تعليم الفتيات في باكستان وأفغانستان

  • | الجمعة, 11 مايو, 2018
تعليم الفتيات في باكستان وأفغانستان

     طالما كانت المرأة هي خط الدفاع الأول عن الأمن القومي للوطن بتربية جيل واعٍ وحامٍ للوطن كما أنها تعتبر هي البوصلة التي توجه الشعوب نحو التقدم والتطور،  وفي مكافحة التطرف والإرهاب لا تزال المرأة هي الحلقة الأهم في منظومة الوقاية وحماية الأبناء من مساعي التنظيمات الإرهابية لجر الشباب وصغار السن للإرهاب والتكفير والتفجير والتطرف، الأمر الذي يستلزم أن تكون المرأة على قدر من الوعي والإدراك لأهمية دورها في هذا الجانب.
المجتمع الباكستاني مليء بنماذج مشرفة للفتيات الناجحات في مجالات مختلفة، فلها تمثيل متميز في البرلمان ومختلف قطاعات الدولة، وكانت أول رئيسة وزراء مسلمة في العالم امرأة باكستانية، وهي " بينظير بوتو " ولا تزال المرأة الباكستانية تحقق الكثير والكثير..
 وفقًا للمادة الثالثة والسبعون لدستور باكستان فإن تعليم المرأة حق أساسي لكل مواطنة ولكنها للأسف لم تحصل حتى اليوم على كامل حقوقها في هذا المجال خاصةً في بعض المناطق القبليّة، لا سيما  الواقعة على الحدود مع أفغانستان، فتفيد الإحصاءات بأنّ شريحة ضئيلة فقط من بنات القبائل من تقصد المدارس، بينما معظمهن محرومات من التعليم، فوفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة "ألف إعلان "- وهى منظمة باكستانية غير حكومية تهتم بالتعليم بتاريخ "27 فبراير 2018" فإن أكثر من 50% من فتيات إقليم "خيبر بختون خواه" الواقع على الحدود الباكستانية الأفغانية، أي بما يقرب من 31 مليون فتاة في سن المدرسة الابتدائية و 32 مليون فتاة في سن الدراسة في المدارس الثانوية هن خارج المدرسة".
والأمر المؤسف انه في العديد من المناطق لم يعد التعليم آمنًا من الهجمات في أوقات النزاع المسلح فنجد الجماعات المسلحة تستهدف عن عمد المدارس والمدرسين والطلاب وتنتهك حق الأطفال في الحصول على التعليم. فبحسب تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" :" تواجه باكستان تحديات كبيرة في مجال التعليم، بوجود ما يقدر بنحو 25 مليون طفل خارج المدارس، كما أن هجمات حركة "طالبان" والجماعات المتشددة الأخرى كان لها تأثير سلبي على العملية التعليمية لمئات الآلاف من الأطفال، وخاصة الفتيات.
حيث ترى الجماعات المتطرفة التي ظهرت باسم الدين وتدّعى انتسابها للإسلام أن تعليم الفتيات هو أمر "مخالف للشريعة الإسلامية"، فبالنسبة لهم هذه هي الأماكن التي تخرج المرتدين، فهى تخرج المحاميات والضابطات العسكريات وعضوات البرلمان وهو ما يحارب شريعة الله" على حد زعمهم.
وفقًا لتقرير صادر عن جمعية "حماية حقوق الأطفال في باكستان" تم تدمير 710 مدرسة  في خيبر ختون خواه، و401 مدرسة في مدينة سوات، من بينهم 100 مدرسة لتعليم الفتيات في منطقة وادي سوات وغيرها من المناطق القبلية، التي تحرم فيها ما يقرب من 100 ألف فتاة من التعليم الأساسي.
وقد هدّد المتطرفون جميع أولياء الأمور بسحب فتياتهم من المدرسة أو تعرض فتياتهم للهجوم ، كما وجهت الأوامر للنساء بارتداء الحجاب وعدم ترك منازلهن إلا بصحبة محرم.
     على الرغم من هذا الواقع الصعب إلا أن عددًا كبيرًا من الفتيات الباكستانيات تحدين هذا الواقع وأعلنَّ رفضهنَّ له، ومن أبرزهم الناشطة "ملالا يوسف زاي" الحاصلة على جائزة نوبل لأنشطتها في مجال الدعوة إلى حرية تعليم الفتيات، مما جعلها عرضة للاستهداف في محاولة لاغتيالها ولكنها نجت، وكان لهذه الحادثة مردود كبير على الصعيد العالمي.
    في عام 2013 أعلنت منظمة اليونسكو بالتعاون مع باكستان عن إنشاء "صندوق ملالا" لدعم تعليم الفتيات خلال حدث رفيع المستوى نُظِّم بمناسبة يوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر تحت شعار "أيّدوا ملالا ... من حق الفتيات أن يتعلمن!"، وخلال اللقاء أعلن رئيس باكستان آنذاك أن بلده سيكون أول المتبرعين متعهدًا بتقديم 10 ملايين دولار إلى الصندوق، واعتمد المشاركون وثيقة التزام بحق الفتيات في التعليم، أكدوا فيها أنهم سيسعون إلى بذل قصارى جهدهم لوقف جميع أشكال العنف ضد الفتيات، ولإزالة العقبات التي تمنعهن من الالتحاق بالمدرسة.
    أما في أفغانستان فعلى الرغم من التحديات والتهديدات المستمرة في مقاطعة قندهار، تسعى الفتيات في المقاطعة للحصول على التعليم العالي من خلال مراكز التعليم عبر الإنترنت والقطاع الخاص.
إن التعليم ذو أهمية كبيرة لتطوير المجتمع البشري، وتعليم الفتيات هو نقطة بالغة الأهمية في تطوير الموارد البشرية وضرورة لنمو اقتصاد الدولة، فالتعليم أحد أقوى أدوات التغيير، وقد يساعد الدولة لإنجاز أهدافها الوطنية من خلال إنتاج عقول مشبعةً بالمعرفة، والمهارات والكفاءات لخلق قدرها المستقبلي.
ويؤكد مرصد الأزهر دائمًا في كثير من المحافل الدولية والإقليمية على أن مثلث الإرهاب هو "الفقر والجهل والمرض"، وأن هذه العوامل الثلاثة هي عوامل رئيسية في استقطاب الشباب نحو الجماعات المتطرفة التي تحولهم إلى قنابل موقوتة.
فالدافع الأكبر وراء التطرف ليس هو الدين، بل الجهل بالدين؛ ولا شك أن الفارق كبير، بل هما على النقيض؛ لأن توابعه القتل والسفك والدمار. وفي هذا السياق يصبح من الضروري التأكيد على أهمية التعليم وخاصة تعليم الفتيات اللائي يشكلن اللبنة الأساسية في بناء المجتمع .

وحدة الرصد باللغة الأردية

 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.