التنظيم، حيث لا تقتصر الجهود على الحلول العسكرية فقط، بل تمتد إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تستغلها الجماعة في تجنيد عناصرها وتوسيع نفوذها. فمن الضروري تعزيز قدرات القوات الصومالية على تأمين المناطق المحررة وعدم تركها عرضة للفراغ الأمني الذي تستغله الجماعات الإرهابية.

وفي ظل هذا المشهد، تبرز أهمية التعاون الإقليمي والدولي لمساندة الحكومة الصومالية في جهودها لمكافحة الإرهاب، فاستمرار الدعم اللوجستي والاستخباراتي للقوات الصومالية سيسهم في توجيه ضربات أكثر دقة لحركة الشباب وتقويض قدراتها على استعادة السيطرة على المناطق الإستراتيجية. كما أن التنسيق بين الصومال والدول المجاورة يعد أمرًا ضروريًّا من أجل منع الحركة من استخدام الحدود ملاذًا آمنًا لإعادة تنظيم صفوفها.

وفي النهاية يمكن القول: إن الحرب ضد الإرهاب في الصومال لا تزال طويلة لكنها ليست مستحيلة، وبقدر ما تفرض هذه الانتكاسة تحديات كبيرة فإنها أيضًا تمثل فرصة لمراجعة الإستراتيجيات الأمنية وتطويرها لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل.

 

وحدة الرصد باللغات الإفريقية