الروهينجا

مسلمو بريطانيا بين مِطْرَقة جرائم الكراهية وسَنْدان العدالة الغائبة

مسلمو بريطانيا بين مِطْرَقة جرائم الكراهية وسَنْدان العدالة الغائبة

    من أبسط قواعد الأخوة الإنسانية هي تلك القاعدة التي تقضي بأن البشر كلهم متساوون في الخِلْقة وأنهم كلهم أبناء أبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ، وأن الله -سبحانه وتعالى- قد كرّمهم جميعًا، بغضّ النظر عن اختلاف أجناسهم وأعراقهم ودياناتهم.
وهذه في الحقيقة أبسط قواعد حقوق الإنسان التي ينبغى أن نسعى جميعًا لتحقيقها والاحتفاء بها، ومن المفترَض أن يكون هذا العصر الذى وصل فيه الإنسان لأعلى درجات التقدم المادي في كل مناحي الحياة المختلفة أزهى عصور البشرية حضارةً وتقدُّمًا وثقافةً ورقيًّا أخلاقيًّا وحفاظًا على حقوق الإنسان، بَيْدَ أن ما يعاني منه المسلمون في بعض المجتمعات الغربية من عنصرية بغيضة تُنْبئ عن غياب هذه القواعد البَدَهيّة،
وبعض التقارير والإحصائيات التي يتابعها مرصد الأزهر في هذا الصدد تثبت ذلك؛ فمن المملكة المتحدة تشير التقارير الصادرة إلى ارتفاع معدلات الكراهية ضد المسلمين على نحو ملحوظ، ففي تقرير لها نشرته عام 2016، أوضحت جمعية (Tell Mama) البريطانية؛ أن جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا قد ارتفعت في العام ذاته من 146 إلى 437، مؤكدة في الوقت ذاته أن المسلمة المحجبة هي الأكثر عُرْضَةً لجرائم الكراهية بصورة شبه يومية، حيث تُمَثِّل المرأة 61% من إجمالي ضحايا الكراهية، وهو ما أكده التقرير الذي نشره موقع (Evening Standard 27/2/201) من ارتفاع معدل جرائم الكراهية والإسلاموفوبيا في العاصمة الإنجليزية لندن بنسبة 40% في العام الماضي، ‏حيث شهدت لندن 1678 جريمة كراهية ضد المسلمين خلال العام الماضي 2017، مقارنةً بــ1205 جريمة خلال عام ‏‏2016، مُحَذِّرَةً في الوقت ذاته من أن هذه الإحصائية الصادرة عن مكتب عمدة العاصمة لا تُظهِر جميع جرائم الكراهية التي يتم رصدها.
وتَجَلّت هذه الكراهية بوضوح في حادثة اغتيال الطالبة المصرية "مريم مصطفى" قبل أيام قلائل؛ فالطالبة التي تدرس الهندسة في جامعة نوتينجهام قد تعرضت للضرب المبرح على أيدي جماعة من النساء لم يبرحن يضربنها حتى أفقدنها الوعي، وأدخلنها في غيبوبة ماتت على إثرها، مخلفة وراءها أسئلة كثيرة حول مستقبل المسلمين في هذا البلد! وهل ستستمر جرائم الكراهية ضدهم في ظل صمتٍ مطبقٍ من الحكومة البريطانية والأجهزة المعنية حول مرتكبي الحادثة؟ وهل ستستمر بعض الحكومات الغربية في تبني سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع المسلمين؟
ولا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الفتاة المصرية لم تتلقَّ العلاج على الوجه الذي ينبغي، إذ سمحت المستشفى التي كانت تتلقى العلاج فيها لها بالخروج بالرغم من أن النزيف الدماغي الداخلي الذي تعرضت له على إثر الهجوم الوحشي عليها لم يكن قد توقف بعدُ! وهنا نتساءل عن الذنب أو الجُرْم أو الإساءة التي ارتكبتها هذه الفتاة المصرية في حق هؤلاء الذين أزهقوا روحها؟ بل ما هو السوء الذي ارتكبه المسلمون في هذا البلد أو غيره في حق شعوبها وأبنائها؟
وهنا نذكر أن المسلمين لم يكونوا ليخرقوا قواعد دينهم الذي أوجب عليهم معاملة البشر جميعًا بالحسنى، وأن يتعايشوا في سلام ووئام مع غيرهم، مؤكدين في الوقت ذاته أن كل هذه الاعتداءات التي يلقاها المسلمون في هذه البلدان غيرُ مُسَوَّغة، وأنها تخرق أحكام الديانات السماوية التي حثّت البشر جميعًا على التعامل بالرحمة والوُدّ والرأفة، كما أنها تُقِضّ قواعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والذي يقضي بالمساواة بين البشر جميعًا، وبأحقية الإنسان في العَيش بكرامة في المكان الذي يختار.

 

الموضوع السابق متى تَصْدُق ميانمار؟
الموضوع التالي إطلالة سريعة حول الإسلام في إقليم التبت
طباعة
3725