مرصد الأزهر يسلط الضوء على تقرير مركز تونى بلير العالمى لمراقبة التطرف
وفقًا لما جاء بالإحصائية التي أصدرها المركز فيما يتعلق بمراقبة التطرف العالمي عن شهر يونيو لعام 2016 والصادر في 31 يوليو لعام 2016م، فقد تسببت 27 جماعة دينية متطرفة في إثارة 314 حادثة عنف في 28 دولة حول العالم وقد وقع أكثر هذه العمليات دموية فى خمس دول هى أفغانستان واليمن والصومال والنيجر والعراق وقد راح ضحية هذه العمليات ما لا يقل عن 577 قتيلا، كما أوضح مركز الدراسات الدينية والجيوسياسية الذي يترأسه توني بلير - رئيس الوزراء البريطاني الأسبق- أن خسائر الحرب لا تقتصر فقط على فقدان الأرواح وزيادة عدد الجرحى بل وتتضمن أيضًا خسائر اقتصادية واجتماعية إلى جانب معاناة الملايين من البشر، حيث لقي ما لا يقل عن 1256 مدنيًا و887 عسكريًّا بالإضافة إلى 2345 متطرفًا مصرعهم في مختلف بقاع العالم خلال شهر يونيو الماضي، كما قامت الجماعات الإرهابية باحتجاز 279 رهينة هناك، وقد أشار التقرير إلى أنه يوجد نحو 53 دولة تئن تحت وطأة الإرهاب ما بين مكافحته أو تجرع ويلاته.
وجدير بالذكر أن مكافحة الإرهاب والتطرف لا تقتصر فقط على الناحية العسكرية، بل تتضمن أيضًا مكافحته ميدانيًّا، فعلى سبيل المثال: أصدر حوالي 100,000 داعية إسلامي في بنجلاديش فتوى تحرم استباحة دماء الأقليات والناشطين العلمانيين.
ويبين التقرير أيضا أن تسع دول هي سوريا والعراق والصومال وأفغانستان وليبيا ونيجيريا واليمن والنيجر والكاميرون قد شهدت أكثر من كارثة مهلكة خلال هذا الشهر، حيث تصدرت هذه الدول قائمة الدول التي شهدت مقتل العديد من مواطنيها جراء أعمال العنف مذ يناير 2016م.
كما شهد هذا الشهر أيضا هجوما على ملهى ليلي في مدينة أورلاندو التابعة لولاية فلوريدا الأمريكية، حيث لقي 49 شخصا مصرعهم جنبا إلى جنب مع منفذ الهجوم، أضف إلى ذلك التفجير الانتحاري الذي وقع في مطار مدينة استانبول التركية والذي أودى بحياة 44 وثلاثة آٌخرهم منفذو العملية.
وقد ألقى التقرير الضوء على الأحداث الإرهابية التي شهدها شهر يونيو من خلال تقسيمها إلى محورين أساسين هما:
1-الاتجاهات العالمية، حيث ركزت هذه النقطة على محورين اثنين هما:-
• تزايد موجة العنف خلال شهر رمضان
يشير التقرير إلى زيادة معدل موجة العنف الجهادي والعمليات الإرهابية الناجمة عنه في شهر يونيو عن ذي قبل، حيث ارتفعت أعمال العنف بنسبة 11% في شهر مايو ، كما قفز معدل الوفيات بنسبة 30% ليبلغ 4,917 قتيلا، وقد تزامن هذا الاطراد في عدد العمليات الإرهابية بحلول شهر رمضان، حيث قامت داعش ومن على شاكلتها من الجماعات الإرهابية كحركة طالبان وغيرها بشن هجمات ضد المسلمين وغير المسلمين على السواء خلال هذا الشهر، وهو ما يدل على أن الأيدلوجية التطرفية مصبوغة بالعنف وأنها لا تفرق بين المسلمين وغيرهم، وأوضح مثال على هذا ما قام به التنظيم الإرهابي من تعليق بعض المسلمين المفطرين في نهار رمضان على الصلبان كما حدث في 16 من يوينو 2016م، وأيضا عندما قام مسلحان فلسطينيان بمهاجمة المدنيين في أحد مطاعم تل أبيب مما أدى إلى مقتل أربعة إسرائيليين، أشادت حركة حماس بالهجوم ووصفته بأنه "عملية رمضان".
كما يشير التقرير أن هناك جهودا مبذولة لمجابهة العنف منها على سبيل المثال الدعوة التي وجهها ملك المملكة العربية السعودية لتحقيق الوحدة الإسلامية وإعادة نبذ العنف خلال الشهر الكريم.
