المسلمون في جواتيمالا

  • | الإثنين, 4 فبراير, 2019
المسلمون في جواتيمالا


انطلاقًا من حرص مرصد الأزهر على متابعة أحوال الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض؛ وذلك للوقوف على أهم المشكلات والمصاعب التي تواجه الجاليات المسلمة، تقوم وحدة الرصد باللغة الإسبانية بمرصد الأزهر بصياغة مجموعة من التقارير المُفصلة عن أحوال الإسلام والمسلمين في إسبانيا، وفي دول أخرى من قارة أمريكا اللاتينية وفي إفريقيا.
لذا نستعرض في هذا التقرير، أحوال الإسلام والمسلمين في جواتيمالا، باعتبارها إحدى دول أمريكا الوسطى المتحدثة بالإسبانية.
جواتيمالا هي دولة صغيرة تقع في أمريكا الوسطى، تحدها من الشمال المكسيك ومن الشرق دولة بليز Belize (وهي الدولة الوحيدة في أمريكا الوسطى حيث اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية هناك) ومن الغرب المحيط الهادي ومن الجنوب السلفادور وهندوراس؛ وعاصمتها مدينة جواتيمالا تُقدر مساحتها بحوالي 108.889 كم2، وعدد سكانها يزيد عن 16.5 مليون نسمة بنهاية عام 2017.
وكانت جواتيمالا مستعمرة إسبانية، كما كانت قبل الاحتلال الإسباني مقرًا لحضارة المايا الهندية الأمريكية، وقد استعمرها الإسبان عام 1524م، ثم أعلنت استقلالها عام 1821م. وقد شهدت سلسلة من الاضطرابات عقب استقلالها، أما الآن فتتبع نظامًا ديمقراطيًا منذ أواخر 1985م، ويقر دستورها بحرية الأديان.
والديانة السائدة في جواتيمالا هي المسيحية الكاثوليكية، وهناك جاليات دينية أخرى كالإسلام واليهودية، كما أن هناك عدد كبير من السكان ممن لا يتبعون أي دين من الأديان.
وبالنسبة لتعداد المسلمين في جواتيمالا فهي نسبة ضئيلة، متمثلة في  المهاجرين، فضلًا عن عدد قليل من مواطني جواتيمالا. تجدر الإشارة إلى أن غالبية المهاجرين المسلمين في جواتيمالا من الفلسطينيين، يليهم اللبنانيون والسوريون وبعض المصريين والمغاربة؛ ويعمل معظمهم بالتجارة. ونود أن نشير هنا إلى دور مصر في مساعدة المسلمين في جواتيمالا، فقد كانت أول قاعة للصلاة هناك تابعة للسفارة المصرية، بالإضافة إلى إرسالها بعض الأئمة والدعاة لإحياء ليالي شهر رمضان وإقامة الشعائر الدينية فيه.

 
•    تاريخ الإسلام في جواتيمالا
        وصل أول مسلم إلى جواتيمالا في عام 1935 وهو فلسطيني يدعى "سليمان ضاحي"؛ وفي عام 1979 هاجر عددٌ كبيرٌ من الشرق الأوسط إلى جواتيمالا، واستأجروا مكانًا لإقامة الصلاة في جماعة.
ومنذ ذلك الوقت بدأ الإسلام ينتشر في جواتيمالا؛ وأقام المسلمون هناك أول صلاة للجمعة في السفارة المصرية عام 1980. وفي عام 1994 تم البدء في إنشاء أول مسجد سني بالجهود الذاتية، وسمي مسجد الدعوة  Mezquita de Aldawa بهدف ممارسة شعائر الدين الإسلامي وتعليم مبادئه ونشره في جواتيمالا، علاوة على عقد لقاءات للتعريف بالإسلام في الكليات والجامعات وتنظيم دورات اللغة العربية.
الجدير بالذكر أن السفارة المصرية في جواتيمالا كان لها دور كبير في بناء هذا المسجد الذي يضم مكتبة وفصولًا دراسية للتعليم الديني. ويلعب المركز الإسلامي في جواتيمالا دورًا لا بأس به في المجال الإسلامي والتربوي والتعليمي، بحيث أصبح لهم مسجد ومدرسة يُعلمون فيها أبناءهم القرآن الكريم واللغة العربية. كما يؤم المصلين بالمركز إمامٌ مصريٌ يقوم على شؤون المسجد من صلاة ودروس ومواعظ وإحياء المناسبات الدينية. ففي الأعوام الأخيرة أصبح للجالية المسلمة ظهور ملحوظ على الساحة الدينية والثقافية نتيجة الهجرة الفلسطينية الكثيفة إلى جواتيمالا.


