منهج التضليل فى الخطاب الداعشى

أصبح لفظ داعش يتردد كثيرا فى وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، ويحمل استخدام هذا اللفظ صور سفك الدماء والحرق والدمار بإسم الدين! ولا يكتفى هذا التنظيم الإرهابى بارتكاب جرائم فى حق البشرية والحضارة الإنسانية، بل يعمل بكل قوة على نشر أفكاره المسمومة والمغلوطة بلغات مختلفة مستغلا الثورة التكنولوجية فى مجال التواصل الاجتماعى ليجذب شبابًا مسلمين من جميع أنحاء العالم.

  • | الجمعة, 7 أغسطس, 2015
منهج التضليل فى الخطاب الداعشى

أصبح لفظ داعش يتردد كثيرا فى وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، ويحمل استخدام هذا اللفظ صور سفك الدماء والحرق والدمار بإسم الدين! ولا يكتفى هذا التنظيم الإرهابى بارتكاب جرائم فى حق البشرية والحضارة الإنسانية، بل يعمل بكل قوة على نشر أفكاره المسمومة والمغلوطة بلغات مختلفة مستغلا الثورة التكنولوجية فى مجال التواصل الاجتماعى ليجذب شبابًا مسلمين من جميع أنحاء العالم. فكان واجبًا على مرصد الأزهر الشريف أن يتابع كل ما ينشره هذا التنظيم ويفنده ويفضحه كى لا يقع شباب المسلمين فى براثن التطرف. وبعد قراءة فاحصة فى اصدارت داعش وتحليلها من قبل باحثين من الشباب، استطاعوا أن يُخرجوا إلينا ركائز التضليل التى يعتمد عليها هذا التنظيم، نذكر منها ما يلى:   

1-    اعتماد الخطاب الداعشي على التعميم وعدم الخوض في تفاصيل فقهية خلافية قد تكون بالنسبة للمُتلقي الذي لا يمتلك هذه الخلفية مملة لا طائل من ورائها .

2-    اعتمادهم على تصوير آرائهم على أنها هي المعتمدة دون منازع، فنجدهم يتبعون في كتاباتهم ألفاظا مثل :  " اتفق الفقهاء " ، " أجمع العلماء " .

3-     الاعتماد على النصوص والأحاديث التي تخدم فكرتهم دون مراعاة لنصوص أخرى مقابلة لابد من الجمع بينها لتتضح الفكرة ويزول اللبس، بل وبالجمع والفهم
تصبح أدلتهم حجة عليهم لا لهم .

4-    اجتزاء النصوص من سياقاتها بما يخدم مبادئهم .

5-    الاعتماد على لغة الخطاب العاطفي الذي يحرك المشاعر الدينية لدى الغيورين على دينهم مما يظهرهم في أعين هؤلاء أنهم هم المسلمون الحق القائمون بدين الله تعالى في أرضه .

6-    استدعاء الأحداث التاريخية التي تظهر أمجاد المسلمين وربط ذلك بمفاهيم الهجرة والجهاد وأنه لا يمكن أن يعود للمسلمين عزهم ومجدهم إلا بالجهاد والقتال في سبيل الله وفقًا لرؤيتهم.

7-    تصوير المجاهد على أنه بطل لا يشق له غبار، والاعتماد في هذا على التقنيات الإعلامية الحديثة .

8-    العزف على وتر الاضطهاد الذي يتعرض له بعض المسلمين المتشددين في بلادهم وبعض مظاهر التضييق والإضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في بلدان غيرر إسلامية والدعوة إلى الهجرة إلى داعش لممارسة الدين الحق دون اضطهاد .

9-    الإغراء بالموعود الإلهي لمن يقاتل فيقتل بأن له الجنة ونعيمها والمتع التي لا تنتهي باعتبار ذلك مدخًلا لمن يجهلون حقيقة الدين.