• التركيز على الإرهاب عبر شبكات الإنترنت
كما شهد شهر يونيو تطورًا ملحوظًا من قِبل الحكومات لمكافحة الإرهاب، حيث أصبحت شبكة الإنترنت بمثابة أرض فسحة لمكافحة التطرف الديني؛ ففي أعقاب هجوم أورلاندو الإرهابي، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب عبر شبكة الإنترنت خاصة بعد أن أوضحت شرطة التحقيقات الفيدرالية أن منفذ الهجوم تم استقطابه لتنظيم داعش عبر شبكة الإنترنت؛ يأتي هذا بالإضافة إلى إعلان الوزراء الإسرائيليين عن مخططاتهم لإصدار تشريع من شأنه حظر التحريض على العنف عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وقد أتى هذا عقب أسابيع من توقيع بعض مواقع شبكة الإنترنت اتفاقية من شأنها حذف أي خطابات دينية متطرفة من مواقعها خلال 24 ساعة، واللافت للانتباه أن التقرير يتحدث عن بعض المواقع وليست المواقع كلها؛ لذا يأمل مرصد الأزهر أن تشمل هذه الاتفاقية جميع المواقع (إن كانت هناك نوايا صادقة لمحاربة الإرهاب) على شبكة الإنترنت والإنترنت المظلم والتي لا يمكن الوصول إليها نظرا لاستخدام هذا النوع بروتوكولات غير (HTTP) ولكنها موجودة على الشبكة العامة وتأسست بطريقة مغلقة وسرية والتى عادة ما يتم استخدامها لتنفيذ كثير من العمليات الإرهابية وتبادل المعلومات من قبل الجماعات المتطرفة بعيدا عن الرقابة الأمنية فى كثير من الدول.
2-نظرة إقليمية عامة على أحداث العنف في "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"
• مقتل العديد من المدنيين على يد جبهة النصرة في سوريا
• قوات الأمن العراقية تتكبد خسائر فادحة في حربها ضد داعش
"التطرف والإرهاب".
شهد شهر يونيو تراجعًا طفيفًا في نسبة الأعمال الإرهابية التي شهدها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بفارق 6% عن شهر مايو، حيث تُقَدر نسبة الأعمال الإرهابية التي شهدتها المنطقة خلال شهر يونيو بحوالي 52% من إجمالي الأحداث الإرهابية التي شهدها العالم، إذ بلغت حصيلة القتلى من المدنيين إثر الهجمات الإرهابية في المنطقة حوالي 63% خلال الشهر نفسه، الأمر الذي يعد تراجعًا ملحوظًا في عدد القتلى من المدنيين مقارنة بشهر مايو الذي قُدر بحوالي 85%.وقد تصدرت سوريا الدول الأكثر معاناة من فاجعات وويلات العمليات الإرهابية ويليها العراق بفارق بسيط ثم ليبيا واليمن بفارق ملحوظ.
ويشير التقرير أن هذا الشهر قد شهد زيادة ملحوظة في عدد القتلى من المدنيين الذين قتلتهم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، حيث شهد مقتل 65 شخصا على أيدي مقاتلي الجبهة في الوقت الذي بلغ فيه عدد القتلى من المدنيين في شهر مايو نحو 34 فقط، وهو ما يشير إلى أن جبهة النصرة تريد أن تنشق عن التنظيم الأم بأن تحكم قبضتها على الأماكن التي تسيطر عليها في سوريا.
"مكافحة التطرف والإرهاب":
تعد محاولات استعادة مدينة الفلوجة العراقية من قبضة يد تنظيم داعش من أكبر الجهود المبذولة في إطار مكافحة الإرهاب والتطرف من قِبَل الجيش العراقي والمقاتلين الشيعة بالتعاون مع التحالف الأمريكي لمحاربة داعش.
وتظهر البيانات التي سجلها المركز أن كلا من سوريا والعراق قد شهدا انخفاضا في أعداد القتلى من المتطرفين خلال هذا الشهر، وهو ما يثير التساؤل حول المعيار الذي يقاس به النجاح في الحرب ضد التطرف والإرهاب، والحق أن هذه الحرب هي حرب فكرية أيديولوجية في المقام الأول، وعليه، يجب أن تحدد البيانات التي تزودنا بمعلومات حول أعداد القتلى والجرحى والنازحين المعيار الذي نستطيع من خلاله أن نحدد مدى إحراز التقدم في مجابهة الإرهاب والعنف.
"إفريقيا جنوب الصحراء"
• تزايد ملحوظ في حصيلة القتلى منذ شهر مايو حتى يونيو لتسجل نسبة 122%.
• العنف في دول حوض تشاد يزيد التضامن الدولي ضد بوكو حرام.
