مخيم الهول.. يوقظ آمال "داعش" ويؤرق المجتمع الدولي

  • | الأربعاء, 21 ديسمبر, 2022
مخيم الهول.. يوقظ آمال "داعش" ويؤرق المجتمع الدولي


أُنشئ مخيم الهول أوائل عام 1991م لإيواء اللاجئين العراقيين إبان حرب الخليج الثانية، وأُعيد فتحه لاحقًا بعد تدفق المهاجرين العراقيين إلى سوريا عقب غزو العراق عام 2003م. وهو أحد ثلاث مخيمات على الحدود السورية- العراقية، ويضم أعدادًا كبيرة من اللاجئين بلغت ما يقرب من (54000) شخص، نصفهم من الأطفال دون الـ (12) عامًا الفارين مع عائلاتهم في المدة (2018- 2019م) بعد أن فقد تنظيم داعش الإرهابي آخر معاقله في الأراضي السورية. ولذلك يمثل هؤلاء الأطفال قلق كبير للمجتمع الدولي، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة وتحويلها إلى كارثة إنسانية وتهديد إرهابي خطير.
وكان اللواء "مات ماكفارلين" القائد الأمريكي في العراق وسوريا، قد أعرب عن قلقه الشديد إزاء سرعة تنامي أعداد اللاجئين بالمخيم، وتحوله إلى بؤرة خصبة للموالين لتنظيم داعش الإرهابي قائلًا:" يمكن لتنظيم داعش الإرهابي أن يبثَّ فكره وأيديولوجيته المتطرفة في عقول هؤلاء الأطفال". 
وينقسم مخيم الهول في الوقت الحالي إلى ثمانية أقسام ومُلحق أجنبي، تضم أربعة أقسام نحو (27) ألف مواطن عراقي، مقابل حوالي (18200) سوري بداخل الأقسام الأربعة الأخرى، إضافة إلى ما يقرب (8000) شخص من حوالي (50) دولة مختلفة بالملحق الأجنبي. وحلت روسيا في المرتبة الأولى من حيث أعداد اللاجئين بالمخيم ويقدر عددهم (1500) مواطن، تلاها الصين بنحو (1300) مواطن، ثم تركيا بحوالي (1100) مواطن. كذلك يضم الملحق الأجنبي أيضًا مجموعة من الأستراليين والفرنسيين والهولنديين والعديد من المواطنين الآخرين، بما في ذلك الأفراد الذين سافروا من دول أخرى للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي.
ووفقًا لمنظمة (أنقذوا الأطفال- Save the Children) المعنية بالدفاع عن حقوق الطفل حول العالم، وتقديم المساعدات الإغاثية للأطفال في البلدان النامية، تشرف قوات سوريا الديمقراطية على تأمين المخيم منذ العام 2016م، لكن سرعان ما تدهورت الأوضاع مع زيادة أعداد اللاجئين، وارتفاع معدلات العنف وجرائم التنظيم الإرهابي الوحشية، ما تسبب في تحول المخيم إلى أحد أخطر الأماكن على وجه الأرض.
مع هذا فقد تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، سبتمبر الماضي، من تنفيذ عملية أمنية شاملة عُرفت باسم (المطرقة الحديدية) بهدف طرد عناصر تنظيم داعش الإرهابي من المخيم؛ حيث تمكنت على مدى (24) يومًا من اعتقال حوالي (300) من عناصر التنظيم الإرهابي وقياداته، إضافة إلى أعداد القتلى، ومصادرة مجموعة من الأسلحة والقنابل اليدوية والمتفجرات كانت مخبأة في كهوف وحُفر بدائية. وخلال العملية لقى جنديان من عناصر قوات سوريا الديمقراطية مصرعهما وأُصيب اثنان آخران. وأكد اللواء (ماكفارلين) على دور عملية (المطرقة الحديدية) في الحد من أعمال العنف بشكل عام، وقال: "يستطيع أعضاء تنظيم داعش الإرهابي تهريب عدد من الأشياء داخل الطعام، وذلك عن طريق دفع رواتب لعدد من الحراس الموجودين".
مع هذا يخشى المسؤولون من تصاعد وتيرة أعمال العنف داخل المخيم مرة أخرى، لا سيما بعدما نشر موقع الواشنطن بوست نقلًا عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، خبر العثور على جثتي فتاتين مصريتين داخل أنظمة الصرف بأحد مخيمات اللاجئين شمال سوريا، بعد يومين من الإبلاغ عن اختفائهما. وهى الجريمة الأولى من نوعها منذ عملية تطهير المخيم (المطرقة الحديدية) إثر تكرار ارتكاب جرائم القتل، ويجري حاليًا بناء أسوار حديدية عالية ونقاط تفتيش حول المخيم لفصل الأقسام، وتعزيز الأمن الداخلي.
وحذَّر بعض من المحللين من عودة تنظيم داعش الإرهابي للظهور في العراق مجددًا بناءً على بعض المؤشرات والشواهد، مثل تصاعد وتيرة الهجمات جنوب غربي البلاد، والهجمات الانتحارية بالقرب من بغداد ومناطق أخرى من البلاد، فضلًا عن إحباط القوات الأمنية للعديد من العمليات الإرهابية. ووفق الخبير الأمني "فاضل أبو رغيف" المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، فقد بدأ تنظيم داعش الإرهابي في إعادة تنظيم ما تبقى من العناصر، وقال:" رغم خسارة التنظيم الإرهابي مراكز القوة الرئيسة عام 2018م تحت قيادة الجيل الأول من قادته، لكنه لا يزال يشكل تهديدًا صريحًا في بعض المناطق الأخرى مثل المدن الشمالية الواقعة بين محافظات صلاح الدين، وكركوك، إضافة لغربي الأنبار التي تعد معقلًا للتنظيم وتمثل تهديدًا أمنيًّا على نطاق واسع".
في السياق ذاته، أكدت قناة (فوكس نيوز) الإخبارية نجاح السلطات العراقية في تفكيك مصنع سلاح للتنظيم تخصص في تجهيز المركبات المفخخة والمدرعة؛ تمهيدًا على ما يبدو لاستخدامها في الهجمات الانتحارية في كركوك وغيرها. وفي لقاء على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي ٢٠٢١م، أكد "فؤاد حسين" وزيرالخارجية العراقي، أن عودة التنظيم تعد تهديدًا للعالم بأسره، وليس للعراق أو سوريا فحسب، مؤكدًا أن العديد من الدول لم تسترد رعاياها من معسكر الهول الموجود بسوريا - الذي يحتجز (57.000) من نساء داعش وأطفالهن - كما فعلت العراق.
من جانبه دعا مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، دول العالم للعمل على تجفيف منابع العنف والإرهاب، وغلق المنافذ التي تتسلل من خلالها التنظيمات الإرهابية إلى عقول وأذهان العديد من الأطفال والشباب، لا سيما الأطفال الذين يعيشون في المخيمات التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية، كما أن تعزيز الجهود الدولية في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية والتطرف وتعاون الدول استخباراتيًّا وعسكريًّا لا بد وأن يحول دون ظهور هذه التنظيمات في أماكن جديدة، أو على الأقل يحد من ظهورها. يُذكر أن المرصد كان قد حذر مرارًا من خطورة العائدين من داعش؛ إذ إن كثيرًا منهم يحملون أفكارًا مُتطرفة تضر بمجتمعاتهم وأوطانهم.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية
 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.