تتمتع منطقة بلوشستان، التي تمتد عبر أجزاء من إيران وأفغانستان وباكستان، بتاريخ طويل ومعقد من النزاعات السياسية والإقليمية، وتجدر الإشارة إلى انتشار العديد من التنظيمات الإرهابية في إقليم بلوشستان المقاطعة الأكبر في باكستان من حيث المساحة. ووفق بيانات وزارة الداخلية الباكستانية، يضم الإقليم حوال (13) حزبًا انفصاليًّا محظورًا، أبرزها جيش تحرير بلوشستان المصنف "تنظيمًا إرهابيًّا للقتل بِاسم العرق والدين".

ويرى البلوش المتمردون أن باكستان تحتل الإقليم، وينظرون إلى الجيش الباكستاني على أنه محتل لأرضهم وينهب خيراتها وفقًا لتصريحات مسؤولين في الجماعات البلوشية. وقد اتخذت القوات الباكستانية إجراءات مختلفة على مدار العقود والسنوات الماضية، فزادت قواتها العسكرية في إقليم بلوشستان مع احتياطات أمنية مشددة، خاصة لحماية المشاريع التي تعتبر جزءًا من الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، هذا إضافة إلى الهجمات والحملات العسكرية التي يقوم بها الجيش الباكستاني لمحاربة الجماعات البلوشية...

وسنحاول في هذا التقرير أن نلقي الضوء على أنشطة التنظيمات البلوشية المسلحة في النصف الأول من عام 2023م، وكذلك جهود القوات الباكستانية في مكافحة التطرف في الإقليم خلال النصف الأول من عام 2023م، داعمين ما نقول بإحصائيات وإنفوجراف...

• أنشطة التنظيمات البلوشية المسلحة في النصف الأول من عام 2023

أعلنت المنظمات البلوشية المسلحة عن 285 حادثة خلال النصف الأول من عام 2023. في هذه الحوادث، وقعت الكثير من الوفيات والإصابات والأضرار التي لحقت بالممتلكات.

نفذت جبهة تحرير بلوشستان (BLF)  "146" هجومًا أسفرت عن مقتل 29 مقاتلًا من صفوفهم في مقابل مقتل أكثر من "137" جنديًّا باكستانيًّا ينتمون إلى إدارات مختلفة، علاوة على ذلك، أصيب أكثر من "57" شخصًا وتعرضت الممتلكات أيضًا لأضرار جسيمة خلال تلك العمليات، وكانت جبهة تحرير بلوشستان قد نفذت العمليات في "50" منطقة موزعة على "10" مقاطعات، تركزت تلك العمليات في مناطق (كيتش، بنجور، واوران).

وكان جيش تحرير البلوشستان (BLA) قد أعلن مسؤوليته عن "118" هجومًا خلال النصف الأول من العام. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل أكثر من 98 شخصًا، بينهم أفراد من الجيش الباكستاني ومنظمات عسكرية أخرى. بينما أصيب أكثر من "116"، ووردت أنباء عن أضرار في الممتلكات في أكثر من "80" هجومًا، ومن الجدير بالذكر أن الهجمات التي قام بها جيش تحرير بلوشستان كانت أكثر من المنظمات الأخرى بينما نفذ جيش تحرير بلوشستان عمليات في 54 منطقة موزعة على 17 مقاطعة.

وأعلنت الجماعات المسلحة المتبقية، وهي جيش البلوش الوطني، وجيش البلوش المتحد، والحرس الجمهوري البلوشي، عن 21 هجومًا منفصلًا، وأسفرت هذه الهجمات المنفصلة عن سقوط أكثر من "19" قتيلًا، وقد تركزت هذه الهجمات في "10" مناطق مزعة على "8" مقاطعات، والجدير بالذكر أنه لم يسقط ضحايا تابعون لهذه المنظمات، وقد شكلت هذه المجموعات مجتمعة حوالي 8 في المائة من إجمالي الهجمات خلال النصف الأول من عام 2023.

• أنشطة القوات الباكستانية في بلوشستان، في النصف الأول من عام 2023

أما بالنسبة لجهود القوات العسكرية في مكافحة الخارجين عن القانون في الإقليم، فوفقًا للبيانات، استمرت العمليات العسكرية في جميع أنحاء بلوشستان خلال النصف الأول من هذا العام، وقد شارك في هذه العمليات الجيش الباكستاني والشرطة ودائرة مكافحة الإرهاب وغيرها من المنظمات العسكرية.

ويُظهر هذا الرسم البياني عمليات القوات الباكستانية في بلوشستان في النصف الأول من عام 2023. خلال حيث قد تأثر إجمالي 42 منطقة في بلوشستان بعمليات القوات الباكستانية.

وفيما يلي بيان بعدد العمليات والمدن التي شهدت هذه العمليات، فقد أجريت (41) عملية في تربت، و (36) في بولان، و (33) في بنجور ، و (30) في خضدار ، و (20) في قلات ، و (17) في كويتا ، و (14) في تمب ، و (11) في نوشكي ، و (11) في مستونج، و(10) مشكى.

وخلال الأشهر الستة الأول من هذا العام، نفذ الجيش الباكستاني ما مجموعه 361 عملية في بلوشستان، بما في ذلك 149 مداهمة و 113 حصارًا و 99 عملية عسكرية، فيما تضمنت هذه العمليات حصارًا للمناطق لعدة أيام، على سبيل المثال، شهدت مناطق بولان حصارًا لمدة 20 يومًا.

وفيما يتعلق بالعمليات وتوزيعها على الشهور الست الأول، فقد تم تنفيذ (40) عملية في يناير، و (50) في فبراير، و (65) في مارس، و (59) في أبريل، و (51) في مايو، و (71) في يونيو.

وفي الختام.. يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على أن أنشطة المنظمات المسلحة البلوشية كان لها تأثير عميق على الوضع الأمني ​​في بلوشستان، كما أن العدد الكبير من الإصابات والأضرار التي لحقت بالأشخاص والممتلكات يسلط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه قوات الأمن الباكستانية في المنطقة، ويشير  تنوع التكتيكات التي تستخدمها هذه الجماعات المسلحة، إلى مدى تعقيد الوضع في هذه المنطقة، ومن الضروري المراقبة عن كثب للإستراتيجيات المتطورة لأنشطة هذه الجماعات المسلحة على أساس يومي لفهم الوضع بشكل أفضل.