الروهينجا

أزمة مسلمي الروهينجا بين شهادات اللاجئين والمساعي الدولية

أزمة مسلمي الروهينجا بين شهادات اللاجئين والمساعي الدولية

     لا تزال أزمة الروهينجا شاهدة على موت الضمير العالمي الذي اعتاد سياسة الكيل بمكيالين؛ مآسي متلاحقة، وحوادث يندى لها الجبين. التقارير الدولية المنشورة تعكس حياة لا يتصور أن تكون حياة بشر، ومع ذلك فالقوي الدولية تراقب في صمت، وإن كانت هناك ردود أفعال فهي دون المستوى.
نشر موقع (سي إن إن) بعض الشهادات من بعض لاجئي الروهينجا، وهي شهادات تكشف أزمة لا يمكن أن تصفها الكلمات، حيث تحدث التقرير عن معاناة مسلمات الروهينجا واستخدام جيش بورما سلاح الاغتصاب ضدهن، وأوردت الشبكة العديد من الحوادث التي تعرضت لها المسلمات، ومن هذه الروايات ما ذكرته سيدة تدعى "رشيدة بيجام" حول تجربتها المريرة التي تعرضت لها، حيث أظهرت العديد من الجروح وقالت: "انظروا حاولت أن أدافع عن نفسي بكل ما أوتيت من قوة، رأينا الجيش يحفر المقابر جماعية، كنا خمس نساء ومعنا أطفالنا".
وأضافت "أمسكوا بنا، وجرينا إلى المنزل، وأغلقوا الباب، وانتزع الجنود ابن رشيدة من بين ذراعيها وقتلوه"، وتقول رشيدة: "لقد صرخت وبكيت لكنهم لم يستمعوا إلينا، لأنهم لا يفهمون لغتنا".
ولم يظهر الجنود أي نوع من الرحمة، حيث قاموا بجرحها في رقبتها ومزقوا ملابسها، وأضافت: "تعرضت لأعمال وحشية واغتصاب بجانب أربع نساء أخريات".
وأكدت أنه "عندما فقدت وعيها، أضرم الجنود النيران في المنزل وتركوا النساء حتى الموت، مضيفة: "اعتقدت أنني كنت ميتة، ولكن عندما بدأت أشعر بآثار الحرق أفقت، وتكمل: "إنها تعرضت للاغتصاب من قبل العديد من جنود ميانمار قبل أن تهرب إلى مخيمات اللاجئين في بنجلاديش .. سيكون من الجيد لو مُت لأنه بموتي سوف أنسى كل هذه الأمور، لقد قُتل والدي والكثير من الناس".
وتعتبر قصة رشيدة من القصص الشائعة في المخيمات المترامية الأطراف على طول الحدود بين بنجلاديش وميانمار.
ووفقًا للتقارير المنشورة أفاد عاملو الإغاثة إنه من الصعب تقدير عدد النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب، لكن يبدو أن عمليات الاغتصاب كانت منتشرة إلى حد كبير، حيث قامت منظمة أطباء بلا حدود بوضع برنامج لتقديم الدعم للضحايا، هذا وقد تلقى العشرات من النساء العلاج الطبي والنفسي للتغلب على هذه الجريمة التي ارتكبت بحقهن، ووفقًا لما ذكرته منظمة أطباء بلا حدود في وقت سابق من هذا الشهر، فإن نصف المغتصبات تحت سن الثامنة عشرة.
أما موقع manila times فقد نقل معاناة أطفال الروهينجا وهم يصفون الفظائع التي شاهدونها أثناء فرارهم من بورما، فها هي طفلة تدعى كورشيدا، تبلغ من العمر 12 عامًا تروي ما شاهدته من انتهاكات ومجازر تعرض لها مسلمو الروهينجا، حيث أكدت أنها شاهدت من خلال حاجز مصنوع من الخيزران عملية ذبح جماعي في قريتها، حيث بدأ الجنود بذبح الرجال بشكل عشوائي وإلقاء جثثهم في فناء خارجي واصفة ذلك بأنهم كانوا يُذبحون وكأنهم دجاج.
ولم تذكر كورشيدا اسم قريتها خوفًا من أن تتعرض للأذى لاحقاً، قائلة: "إنهم كانوا يطلقون النار بالقرب منا طوال اليوم".
جدير بالذكر أن كورشيدا هي واحدة من مئات الآلاف من مسلمي الروهينجا الذين أجبروا على ترك منازلهم نتيجة العنف الشديد، وأن شهادة كورشيدا ليست الوحيدة من نوعها، فقد تم توثيق عدد من الشهادات الأخرى لأطفال من الروهينجا، وذلك حسب تقرير لمؤسسة "أنقذوا الأطفال" والذي صدر يوم الخميس بعنوان "رعب لن أنساه أبدًا"، وهو يصف كيف أن الأطفال قد اغتصبوا أو قتلوا أو أحرقوا أحياء.
أما موقع MAIL ONLINE فقد وصف الوضع بأنه "نوع من أنواع الفصل العنصري" وأنه جريمة ضد الإنسانية، حيث أورد الخبر أن منظمة العفو الدولية اعتبرت أن ميانمار تخضع مسلمي الروهينجا للتمييز والاضطهاد الممارس منذ عهد بعيد، وهو ما يرقى إلى "الفصل العنصري المجرد من الإنسانية"، كما أن الأمم المتحدة وصفت ما يحدث بأن أعمال الجيش تبدو كحملة "تطهير عرقى" حيث يقوم باستخدام أعمال العنف والتخويف وحرق المنازل لإجبار مسلمي الروهينجا على مغادرة مجتمعاتهم.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في وقت سابق من هذا الشهر إن الهيئة الدولية تعتبر هذا الشأن "أولوية قصوى وعلى رأس اهتمامتها" لوقف جميع أعمال العنف ضد الروهينجا والسماح لهم بالعودة إلى ديارهم؛ لأنهم يعيشون حاليًا في مخيمات اللاجئين المزدحمة بمنطقة الحدود البنجلاديشية، كما حث مسؤولون في دكا على أن تسمح ميانمار للمسلمين بالعودة إلى أوطانهم مع ضمان سلامتهم.
