داعش تنشر مخالبها في جنوب آسيا

  • | الأربعاء, 13 ديسمبر, 2017
داعش تنشر مخالبها في جنوب آسيا

     في الوقت الذي كان يتعرض فيه تنظيم داعش لانحسار نفوذه في العراق وسوريا، أعلن تمدده في جنوب آسيا فبايعته أكثر من 60 مجموعة جهادية منتشرة في المنطقة، ففي تصريح لمسؤول في المخابرات الأمريكية في صحيفة "واشنطن تايمز" أن "داعش وافق علنًا على تعهدات من مختلف المجموعات في الفلبين، ودعا أتباعه في جنوب شرق آسيا إلى التوجه إلى الفلبين إذا لم يتمكنوا من السفر إلى سوريا".
كما شن التنظيم هجومًا كبيرًا على إحدى المدن الواقعة في جزيرة "مينداناو" في جنوب الفلبين 23 مايو 2017م وتمكَّن من السيطرة على ماواري، وإعلانها أول إمارة له في جنوب شرق آسيا، ورغم وقوع معارك شرسة بين القوات الأمنية في الفلبين وداعش إلا أن التنظيم مازال يسيطر عليها، الأمر الذي يهدد الأمن القومي لدول آسيا.
فبحسب توقعات بعض الخبراء الأمنين خلال مؤتمر أمني عقد في سنغافورة في شهر أبريل 2017 حذَّر الخبراء  من أن مقاتلي تنظيم داعش المنحدرين من دول جنوب شرق آسيا والعائدين من الشرق الأوسط بعد النكسات التي مُني بها التنظيم، قد يتخذون من جنوب الفلبين قاعدة لهم، وتكون هذه القاعدة بمثابة نواة تهديد لكل دول آسيا.
هذا ولم يمر عام 2017م على هذه التوقعات حيث تطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو جديد من إصدار مؤسسة الحياة -الذراع الإعلامي لتنظيم داعش- يظهر فيه مقاتل تابع لتنظيم داعش الإرهابي سنغافوري الجنسية -وهي أول حالة يظهر فيها مقاتل داعشي من سنغافورة- يعرف نفسه في شريط الفيديو باسم "أبو عقيل" من سنغافورة هو على الأرجح سنغافوري يبلغ من العمر 39 عاما يُدعى "ميغات شهدان بن عبد الصمد" حسب بيان صادر عن وزارة الداخلية في سنغافورة.
وقال البيان إن ميغات غادر سنغافورة عام 2014 للعمل في الشرق الأوسط، ثم توجه إلى سوريا للانضمام إلى صفوف داعش، كما أوضح البيان إن أجهزة الأمن في سنغافورة قد وضعت ميغات تحت المراقبة في سوريا منذ فترة.
كما يظهر مع أبي عقيل السنغافوري مجموعة من المنضمين لداعش من جنوب شرق آسيا، وهم يرتدون ملابس عسكرية، ويحملون ما يشبه قذائف المدفعية على شاحنة مع مدفع رشاش، في فيديو مدته 3 دقائق و30 ثانية، وهذا الفيديو جزءٌ من سلسلة من فيديوهات تبثها داعش بعنوان "من داخل أرض الخلافة"، يحاول بها التنظيم أن يقدم دعوة ويوجه نداء للمسلمين في جنوب شرق آسيا للهجرة إلى المراوي جنوب الفلبين من أجل القتال مع داعش.

Image

وقد ظهر هذا الفيديو لأول مرة على شبكة التواصل الاجتماعي الخاصة بموقع (smart feedback) وموقع (observer+).
يتحدث أبوعقيل في الفيديو باللغة الإنجليزية، ويشيد فيه بعناصر التنظيم الموجودة في "شرق آسيا"، ويدعوهم إلى "التضحية بكل ما هو ثمين"، ثم يحثُّ المتطرفين في أماكن أخرى على الانضمام إلى مقاتلي شرق آسيا، أو السفر إلى الشرق الأوسط للقتال مع مقاتلي داعش هناك، كما تحدث إلى الأمير هاري البريطاني الذي زار سنغافورة في يونيو قائلاً: "إلى هاري، هل جئت إلى سنغافورة لكي تروي قصصًا تحاول بها كسب تعاطف الناس بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في لندن؟ لماذا لا تأتي إلى هنا وتحاربنا إذا كنت رجلا بما فيه الكفاية؟ أو نرسل لك أباتشي خاصة ترسلك إلى الجحيم".
ورغم أن هذا الفيديو هو الأول من نوعه حيث يظهر فيه مقاتل سنغافوري الجنسية إلا أن هذا الفيديو يعد علامة واضحة على مدى التهديد الذي تشهده منطقة جنوب وشرق آسيا، حيث يقدر ان  أكثر من 1000  إلى 1500 شخص من جنوب شرق آسيا قد سافروا إلى الشرق الأوسط للقتال مع داعش، ومن بين هؤلاء مجموعة من سنغافورة.
أحدهم، وهو حاجا فخر الدين عثمان، وهو مدير في سوبر ماركت بسنغافورة، كان يبلغ 37 عامًا عندما أخذ زوجته وثلاثة أطفال صغار في أوائل عام 2014 إلى سوريا.
وكذلك امرأة سنغافورية كانت تعيش في ماليزيا -ولم يذكر اسمها- تبلغ 47 عامًا، ذهبت إلى سوريا في نفس العام مع زوجها الماليزي البالغ من العمر 37 عامًا وابنها وابنتها من زواج سابق.

Image

الحقيقة أن منطقة جنوب شرق آسيا قد عانت لوقت طويل من آفة التطرف، وتدفق المتطرفين من إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة إن لم يكن بشكل كبير للانضمام إلى تنظيم داعش في العراق وسوريا، إلا أنه مع النكسات التي يتلقاها تنظيم الدولة مؤخرًا، ووجود نواة للتنظيم في الفلبين يخشى المسؤولون والمحللون من عودة هؤلاء المقاتلين إلى بلاده، والذين بالتأكيد سيعملون على نشر أفكارهم وتجنيد مزيد من الأتباع وتنفيذ عملياتهم.
كما أن استهداف "داعش" لدول جنوب شرق آسيا هو في الواقع ضربٌ لعددٍ كبيرٍ من القوى الكبرى، التي تحارب التنظيم في سوريا والعراق، ولكن بشكل غير مباشر، فخلق بيئة آمنة له في آسيا عن طريق انتشار التنظيم في أماكن متفرقة ومختلفة يُعد تشتيتا للجهد الأمني في مكافحة الإرهاب وتوسيعًا لمسرح العمليات مما يتيح للتنظيم فرصة البقاء.

 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.