•    المساجد في جواتيمالا
    يبلغ عدد المسلمين في جواتيمالا حوالي 1200 مسلم، ويمثل المهاجرون العرب الفلسطينيون 95%، وهذا العدد قريب مما ذكرته إحصائية مركز "بيو" الذي أفاد أنهم حوالي 1000 مسلم، بينما يقول أحد الأئمة المسلمين هناك إنهم لا يتجاوزون ال350 شخصًا، 100 منهم من جواتيمالا والباقون من المهاجرين العرب. وهناك في جواتيمالا مسجدان:
الأول، يسمى مسجد الدعوة الإسلامية، وقد بدأ بناؤه منذ عام 1994 وتم الانتهاء منه وترخيصه عام 1996م بتصديق من الحكومة الجواتيمالية. ويقع المسجد في ضواحي مدينة جواتيمالا –عاصمة البلاد- وبالتحديد في شارع رقم 4 من المنطقة التاسعة. وهو متاح للصلوات الخمس اليومية. ويقدم المسجد دروسًا للغة العربية وتعليم الدين لأبناء المسلمين وكذا المسلمين الجُدد، وعقد بعض المحاضرات في الجامعات والمدارس للتعريف بالإسلام. وعلى سبيل المثال، في نوفمبر 2018 استقبل إمام المسجد مجموعة من طلبة جامعة بايِّي جواتيمالا Universidad del Valle de Guatemala –وهي جامعة خاصة علمانية- للنقاش حول الإسلام وتعاليمه وأهم ‏الأنشطة التي يقوم بها المركز، وكذلك للتعريف بالحضارة الإسلامية والعربية، فضلاً عن مناقشة كتب تتناول الإسلام وتعاليمه للراغبين.
ويترأس الجمعية الإسلامية في البلاد الشيخ "جمال مبارك" Jamal Mubarak، وإمام المسجد في الوقت الحالي هو الشيخ المصري "محمد شعلة" والموقع الإلكتروني  www.mezquitaguatemala.es.tl. ويرتاد المسجد يوم الجمعة من 80 إلى 90 شخصًا للصلاة.

Image

مسجد الدعوة الإسلامية في جواتيمالا


والمسجد الثاني، هو مسجد البيت الأول Baitul Awwal وتأسس عام 1989؛ وتديره الجماعة الأحمدية المسلمة، وتسعى هذه الطائفة -التي تضم مائة عضو في جواتيمالا- إلى افتتاح مراكز دعوية إسلامية في المناطق النائية من خلال منظمة إنسانية هدفها تقديم المساعدة لأكثر الفئات حرمانا. وفي نوفمبر 2009 أطلقت أول بعثة دعوية أحمدية في مقاطعة "كيتزالتينانغو" الواقعة على بعد 206 كم2 غرب العاصمة، حسبما أكد نسيم مهدي، المدير العام للبعثات التبشيرية الأحمدية في أمريكا الشمالية.

Image

مسجد البيت الأول


وهناك مركز إسلامي لشئون المرأة في جواتيمالا تترأسه السيدة "فاطمة آرياس". وينظم المركز العديد من الأنشطة مثل دورات تعليم اللغة العربية والتعريف بالإسلام وفن الطهي وتصميم المشغولات اليدوية وغيرها، بالإضافة إلى تنظيم حلقات نقاشية حول الإسلام. ويتم ذلك في مقر المركز وفي الأماكن العامة مثل الجامعات، علاوة على عقد حلقات الدعوة وتقديم المساعدات الاجتماعية للأسر الفقيرة.

Image

•    الصعوبات التي تواجه المسلمين في جواتيمالا
     يتعايش المسلمون في جواتيمالا مع غيرهم، لكنهم لا يسلمون من بعض مظاهر الإسلاموفوبيا في جواتيمالا، وهي الدولة التي يعتبرها الكيان الصهيوني "الصديق الذي لم يخذلها أبدا". وقد نظمت قطاعات من الشعب الجواتيمالي مظاهرات لدعم الكيان الصهيوني في حربه على غزة عام 2014، وكثيرا ما تنتج ممارسات الإسلاموفوبيا بسبب ما تنتهجه الجماعات القومية والعسكرية واليمينية المتطرفة التي كانت تدعم الكيان الصهيوني عسكريًا.
وعقب إعلان الرئيس الأمريكي "ترامب" عن قراره بشأن نقل عاصمة بلاده إلى القدس باعتبارها عاصمة ‏للكيان الصهيوني، تباينت ردود الأفعال الدولية بين مؤيد ومعارض. وجاء موقف الرئيس الجواتيمالي ‏‏"جيمي موراليس"‏‎ Jimmy Morales مؤيدا لقرار "ترامب" وأعلن عبر صفحته الشخصية بموقع ‏فيسبوك عن نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
وقد أوصى "موراليس" خارجية بلاده بالبدء في عملية ‏التنسيق تمهيدًا لنقل السفارة، مؤكدًا على علاقات بلاده المتميزة مع الكيان المحتل منذ عقود وحتى اليوم، متجاهلاً بذلك حقيقة ‏الأوضاع في الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني ــ الصهيوني.‏
تجدر الإشارة إلى أن هناك تسع دول ‏بالأمم المتحدة صوتت لصالح قرار ترامب وهي: (هندوراس وإسرائيل وأمريكا وجزر ‏مارشال وميكرونيزيا وبالاو وتوجو وناورو وجواتيمالا). ‏
    كما يواجه المسلمون صعوبة في معرفة تعاليم الدين الإسلامي وفهم نصوصه، ويمثل التعريف بالتشريعات الدينية أهمية كبيرة لدى الحديث عن النساء وملابسهن، لا سيّما بسبب الصورة النمطية المغلوطة الناجمة عن الحجاب. وبالتالي لا نتفاجأ كثيرًا عندما نعرف أن الغالبية العظمى من الجواتيماليين يعتقدون أن كل مسلم إرهابي، وبالطبع يرجع ذلك بشكل أساسي إلى ما تبثه الكثير من وسائل الإعلام من مفاهيم مغلوطة حول الإسلام.
لذا يعد تصحيح المفاهيم الإسلامية وتوصيل الصورة الصحيحة للإسلام للشعب الجواتيمالي هي غايات نبيلة يجب السعي إلى تحقيقها، لأن ذلك سيسهم ـــ بلا شك ــــ في فهم حقيقة الإسلام ونفي العلاقة بينه وبين أي مظهر من مظاهر العنف والتطرف.

وحدة رصد اللغة الإسبانية

 

 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.