"التطرف والإرهاب":
جاءت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء في المرتبة الثانية فيما يتعلق بالمناطق الأكثر نشاطا من حيث أحداث العنف والإرهاب، إذ يشير تقرير المراقبة إلى أن عدد الوفيات الذي شهدته المنطقة في مايو من العام ذاته قد انخفض بنسبة 18%.
كما يبين التقرير أن ثلاثة جماعات إرهابية قد اضطلعت بالقيام بعمليات إرهابية في ست دول، وهو ما يبين انخفاضا في أعداد الجماعات الإرهابية الناشطة عن شهر مايو، إذ قامت خمس جماعات بالقيام بأحداث عنف في ثمان دول، بيد أن معدل الوفيات الناجم عن هذه العمليات الإرهابية لا يزال في تزايد مطرد، إذ شهد شهر إبريل مقتل نحو 652 شخص ليرتفع في مايو إلى 663 ، بينما يبلغ ذروته في يونيو ليصبح 1,469.
وجدير بالذكر أن الصومال قد تصدرت قائمة الدول الأكثر معاناة من الإرهاب في جنوب أفريقيا يليها نيجيريا بفارق ملحوظ تبعها كل من النيجر والكاميرون ومالي بفارق طفيف، وتقوم تلك الدول بمحاربة جماعة الشباب الصومالية و بوكو حرام اللتان تسببت افي مقتل نحو 1,425 شخصا، وذلك طبقا للبيانات التي أوردها التقرير.
"مكافحة التطرف والإرهاب":
قامت قوة من القوات متعددة الجنسيات قوامها 9000 جندي بشن عمليات مكثفة ضد جماعة بوكو حرام في نيجيريا و حوض تشاد، وجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتحالف فيها قوات من نيجيريا وتشاد وبنين والكاميرون عسكريا لاستعادة الأماكن التي سيطرت عليها بوكو حرام.
وعلى الرغم من الجهود المكثفة المبذولة لمكافحة الإرهاب والتطرف ضد جماعة الشباب الصومالية و بوكو حرام وغيرهما من العناصر المتطرفة على ساحل دول جنوب صحراء، فقد أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا تحذيرا شديدا للمواطنين في جنوب إفريقيا حول احتمالية وقوع هجمات إرهابية على المحلات التجارية في كل من كايب تاون وجوهانسبرج، وهو ما عزى بحكومة جنوب إفريقيا أن تعلن أن أراضيها آمنة.
"وسط وجنوب آسيا"
• زيادة حصيلة الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية عن الشهر الماضي بحوالي 36%
• الجماعات المسلحة تتنافس في أفغانستان وتتعاون في الهند
"التطرف والإرهاب"
شهد هذا الشهر ارتفاعا يقدر بنحو 36% فيما يتعلق بالوفيات الناجمة عن الأعمال الإرهابية ليرتفع عدد القتلى إلى 752، وهو ما يعد أكبر عدد تسجله تقارير المراقبة حول وسط وجنوب آسيا، كما انضمت دولة جديدة إلى عداد الدول المجابهة للإرهاب وهي دولة كازاخستان.
وتصدرت أفغانستان قائمة الدول التي تعاني من الجماعات المسلحة بفارق شاسع بينها وبين باقي الدول كباكستان وبنجلاديش والهند، حيث وصلت حصيلة أفغانستان من الخسائر البشرية بسبب تلك الجماعات 654 بينما بلغ العدد في الهند 26.
"مكافحة التطرف والإرهاب"
على الرغم من النقد الموجه لدولة بنجلاديش حول ردة فعلها تجاه تنامي التطرف الإسلامي، إلا أن البلاد قد شنت حملة اعتقالات واسعة في محاولة من رئيس الوزراء الشيخة حسينة لكبح جماح العنف، حيث تم اعتقال نحو 5،000 شخص في أسبوع واحد، كما تم فرض حظر تجوال في بعض مناطق الدولة بعد يوم واحد من مقتل زوجة أحد ضباط الشرطة البارزين في البلاد.
" شرق وجنوب شرق آسيا"
• داعش تعلن مسؤوليتها عن أول هجوم لها في ماليزيا
• جماعة أبو سياف تواصل احتجاز الرهائن بينما تواصل القوات العسكرية انتشارها بهدف إيقافه
"التطرف والإرهاب"
شهدت المنطقة في هذا الشهر وقوع ثمانية أعمال إرهابية ذات صلة بالتطرف الديني تقدر بنحو 3% من مجمل الأعمال الإرهابية الت يشهدها العالم، وقد وقعت هذه الأحداث في كل من ماليزيا والتي طالته أذرع داعش الإرهابية للمرة الأولى، والفلبين التي تواصلت فيها الأنشطة الإرهابية لجماعة أبوسياف، وتايلاند التي شهدت استمرار الجماعات المسلحة في القيام بأعمال العنف والإرهاب.
