خطر الإرهاب أم خطر الجوع!

  • | الثلاثاء, 28 مارس, 2017
خطر الإرهاب أم خطر الجوع!

لا شك أن أزمة الجوع ونقص الموارد الغذائية أصبحت أزمة عالمية تهدد العديد من دول العالم، لكن أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه في الصومال، فتلك سبة في جبين البشرية. فقد ذكر موقع وكالة الأنباء العالمية "رويترز يوم 5 مارس خبرًا بعنوان "الجوع يقتل 110 شخصًا خلال 48 ساعة بالصومال"، وذكر الخبر أن الصومال تتعرض لموجة جفاف شديدة، فيما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في فبراير الماضي أن 270 ألف طفل قد يعانون من سوء التغذية هذا العام، ويُذكر أن الصومال قد تعرضت لأزمة كبيرة من عام 2010 إلى عام 2012 أودت بحياة 260 ألف شخص، وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 220 ألف آخرين قد لقوا حتفهم عام 1992 في حادثة جفاف مشابهة.

إن البشرية اليوم تواجه مخاطرًا جسامًا وكلها تهدد وجود الإنسان، فما بين إرهاب مسلح تتنوع منطلقاته وأجنداته من سياسية إلى اقتصادية ودينية، ومشاكل بيئية تهدد قطاعات من الكرة الأرضية، وصراعات هيمنة سياسية وأيديولوجية، ثم ندرة الموارد الغذائية، كلها تهدد حياة البشر، لكن مع ذلك تبقى أزمة نقص الغذاء أبشع أزمة أخلاقية وإنسانية، فكيف يمكن لإنسان أن يرى أخيه الإنسان يموت جوعًا مهما اختلفت الأعراق والأجناس والأديان. 

إن المنظمات الدولية الكبرى تنفق المليارات من أجل مواجهة إرهاب هنا أو هناك، أو هكذا يزعمون، بينما لا نجد ردود فعل مماثلة على خبر مثل خبر الصومال! فهب أن مثل هذا العدد قُتل في هجوم إرهابي، هل ستكون ردة فعل المنظمات الدولية بنفس الدرجة؟! أم أن السياسة التي تنتهجها بعض القوى العالمية مع الشرق الأوسط، تنطبق كذلك على قضايا بعينها. أم أن منتج عصرنا الحديث "الشركات العابرة للقارات" والتي تملك معظم اقتصاد العالم لا يهمها سوى أرباحها، وبالتالي فهي تدفع نحو محاربة الإرهاب لأنه يهدد مصالحها في مناطق، وتخلق الإرهاب في مناطق أخرى حتى تخلق بيئة استثمارية من جهة أخرى؟ لكن ما الذي سيعود على أصحاب الاقتصاديات الكبرى من سد جوع فقير أو معدم؟

إن الشريعة الإسلامية لما جاءت أقرت كليات خمسة أسماها علماء المسلمين بالضروريات، أي أنها ضرورية لوجود الإنسان، فهي معتبرة في كافة الشرائع والأديان، ألا وهي "حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل."

فحفظ النفس الإنسانية مقصود أساسي لأي تشريع سماوي أو غير سماوي فهكذا ينبغى أن يكون بغض النظر عن ماهية هذه النفس، وبغض النظر عن الخطر الذي نحمي النفس منه. وقد كنا نحسب أن البشرية وصلت لمرحلة تسعى فيها لتنمية هذه النفس بحفظ كرامتها وليس مجرد الحفاظ عليها من الموت، لكن يبدو أنه في حين تتقدم الإنسانية في أماكن محددة إلى مستويات غير متخيلة من الأساس أو غير متوقعة من الرقي والتطور، فإنها تتراجع في أماكن أخرى إلى حالة العصر البدائي، غير أن إنسان العصر البدائي كان يجد طعامه وشرابه، واليوم قد لا يجدهما حتى الموت!

إن المؤسسات الدينية في العالم كله تسعى إلى نشر الوعي بالأزمات الغذائية الطاحنة التي تواجه العالم، لكنها في نفس الوقت لا تملك الاقتصاد المناسب ولا الثروة الكافية لمواجهة أزمة كهذه؛ فهي تسعى بما تملك إلى توفير الطعام والشراب لمن تستطيع أن تصل إليهم، بالإضافة إلى ثمة جهود أخرى لمنظمات كبرى في هذا الصدد، لكن الواقع لا يزال مأساوي ويتطلب جهود ضخمة على الأجلين القصير والطويل، وليس مجرد توفير الطعام لبعض الملاجئ والمخيمات.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.