10-                        انقسام خطابهم إلى نوعين : نوع يمكن القول عنه إنه " المدرسة العلمية الداعشية " يحكي الأقوال ويناقشها مناقشة سريعة ويدلل على أن ما تنتهجه " داعش" هو الحق وما عداه باطل، وهذا النوع يخاطب من عنده مسحة من قراءة أو ثقافة أوخلفية دينية فقهية تجعل عنده بعض الإشكاليات مع المواقف الداعشية الفجة من قتل وذبح ونحر.

 فبهذا الخطاب شبه العلمي المعضد بالنصوص المجتزئة والمبتسرة من سياقها يستطيع الخطاب الداعشي القضاء على الإشكاليات البسيطة لدى هؤلاء مما يؤهلهم للانتماء والانضواء تحت لوائهم مقتنعين أن هؤلاء هم أهل الله ورافعو راية الحق في الأرض.

أما النوع الثاني من الخطاب فيمكن أن نسميه الخطاب العامي العاطفي :وهو الذي يخاطب السذج ممن تدفعهم عاطفتهم الدينية إلى الرغبة في إقامة شرع الله ولم تسبق لهم سابقة ثقافة أو خلفية دينية ولكنهم يرغبون في أعماقهم أن يسود شرع الله ، فهؤلاء تجذبهم الكلمات الرنانة والشعارات التي تكتسي بالدين والصورة الوهمية للبطل المجاهد الذي يقتل أعداء الله كي يقيم شرع الله .

11-   إلغاء النظرة المقاصدية من تأصيلهم الفقهي لأعمالهم الإجرامية، إذ أن النظرة المقاصدية تجعل أعمالهم في ميزان الفقه محض زيف وبغي وعدوان يجب ردعه بالقول والفعل .

12-   مخاطبة المسلمين غير العرب بلسان التعميم وسوق النصوص المجتزئة عن وجوب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وإذا كانت هذه المصطلحات قد لا تجدي بالنسبة للمسلم العربي المقيم في بلد يقيم الشعائر الدينية، إلا أنها تجد صدًى لها عند المسلم المقيم في بلاد الغرب لأنه لا يجد مشكلة في تسمية تلك البلاد بلاد كفر خاصة إن كان مضطهدا لا يستطيع ممارسة شعائر دينه بحرية تامة.

13-   ربط الإسلام بمفاهيم الولاء والبراء والتشكيك في صدق إسلام من لا يوالي ويباري في الله وجعل الولاء والبراء فكرة تقوم على القتل والذبح والحرق والتخريب لكل من هو ضد تنظيمهم .

14-   ترديد عبارات مثل: الكفار الأصليون، المرتدون، الخونة ، العملاء ... مما يجعل المتلقي الساذج يعتاد هذا التعبير وتألفه نفسه شيئا فشيئا، فلا يجد مشكلة في أن أهل بلده كفار وأن جيشه خائن يجب قتاله .

15-    كذلك مما يجذب الشباب لداعش شعورهم بالهوية الدينية تحت شعارات إقامة شرع الله ونصرة الحق وإعادة مجد الإسلام .

16-    العزف على وتر مقاومة أمريكا وعملائها في بلاد المسلمين من الخونة الديموقراطيين أعداء الله .

17-    التشكيك في مصداقية الخطاب الديني الوسطي لعلماء المسلمين وتنزيل أحاديث الغربة كـ" طوبى للغرباء" على أنفسهم مما يجعلهم هم الغرباء أنصار الحق ومن عداهم على باطل .

وختامًا أؤكد أنه من الواجب علينا أن لا نترك العنان للجهل والأفكار الغريبة والمتطرفة التي يُمكن أن تبرر للبعض ظلمًا وزورًا اتهام الدين بالتحريض على اغتيال الإنسانية وترسيخ العداء بين الأديان والثقافات، وهو الذى يدعو إلى الحب والتعاون ونشر الفضيلة.

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.