يجب أن لا نقع في فخ داعش

  • | الخميس, 26 نوفمبر, 2015
يجب أن لا نقع في فخ داعش

  نشر موقع "courier international" الفرنسي مقالُا بعنوان : "يجب أن لا نقع في فخ داعش" للكاتب ""Stephen M. Walt.

  يستعرض الكاتب في هذا المقال الأحداث الإرهابية التي منيت بها فرنسا وبعض الدول حول العالم بشئ من التحليل ويحاول أن يتلمس الخطوات والخطط التي يجب أن تتبع للتصدي لخطر الإرهابيين. ويوصي في بداية مقاله بالتحلى بالهدوء، وعدم اللجوء إلى رد عسكري متسرع وغير معد له بشكل جيد، وهذه الخطة هي على النحو التالي :

يجب أن نضع نصب أعيننا التهديدات وأن لا نغفلها :

   فالموت المفاجئ والعنيف لنحو 130 من الأبرياء في مدينة السلام لابد حتما من أن يقع في عقولنا موقع الاهتمام، ولكن في الوقت ذاته يجب علينا أن نستوعب أن مثل هذا الحدث لا يمكن أن يهز أسس المجتمع. ومما لا شك فيه أن وفاة هؤلاء الأبرياء هي أمر مأساوي، ولكن هذه الأحداث وغيرها لا تقارن بالمجازر الوحشية التي تعرضت لها أوروبا في الفترة من 1914 إلى 1918 ومن 1939 إلى 1945. هذه الهجمات ليست سوى محاولة لزعزعة الاستقرار الذي نتمتع به في أوربا، فالإرهاب ما هو إلا سلاح ضعيف في يد عدو أضعف، أما باريس - مدينة النور - فستبقى كما هي بل وستصبح أكثر تألقًا بينما سيكون هؤلاء الجبناء في طي النسيان.

علينا التسليم بأن التأمين الكامل هو ضرب من المحال : 

    من المسلم به أن نقاتل وأن ندافع عن أوطاننا ضد كل متطرف يفكر فى تنفيذ أعمال إرهابية، لاسيما داخل مجتمع متقدم به العديد من الأهداف المعرضة للخطر، وها نحن أمام أمثلة حية لدول عظمى كالصين وروسيا التي لم تنج من الهجمات الإرهابية القوية، مما يثبت أن انتهاج "سبيل الدولة البوليسية" لا يكفي وحده.

 

 فهم أصول الإرهاب وروافده يُمكننا من التغلب عليه :

   الإرهاب المبني على أفكار يطلق عليها "جهادية" هو حركة سياسية تقوم على تفسير ضيق لبعض النصوص الإسلامية والذي لم يقل به سوى قلة من العلماء. ومن ناحية أخرى، يعد ظهور منظمات مثل داعش أو القاعدة هو - إلى حد ما -  أعراض أزمة تطبيق الشريعة والحكم (الخلافة) التي تواجه العالم العربي والإسلامي. بل هو أيضا رد فعل لسنوات أو حتى قرون من التدخل الغربي في الشرق الأوسط، وبعبارة أخرى هو رد فعل للسياسة التي أودت بحياة مئات الآلاف من القتلى في المنطقة.

    ومن هنا يأتي التساؤل : هل أوروبا والولايات المتحدة مسئولة عن هجمات باريس؟ علينا الإقرار بأن ما نحصده الآن هو حصيلة عقود من السياسات الأمريكية والأوربية السيئة التي تسببت في إشعال غضب العالم العربي والمسلم، والتي دفعت ببعض الأفراد منهم – وإن كانوا قلة نادرة – إلى رد الجميل إلى أوربا وأمريكا في شكل هجمات انتقامية.