وقد شهدت المنطقة مقتل نحو 14 شخصا على النحو التالي: - أربعة مدنيين وسبعة من المتطرفين إلى جانب ثلاثة من قوات الأمن، وجدير بالذكر أن معظم القتلى من المدنيين قد وقعوا على أيدي مقاتلي جماعة أبوسياف الإرهابية في الفلبين وكذا الجماعات المتمردة في جنوب تايلاند.
ومذ أوائل 2016 إلى الآن شهدت المنطقة أكثر المعدلات انخفاضا فيما يتعلق بأعمال الإرهاب والتطرف، وهو الأمر الذي يمكن إرجاعه جزئيا إلى الجهود الإقليمية المبذولة لمجابهة التطرف، ولم يكن هناك ثمة استثناء إلا ما شهده شهر مارس 2016م،إذ جاءت المنطقة في المرتبة الثالثة جراء تزايد عدد العمليات الإرهابية في تايلاند.
"مكافحة التطرف والإرهاب":
شهد هذا الشهر ضلوع خمس دول هي الصين وكوريا وإندونيسيا والفلبين وتايلاند بمجابهة الإرهاب والتطرف، وقد أفاد التقرير أن قوات الأمن والشرطة في الدول الثلاثة الأخيرة قد لجأت إلى استخدام القوة للقضاء على الإرهاب من منبعه، فعلى سبيل المثال قامت قوات الشرطة الإندونيسية باعتقال ثمانية اشخاص يشتبه في علاقاتهم بتنظيم داعش الإرهابي.
"أوروبا وأمريكا الشمالية"
• هجمات الذئب المنفرد على أحد ملاهي أورلاندو الليلية والتي أودت بحياة 49 شخصًا جنبا إلى جنب مع منفذ الهجوم.
• ارتفاع معدلات جهود مكافحة التطرف عسكريا وعبر شبكات الإنترنت.
"التطرف والإرهاب"
أفاد تقرير المراقبة وقوع ثلاثة حوادث إرهابية في أوروبا وواحدة فقط في أمريكا الشمالية في شهر يونيو 2016 م، وهو ما يمثل نسبة ضئيلة تقدر بأقل من 1% من مجموع العمليات الإرهابية التي شهدها العالم خلال هذا الشهر، بيد أن عدد القتلى الناجم عن العملية الإرهابية التي شهدها الملهى الليلي في أورلاندو قد جعل نسبة القتلى من المدنيين في أمريكا الشمالية تقدر بنحو 4% من النسبة العالمية، أي بنسبة تربو على تلك التي بلغتها منطقة شرق وجنوب شرق آسيا.
ويبين التقرير وقوع 49 قتيلا في العملية الإرهابية التي استهدفت الملهى الليلي في أورلاندو جنبا إلى جنب مع منفذ الهجوم، في حين قتل قائد شرطة باريس ومساعده في هجوم نسب إلى تنظيم داعش الإرهابي، أما روسيا فقد شهدت مقتل أربعة من القوات الروسية في هجوم نسب إلى التنظيم الإرهابي أيضا.
"مكافحة التطرف والإرهاب":
قامت حكومات الدول في كلا القارتين بمجابهة التطرف خلال هذا الشهر، حيث شهد نحو 11 دولة أوروبية القيام بحهود من شأنها مجابهة التطرف والإرهاب بما يوازي نسبة 9% من الجهود المبذولة عالميا في مكافحة الإرهاب.
وفي الإطار ذاته، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية في الثاني من يونيو تقريرها السنوي حول الإرهاب العالمي، وجاء فيه أن وتيرة الهجمات الإرهابية قد انخفضت على المستوى العالمي منذ 2012م، كما وصف التقرير داعش بأنها "تمثل التهديد الأكبر عالميا".
تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول الأكثر معاناة من الإرهاب في أوروبا وأمريكا الشمالية تليها بلجيكا بفارق ملحوظ ثم روسيا وبريطانيا بفارق شاسع.
وعليه، فقد عمدت الولايات المتحدة إلى وضع خطط من شأنها مكافحة التطرف خاصة عبر شبكات الانترنت آخذةً في الاعتبار أن تنظيم داعش يعد بمثابة خطر جسيم على العالم بأسره.
متابعة وحدة رصد اللغة الإنجليزية
المصدر:
http://tonyblairfaithfoundation.org/sites/default/files/CRG%20GEM%20JUNE%2006.16.pdf