باكستان بين مطرقة الإرهاب الأيديولوجي وسَندان الإرهاب الانفصالي

  • | السبت, 15 ديسمبر, 2018
باكستان بين مطرقة الإرهاب الأيديولوجي وسَندان الإرهاب الانفصالي

للإرهاب والتطرف عِدّة أَوْجُه، ويُعَدّ وسيلةً من وسائل الإكراه، وعبارة عن مجموعة من الأفعال العنيفة التي يكون هدفها الأول هو خلق أجواء من الخوف ضد أتباع جماعة دينية أو سياسية معينة، أو لأهداف أيديولوجية، وفيه استهدافٌ مُتَعَمَّد للمدنيين أو رجال الأمن، سواء كانوا من الجيش أو الشرطة.

وكما أن للإرهاب عِدّة أوجه، فإن له أيضًا عِدّة أسباب؛ أولها: القتل على الدين والمُعتقَد، وثانيها: القتل على الهُوِيَّة والعِرْق، وهذا النوع الأخير، تعاني منه باكستان، التي وَضَعَهَا موقعُها الجغرافي في منطقةِ صراعٍ، إن لم يكن دينيًّا، فهو بالحتم صراعٌ عِرقي، تحاول فيه بعض جماعات الانفصال إثبات وجودها، والتعبير عنه بإراقة دماء كل مَن يختلف عنها عِرقيًّا.

كان حَيّ "كليفتن"، الواقع في مدينة "كراتشي"، على موعد مع حادثةٍ إرهابية جديدة، صباح يوم الجمعة الموافق 23 من نوفمبر الماضي، عندما حاولت 3 عناصر مسلحة،  تابعة لحركة "تحرير بلوشستان الانفصالية"، في تمام الساعة التاسعة صباحًا، الدخول إلى مَقَرّ القنصلية الصينية؛ من أجل تنفيذ هجوم إرهابي، غير أن قوات حماية القنصلية قد نجحت في التصدي لهم، وهو ما أسفر عن مقتل عنصرين من العناصر الأمنية، وإصابة آخَر، بينما سقط المهاجمون الثلاثة بنيران قوات الأمن، كما قُتل اثنان من المدنيين، لتصبحَ حصيلة قتلى هذا الهجوم 7 أشخاص؛ اثنان من قوات الشرطة، واثنان من المدنيين، والمُهاجِمون الثلاثة.

 

Image

صورةٌ للمُسَلَّحين الثلاثة نقلًا عن صحيفة dawn

وحسب الأنباء، فقد قام المهاجمون بفتح نيرانهم على قوات الأمن المَوجودة بالقُرب من مبنى القنصلية، وحاولوا الدخول للمبنى نفسِه، لولا تصدي قوات الأمن الباكستانية لهم، والتي كان من بينهم  شرطيّةٌ تُدعى: "سوهائي عزيز تلبور"، حيث سارعتْ إلى مكان الحادث، بعد تَلَقّيها مع زملائها أنباءً عن محاولة الاقتحام.

 

 

Image

"سهائي عزيز" نقلًا عن صحيفت "قدرت"

وفي لفتة إنسانية، قام القنصل الصيني العامّ بمدينة "كراتشي"، "وانج يو: WangYu"، بتقديم ما يزيد عن 6 مليون روبية، لأسر ضحايا هذا الهجوم الإرهابي، وذلك خلال فعالية بسيطة "حفل تأبين"، شارك فيه القنصل الصيني، إلى جانب عدد من المسئولين الباكستانيين.

 

Image

جانب من حفل التأبين

وأضاف "وانج يو"، خلال كلمته التي ألقاها: أن تلك المساعداتِ تكريمٌ من الشعب الصيني للشهداء، وشكرٌ لشرطة ولاية "السند" على مجهوداتها. 

من جانبهم شكر المسئولون الأمنيون الحكومة الصينية على تعاونها مع الشرطة، وأكدوا أن الشهداء سيَبقَوْنَ أحياءً في قلوب الجميع، وأنهم بتضحياتهم هذه لم يخدموا باكستان فقط، بل قدّموا صورة مشرفة للشرطة الباكستانية أمام العالم، وستُخَلَّد أسماؤهم في التاريخ بحروفٍ من ذهب.

 

Image

 

شارك في هذه الفعالية أيضًا عددٌ من أسر الشهداء، حيث تَوَجّهوا بالشكر لكلٍّ من: شرطة السند، والحكومة الصينية، على الدعم والمساندة، وأكدوا أنهم على استعدادٍ للتضحية بأرواحهم في سبيل الدفاع عن بلادهم وشعبهم.

تجدر الإشارة إلى أن جماعة "تحرير بلوشستان الانفصالية" قد أعلنت مسئوليتها عن الهجوم الذي فشل في تحقيق هدفه، وكانت الصين قد حذّرت من التمدُّد في الإقليم أو محاولة السيطرة عليه، وهو الأمر الذي اعتبره عددٌ من الساسة والمسئولين الباكستانيين، وعلى رأسهم: "عمران خان"، رئيس الوزراء الباكستاني، محاولةً تَهدِف في المقام الأول إلى ضرب الاقتصاد الباكستاني، وزعزعة العَلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين، حليفتِها، في مرحلةٍ تشهد العَلاقاتُ بينهما ازدهارًا كبيرًا على جميع المستويات.

إن التطرف وما ينتج عنه من إرهابٍ ليس بالحَلّ أو السبيل لتحقيق الأهداف السياسية أو المذهبية أو العِرقيّة، بل هو عبثٌ يُدخِل البلادَ في حالةٍ من الفَوضى، ويؤكّد -بما لا يَدَعُ مَجالًا للشك- أن مثل تلك الجماعاتِ -أيًّا كان تَوصيفُها أو انتماؤها- جماعاتٌ مأجورة، ذاتُ أجنداتٍ تخريبية، تسعى إلى ضرب استقرار البلاد وأمنها الداخلي، وضرب العَلاقات الدولية؛ حتى تعيشَ مناطقُ بعينها صراعًا مستمرًّا.

 

وحدة الرصد الأوردية

 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.