علينا أن لا نستسلم لفخ داعش :

    علينا أن نفهم جيدًا الفخ الذي تعده داعش للغرب حتى نتجب الوقوع فيه، حيث أن داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية تأخذ منطلقاتها من خلال مزيج من الغضب والأيديولوجية والطموح، ولكن أفعالهم لا يمكن تفسيرها بأنها أعراض غضب أعمى، فداعش توظف العنف بشكل استراتيجي للغاية. وتعمل دومًا على إبراز أن هناك ثمنًا لابد أن يدفع من قبل كل من يعتدي عليها. ومن ناحية أخرى، علينا أن نفهم أن داعش لها أيضا هدف طويل الأجل : فهى تسعى لتعزيز مواقعها في سوريا والعراق، ولتوسيع منطقة "الخلافة" في العالم الإسلامي وغيره. ومن هنا يسعى منظروا داعش إلى العمل على تفاقم الصراع بين المسلمين وغيرهم، وإجبار أولئك المتمركزين في المنطقة الوسطى (المنطقة الرمادية) لاختيار أحد الجانبين (جانب الأعداء أو جانب الحلفاء). إذا تمكنت داعش من إيقاع أعدائها في فخها أو بعبارة أخرى، إذا تمكنت من :

إشغال فرنسا والدولة المستهدفة بتتبع ومهاجمة المسلمين بها (أي إشغالها بالشأن الداخلي).
 إلجاء الغرب إلى التمركز(الاحتلال) فى مناطق بالشرق الأوسط.

    إذا تمكنت من هاتين الخطوتين فإنها ستوظفهما كرسالة عداء شديد من الغرب للإسلام مما سيساعد بشكل كبير جدًا في كسب التأييد الإسلامي لداعش (التي تتظاهر بصورة المدافع الباسل عن الإسلام).

    ومن هنا يجب أن نفهم الحقيقة العميقة لهؤلاء المتطرفين الذين يريدون إفساد العالم كله، وعلينا أن نتعامل معهم بناءًا على هذا الفهم. يجب أولًا ألا ننساق إلى فخ داعش، فلو تبنينا ذات الرؤية الداعشية للعالم (أي أنه عالم مبني على الصراع الحضاري والديني والثقافي)، فنحن بذلك قد نحقق لهم ما يريدون، فهذه الجماعة المتطرفة تريد أن تظهر أمام العالم بمظهر البطل ذي الرؤية الثاقبة (أي أن رؤيتها للعداوة بين الغرب والإسلام هي الرؤية الأصوب التي ستثبتها الأيام).

علينا أن نحافظ على هدوئنا ونستمر :  

     من الخطأ أن يكون رد الفعل الأول بعد الهجمات الحالية هو تدمير داعش ، فلو فرضنا أننا أرسلنا حملات عسكرية مدعمة بقواتنا البرية من مختلف الجنسيات الغربية إلى داعش وبالفعل آتت ثمارها وقضت على قوى داعش العسكرية (الظاهرة) التي تهدد الغرب، فنحن بذلك سنحصل على النتائج التالية :

سيتصور العالم الإسلامي أن هذه الحملات الغربية حرب صليبية جديدة.
ستظهر داعش بالبطل الديني المتآمر عليه.

ج- سيفر - ولا شك - عدد من قياداتها ومجنديها (محملين بأفكارهم المتطرفة) إلى جميع بلدان العالم ليكونوا خلايا داعشية من جديد.

وختامًا علينا أن نرجع بالذاكرة إلى عصر القاعدة وإلى أحداث سبتمبر 2001 لنخرج بتوصيتين :

داعش تتبنى خططًا طويلة المدى مثل ما كانت تفعله القاعدة ومن هنا فإن الحل الأمثل للتصدي لداعش هو تحفيز المقاومة الفعالة الداخلية (للبلاد التي تحتلها داعش) من خلال دعم مؤسسات هذه الدول.
علينا أن نأخذ الدرس من تعامل الولايات المتحدة مع ملف أحداث سبتمبر 2001، وكيف أن تدخلها العسكري المباشر في أفغانستان لم يأت إلا بنتائج عكسية.

 

للرجوع إلى النص الأصلي للمقال :

http://www.courrierinternational.com/article/analyse-ne-pas-tomber-dans-le-piege-de-daech?utm_campaign=Echobox&utm_medium=Social&utm_source=Facebook 

 

 وحدة رصد اللغة الفرنسية

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.