وقالت آنا نيستات، المديرة العام لشؤون البحوث في منظمة العفو الدولية: "يجب على المجتمع الدولي أن يواجه حقيقة ما يحدث في ولاية راخين منذ سنوات"، مضيفة "إن التنمية جزء هام من الحل، إلا أن ذلك لا يمكن أن يتم بطريقة تزيد من ترسيخ التمييز، ويجب على المجتمع الدولي -ولا سيما المانحين- ضمان أن مشاركتهم لا تجعلهم متواطئين في هذه الانتهاكات".
التحركات الدولية السياسية الأخيرة
أورد موقع US news خبرًا يفيد بقيام وزير الخارجية الصيني وانج يي ـ يوم السبت ـ بحث كل من بنجلاديش وميانمار على حل أزمة الروهينجا من خلال مفاوضات ثنائية، وقال وانج في تصريح صحفي أدلى به بالسفارة الصينية في دكا: "إنه يجب على المجتمع الدولي ألا يُعقد هذا الموقف"، وأضاف الوزير للصحفيين: "على الإجراءات التي سيتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن تساعد التعاون الثنائي بين بنجلاديش وميانمار لحل المشكلة سلميًا".
وأضاف وانج "الموقف معقد ويحتاج إلى حلٍّ شاملٍ، التنمية الاقتصادية مطلوبة في ولاية راخين، والصين مستعدة للمساعدة".
بدوره، صرح وزير خارجية بنجلاديش أبو الحسن محمود علي، بأن بنجلاديش تحاول حل القضية ثنائيًا ودوليًا؛ لأنها لا يمكنها أن تتحمل العبء الضخم الذي يلقيه على عاتقها تدفق اللاجئين.
وأما موقع Dhaka Tribune فقد نوَّه عن عزم وزيرة كندا للتطورات الدولية والفرانكوفونية، ماري كلاود بيبيو، زيارة بنغلاديش في الفترة من 21 إلى 23 نوفمبر؛ لتعاين بنفسها الأزمة الكارثية التي يعيشها الروهينجا، ومن المقرر خلال زيارتها، أن تقيم أفضل الطرق التي يمكن لكندا من خلالها مساعدة مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من موجة العنف الأخيرة في ميانمار، كما ستلتقي بيبيو أيضًا بحكومة بنغلاديش لمناقشة جهودها في التعامل مع الأزمة.
وخلال زيارتها أيضًا، ستقوم الوزيرة الكندية بالمرور على أماكن إقامة اللاجئين ومجتمعات استضافتهم؛ للتواصل مع نساء الروهينجا وأطفالهم بشكل مباشر؛ للوصول لفهم أعمق لاحتياجاتهم من أرض الواقع، كما ستلتقي بالشركاء من مقدمي المساعدات الإنسانية وممثلي المجتمعات المدنية المحلية لمناقشة جهود الاستجابة والتنسيق في مساعدة من هم أحوج الناس إلى المساعدة.
ذكر موقع US news أن وزيرة الخارجية السويدية مارغوت والستروم، والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ووزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل، ووزير الخارجية الياباني تارو كونا، سيزورون بنجلاديش هذا الأسبوع.
كما أشار موقع The Dhaka Tribune إلى بدء المحادثات بين بنغلاديش وميانمار، يوم الأربعاء الموافق 22 من هذا الشهر، وسط آمال بعودة الروهينجا إلى ديارهم، حيث ذكر الموقع أن المحادثات المقرر استمرارها لمدة يومين، تجرى وسط آمال بأن تؤدي إلى توقيع مذكرة تفاهم تمكن الطرفين من البدء في عملية إعادة جميع لاجئي الروهينجا إلى بلادهم بميانمار.
ويتابع المجتمع الدولي هذه المحادثات وما ينتج عنها آملاً في أن تسفر عن عودة آمنة وكريمة للروهينجا في أسرع وقت، ويركز الاجتماع على تكوين مجموعة عمل مشتركة، ووضع الأحكام والشروط المتعلقة بها للسير قدمًا نحو إجراءات إعادة الروهينجا بسهولة ويسر.
ومن جانبها ترغب بنغلاديش في إشراك المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة في عملية توثيق هذا الاجتماع، ولكن هذا الأمر رهن موافقة الطرف الثاني، وهو ميانمار.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

الموضوع السابق تقرير تركي: البحر المتوسط مقبرة اللاجئين
الموضوع التالي ‎‎أستاذ في جامعة كمبلوتنسي الإسبانية: ربط الإرهاب بالإسلام نوع من الجهل
طباعة
2067